أصبح الصبح عليَّ وأنا في مدغشقر.. ما أصعب أن تفتقد وطنك حتي ولو في رحلة قصيرة. السفر عندي من زمان مساحة تفكير (وطنية) الوطن ولا شيء يعدل الوطن... قبل عقدين من الزمان كنت أتامل الوطن من روابي قرية يمنية تتنفس الهواء في أعالي الجبال، بدا لي القمر بوجه آخر.. كتبت تحت عنوان (للقمر وجه آخر) دفعت بها على ما أذكر لصحيفة يمنية، ووجدت لحظتها قبولاً.. قلت لمن أشادوا وأثنوا: الموضوع (ده) ما قصة، مجرد خواطر شاب مغترب، تأمل ملياً وجه القمر، تساءل لحظتها: ماذا لو كنت مستلقياً الآن في (مويس)، الحلة تلتحف الهدوء والسكينة والقمر يرسل سلاسله الذهبية على (رمال حلتنا) الفضية قتبدو للوحة وجه آخر من الجمال. كان ذلك زمان والآن (غشانا) زمان.. والشاعر يقول: (نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا).. خارج السودان (الألم) أكثر .. والوجع كذلك.. منتديات السودانيين تتحول لمنتدى (مقارنة) بين حالنا والآخرين .. النقاش يذهب دائماً لجلد الذات.. نحن الآن بين ردهات قمة (الكوميسا) .. أكثرمن (19) دولة أفريقية تبحث عن طريق (التكتل) عن واقع (أفضل) ..عالم اليوم. (قاسي) لا يرحم. لغتة القوة والمصالح. بذات لغة (بكري عوض) رد الله غربته (أنت يا قالع يا مقلوع) وسط كل (حيتان العالم) يبحث أفارقة شرق القارة عن وحدة تجمعهم وعن تكتل يقيهم. شر (رياح العولمة) التي لا تعرف مفردة (يمة أرحميني) لا أريد أن أذهب بعيداً عن الموضوع (الرئيسي) خاطرة من أجل الوطن. وأعود حيث نجلس الآن مجموعة من السودانيين، جئنا في فترة الاستراحة (للغداء)، أغلب الناس هنا يأكلون على عجل وعلى انفراد، وبتركيز شديد على (الصحن) و(الشوكة) و(السكين) وعلى الكوب و(القزازة) إلا نحن القادمون من أرض (السؤدد) نأكل (بمهلة) وبشهية (نص) مفتوحة، نأكل ونتكلم و(نقطع)..وتستغرقنا في لحظة واحدة اللقمة والضحكة، ونكاد (نشرق) - بفتح النون والراء) ونحن جلوس، تعرفنا على شابة سودانية تعمل مترجمة، نبحث عن الصور المشرّفة ونفرح عندما نرى أبناء جلدتنا يناطحون ويصارعون لإثبات الذات في محيط منظمات المجتمع الدولي الذي لا يعترف بغير الكفاءة سبيلاً.. ناقش (برلمان الغداء) الوجود السوداني في المنظمات الدولية، ووجدت الرقم ضئيلاً ولا يتناسب مع امكانياتنا وقدراتنا الذاتية وسمعتنا العلمية التي كانت. على سبيل المقارنة هناك دول من حولنا وأقل منا في أي شيء (تحشر) ناسها في مثل هذه المنظمات والمؤسسات ..وتفعل كل شي وبأي (شيء) من أجل هذا الهدف، صوبنا سهامنا نحو نظام تعليمنا الذي يحتاج ل(ثورة) في المناهج تعيد (للسوداني) مجده التعليمي التليد، وقلنا على الحكومة وضع استراتيجية (قومية) لهذا المبحث، ولبني (وطني) علموا أجيالنا الحديثة لغتين، (ثلاثة) عربي (الخرطوم) ما بوكل (براه) عيش في عصر (العولمة)..