الحلقة (2) كان اللودر يسير ببطء ولكنه وصل بعد طول عناء وقبل ان يبدأ قام احد رجال القرية وهو كبير في السن بتهديد سائق اللودر وطلب منه الانصراف فكثر الهرج وتعالى الصراخ ( يجب ان يغادر حالا , بل يجب ان يبدا في العمل , انت متهور ولا تدرك ما سيحل بنا , بل انت تصدق خرافات ما انزل الله بها من سلطان , لا تكرر مأساة نسيناها من سنين , اكبر مأساة ان نصدق هذه الادعاءات ( انقسمت القرية الى عدة مجموعات مؤيد ومعارض ومحايد وكانت الغلبة للمعارضين وتقرر ان يعود اللودر من حيث اتى , اصبنا بخيبة امل كبيرة فقد كان يدفعنا الفضول لمعرفة ماذا يمكن ان يحدث وماهي المأساة التي يتحدثون عنها ولم نسمع بتفاصيلها . اما نحن فعلينا بعد صلاة الفجرمتابعة دراستنا لحفظ القران الكريم في مسجد القرية وبعد الصلاة اجتمعنا في حلقة حول الامام وبدأنا نقرا القران الكريم وفجأة سمعنا صوت اللودر فكثر الهرج وتلخبط القارىء وحاول الامام السيطرة على الامور ولكن لم تفلح محاولاته فقد اطلقنا سيقاننا للريح باتجاه الصوت وكان قد تجمع الشباب وبعض الرجال ممن لم يذهبوا للسوق وبعض النساء والفتيات والاطفال وسط القرية . وما هي الا لحظات وبدأ اللودر في العمل واخذ يجرف التربة قليلا من هنا وقليلا من هناك وفجأة حدث ما حذر منه اباؤنا فقد توقف اللودر عندما حاول الاستدارة واصبح في مواجهة المنزل وكان الجردل مرتفعا (الجردل هو الصندوق الحديدي الذي في مقدمة اللودر الذى يرفع به التراب والصخور) وعبثا حاول السائق تشغيل اللودر او انزال ا الجردل ولكن دون جدوى والاصوات ترتفع ( قال لكم العم سالم لاتفعلوا , بدأت اللعنة تحل بنا , اسكت يا جاهل هذا مجرد عطل ميكنيكي , انتم جهلة ) وفي غفلة ووسط هذا الصراخ اسرع بعض الاطفال نحو اللودر واخذوا يركضون حوله مرورا من تحت الجردل وفجأة سقط الجردل بدون مقدمات ليقضي على (اثنين من اطفال القرية) تعالى الصراخ وشقت صيحات النساء صفوف الرجال واخذن في النحيب والبكاء فشاركناهم نحن والاطفال هذا البكاء ومرت لحظات لم نتبين خلالها من الاطفال الذين قضوا في هذا الحادث المفجع حاول الرجال والشباب رفع الجردل يدويا من الاطفال دون جدوى حاول السائق رفعه مكنيكيا دون جدوى فاللودر لا يعمل فاشترك الجميع رجال ونساء وشباب وصبيان في الحفر لاستخراج جثث الطفلين تحت الجردل عاد الاباء من السوق والقرية لا تزال مجتمعة فذهلوا من هول ما شاهدوه ووسط هذه المأساة وقف العم سالم يصرخ ويردد :( احذروا يا مسلمون انهم قادمون ) اخذ يرددها ثم سقط مغشيا عليه ..مرت القرية بأيام اكتست فيها السواد وخيم الحزن على الجميع واوصدت الابواب وماتت الحركة في القرية ومنع الحديث عن هذا الموضوع بشكل صارم وبعد عدت ايام وفي وقت متأخر من الليل تعالت صرخات يتبعها صوت يردد (احذروا يا مسلمون انهم قادمون) ونظرا لهدوء الليل كان الصوت عاليا وواضح بشكل جلي اكاد اجزم بأن القرى المحيطة تسمعه فلا تلفزيونات ولا سيارات ولا ضوضاء ولشدة وضوح الصوت ادرك كل من في القرية انه العم سالم . .. .بدا يدور حديث في القرية حول انتقام سكان ( قصر الملوك ) ولكن العم سالم كان يعارض الاقتراب من قصرهم والخالة خضراء كانت ام احد الضحايا فكيف يتم الانتقام منهم ؟ .....يتبع