لايزال أحمد إبراهيم دريج الذي حكم دارفور في سبعينيات القرن الماضي يمني النفس بالعودة الظافرة على سنان التمرد العسكري، وفي نفس د. التجاني سيسي حاكم دارفور حتى 1989م شيء من الرغبة في إعادة عقارب الساعة للوراء، حتى علي شمار، وآدم الطاهر حمدون، وصالح عبد الله، ونصر الدين محمد عمر، وأمين بناني نيو، من رموز قيادات دارفور الإسلامية أخذت فرص عودتهم لواجهة الأحداث في التلاشي مع صعود تيارات جديدة من الشباب لقيادة دارفور. مئات القيادات البرلمانية في المجالس التشريعية الولائية والمجلس الوطني، اختارتهم قواعد دارفور لتمثيلها في البرلمانات ومنحوهم الثقة في الحديث باسمهم، وتجربة الحكم والسلطة في دارفور فرخت هي الأخرى وزراء جدد ومعتمدين، من الشباب الذين قادوا العمليات العسكرية في حقبة الجهاد بالجنوب، ومن تصدوا لتمردات الحركات المسلحة في الاقليم، وآخرين كانوا يحملون السلاح في مواجهة الإنقاذ فأصبحوا يحملون السلاح دفاعاً عنها. تغيرت دارفور وتبدلت وأصبح د. فرح مصطفى وريثاً لموقع د. علي الحاج في الحكومة المركزية، وزعيماً لعشيرته الفور، يؤدي دور الراحل أبَّو منصور، والدمنقاوي فضل سيسه.. فالحياة تتغير والمناخ يتبدل، ومن كان صغيراً في سنه شاخ وهرم، ومن كان يملك القرار ويصنعه أضحى مراقباً للأوضاع، وفي الحكومة الاتحادية اليوم شباب من دارفور يكتبون الفصل الجديد من التاريخ، ويقدم الدكتور فضل عبد الله وزير الدولة بالتجارة نفسه كقيادة سياسية، واقتصادي ينتظره مستقبل على صعيد دارفور، حيث نافس في دوائر حزبه الوالي عثمان كبر، وكان قريباً من الظفر بمقعد مرشح الوطني لانتخابات الوالي، لولا اعتبارات التدرج الإداري المطلوب، ولأول مرة في التاريخ تسند حقيبة المالية منذ عهد المهدية وخازن مالها حسين ود الزهراء، وحتى الديمقراطية الثالثة لم تضع حكومة ثقتها في واحد من أبناء دارفور وتسند اليه مهام أمانة المال إلا علي محمود عبد الرسول، كما أسندت العدل للسلطان دوسة. وفي دوائر المجلس الوطني جاء حسبو، وحبيب مختوم، وأحمد قرشي، وشباب يمثلون دارفور خلفاً لشيوخ الحركة الإسلامية القدامى، كالتجاني سراج، والمهندس السليك، وصالح أمبرو، ولكن أهل الكهف من زعماء المعارضة يتحدثون عن د. آدم مادبو وزير دفاع السودان عام 1967م، ود. علي الحاج محمد الوزير الاقليمي عام 1980م، والشيوعي صالح محمود، وحتى مسار، ونهار، أضحى تأثيرهم محدوداً ووجودهم على صفحات صحف الخرطوم أكثر من الواقع الذي تبدل وتغير، وخارطة دارفور الجديدة جاءت بموسى هلال زعيم قبيلة المحاميد، وجاءت بجعفر عبد الحكم من شرتاوية الفور لقيادة السلطة الانتقالية، ليصبح رئيساً على السلطان عبد الحميد في نيالا، والزعيم كبر في فاشر السلطان، ويجمع الشرتاي جعفر الأخت وعمتها قيادة الولاية وقيادة السلطة الانتقالية، ولكن من لا يعترف بالواقع الجديد في دارفور يخطئ التقدير، ويخطئ قراءة الخارطة الحالية، حيث بدأت العافية تدب في أوصال الاقليم الذي يصغي لقنوات التلفزة، وإذاعات الدنيا البعيدة ليعرف أخباره وأوضاعه عند الآخرين.. أما الواقع فقد تبدل للأحسن على الأقل في الشهور الأخيرة من خلال مشاهدات زائر للولايات الثلاث الاسبوع الماضي.