بالأمس أشرت الى شبهة حول مخالفة المسؤولية الجنائية لرئيس التحرير الواردة فى قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009 للشريعة الإسلامية والشبهة آتية فى أن رئيس التحرير يتحمل جناية الغير والتي لايجوز شرعاً أن يتحمل مسلم جريمة أو جناية شخص آخر أو أثمه . وواقع الحال يقول أن تحمل رئيس التحرير لجنايات الصحفيين والكتاب وأهل الرأي من القراء أضر بالصحافة السودانية ضرراً واضحاً إذ المتصفح لتقارير أعمال لجنة الشكاوي بالمجلس بعد الحاق نص المسؤولية الجنائية لرئيس التحرير فى قانون 1999 ولم يكن من قبل ذلك هذا النص الخاص بمسؤولية رئيس التحرير التقصيرية أو الجنائية معروفاً فى قوانين تنظيم الصحافة سواء فى الفترات التى سبقت قيام الإنقاذ أو أول قانون لتنظيم الصحافة فى عهدها عام 1993أو قانون1996الذى أعقبه تقول هذه التقارير أن هناك عدد محدود من الصحفيين يشكل معظم مايكتبونه جريمة نشر لما فيها من سب وقذف وتحقير وأن صحفياً واحداً قد يكون تسبب فى تعليق صدور أكثر من صحيفة بل وقد تؤدى مقالاته وكتاباته الى إغلاق أكثر من صحيفة فمثل هذا الصحفي يعلم أنه مهما كتب قادحاً أوخادشاً فأن المسؤولية العظيمة هى على رئيس التحرير وعلى الصحيفة وأن قانون الصحافة السودانى لايعاقب الصحفي بل يعاقب الصحيفة وأن موضوع عقاب الصحيفة صار من المناطق المحرمة التى لاتجرؤ التشريعات المعاصرة على إيراد أى نص يعاقب الصحفي لمخالفة ذلك للمواثيق والعهود الدولية وأن القبض على الصحفي لايجوز بشأن أى تهمة تتصل بممارسته لمهنته الصحفية إلا بعد إخطار الاتحاد العام للصحفيين السودانيين كتابة . وقد قضيت بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية مايزيد عن السبع سنوات فما صدرت أى عقوبة أو جزاء ومن أى شكل من أشكال العقوبة على صحفي مهما ارتكب من الاثام والخطايا فى عمله الصحفي ومهما جلب من ضرر أو أشان سمعة فكل الجزاء يقع على الصحيفة وعلى من لم يجبر ضرره من جزاءات المجلس اللجوء الى المحاكم لمحاكمة الصحفي بالقانون الجنائي أو أى قوانين أخرى . هذا هو القانون الذي ينظم العمل الصحفي فى السودان وهو قانون متوافق مع المواثيق والعهود الدولية التى وقع عليها السودان والتزم بها وهو أمر محمود أن تتسق القوانين الخاصة بحرية التعبير مع هذه العهود ولكن من الجانب الآخر أين مسؤولية الصحفي الاجتماعية تجاه قرائه ومتلقيه بل وأين المسؤولية الأخلاقية للصحفي تجاه صحيفته التى يستطيع مجلس الصحافة تعليق صدورها لمدة ثلاثة أيام فى القانون الحالي ولمدة اسبوع فى القانون السابق بفعل ماحرره صحفي من مادة يشكل نشرها جريمة وتعليق صدور صحيفة ليوم واحد يجلب عليها خسائر مادية تتحملها الصحيفة ولايتحملها الصحفي . مسؤولية رئيس التحرير الجنائية ومسؤولية الصحفي فيما ينشر تتطلب كما ذكرنا بالأمس نقاشاً فقهياً قانونياً وذلك للنظر فى هذه المادة فى قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية الساري وأن ترك رئيس التحرير يواجه مصيره لوحده من قفص الى آخر ومن استدعاء الى إستجواب فى النيابات لن يؤدي إلا الى المزيد من جمود العمل الصحفي وعدم انطلاقه .