ونحن نحتفل بالذكرى (55) للاستقلال المجيد، نجد أنفسنا في حاجة لمراجعة الكثير من حساباتنا في شتى المجالات، وبالأخص المجال الرياضي الذي ما زلنا نرزح تحت احتلال سلبياته التي لا تحصى ولا تعد، والتي تظل علامة سوداء في وجه الوطن الجميل، فهذه السلبيات خصمت كثيراً من الوطن والوطنية، وليس أدل من استخفافنا بالجنسية السودانية التي هي رمز عزتنا وهويتنا، وإن لم يحرك ما قلناه من قبل ساكناً، فهذا لا يعني أن نصمت، خاصة بعد أن وضحت نتائج تجارب سابقة لنا في منحها لمجموعة من الأجانب، نسميهم محترفين، كل هذه التجارب أثبتت فشلها الذريع، وأثبتت أننا لا نتعلم من تجاربنا، وأكدت أننا الوحيدون من بين كل دول العالم نمنح الجنسية بكل سهولة وبهذه العددية الكبيرة، دون أن نسأل أنفسنا ماذا أعطانا من منحناها لهم من قبل، وهل كانوا بقدرها وأعطوها حقها، والسؤال المهم: ماذا أعطتنا الرياضة وبالأخص ناديي الهلال والمريخ، وبوجه أكثر خصوصية المريخ أكثر الأندية السودانية تجنيساً للاعبين وأسرعها استخراجاً لها بما يتمتع به رئيسه من سلطة. حقيقة نخاف على عزيزتنا الغالية الجنسية السودانية، أن تصاب بالهوان والضعف في ظل تجارب فاشلة خصمت منها الكثير لدرجة أنها عرضت على محترفين فرفضوها، وآخرين قبلوها بعد مفاوضات متواصلة، ليس من أجلها ولكن من أجل الدولار الذي أصبح في عالم رياضتنا (سائباً) يمنح دون رابط أو ضابط في ظل أوضاع اقتصادية آثارها على وجوه معظم البيوت، وبهذا يصبح الجرح جرحين، والألم ألمين، هواناً لغاليتنا وتبديداً لأموالنا، وأهل الحل والربط لا يتعظون، وحتى لا يكون حديثنا مجرد إنشاء وكلام والسلام، دعونا نتساءل: كم أجنبي منحناه الجنسية.. وماذا كانت النتيجة، وكم من الملايين صرفتها أنديتنا.. وما هو مردودها؟.. وكم من محترف (قبض) الملايين دون أن يقدم لنا شيئاً، إما نتيجة اختيار خاطيء أو نتيجة جهل من رؤساء الأندية والإداريين بقوانين الرياضة؟! لماذا نكون الوطن الوحيد في العالم الذي يمنح هويته بكل هذه السهولة، ولماذا لا نرى الدول من حولنا وكيف تمنح جنسياتها لمن يستحقون ومن يحققون لها الإنجازات في المحافل العالمية وليست المحلية؟.. نرجو ألا يخرج علينا رئيسا المريخ والهلال ليقولا لنا إن الهدف من تجنيس الأجانب هو تطوير اللعبة وتحقيق البطولات الخارجية للوطن، وإن تبديد الأموال دون حساب من أجل مصلحة الوطن، فهذا حديث مردود عليهم بنتائج تجاربهم. رسالتنا نوجهها للمعنيين بالأمر، بأن تشكل لجنة لدراسة تجاربنا السابقة في منح الجنسية السودانية للاعبي كرة القدم الأجانب، ففي هذه الدراسة الخبر اليقين، وفيها الدروس. إنها جنسيتنا التي نباهي بها الأمم والشعوب فكفاها ما تلاقيه، وكفانا ما لقيناه من الهلال والمريخ.