تعج الساحة الفنية بالعديد من الألقاب الوهمية التي تطلق على المطربين الشباب، وهم بعيدون كل البعد عنها مثل القيصر والأمبراطور والملك وغيرها، وإذا كان مصدر هذه الألقاب الجمهور فلا مانع عندنا لأنها تعني رسوخهم في الساحة الغنائية وشكلوا إضافة لها وعبّروا عن أنفسهم وعن جيلهم بالصورة المثلى، ولكن الحقيقة هي أن من يطلق مثل هذه الألقاب المضحكة هم بعض الصبية الذين يقفون خلفهم وينبهرون بهم، فمن ينظر للساحة بتمعن يتضح له ذلك جلياً، فالمطربون الشباب لم يضعوا حتى الآن بصمة واضحة في مسيرة الأغنية السودانية، فأعمالهم ضعيفة للحد البعيد ويعيشون حتى الآن على أعمال من سبقوهم في هذا المجال وتضرروا بذلك من خلال استخدام القانون ضدهم، وأصبحنا نطالع أخبار دخولهم لساحات المحاكم متهمين بترديد أغنيات الغير بصورة مستمرة وإن صح التعبير بصورة (كارثية)، فبدلاً من أن نطالع أخبار جديد أعمالهم أصبحنا نطالع أخبار فرض العقوبات عليهم ومنعهم من ترديد العديد من أعمال الغير التي تضرر أصحابها من ذلك كثيراً، مع العلم بأن هذا القانون الجديد يساعدهم ويفتح لهم الأبواب لتقديم أعمالهم الخاصة ويدعمهم.. مؤكد أن هذا الكلام لا يشمل كل المطربين الشباب فهنالك قلة منهم تعمل وتجتهد لنحت اسمها في الساحة الفنية ونجحت في ذلك لدرجة بعيدة. وحقيقة ما ساقني للتطرق إلى هذا الموضوع هو التصرف المؤسف والمحبط الذي أقدم عليه الفنان الشاب أحمد الصادق خلال وصلته الغنائية في أماسي أم در الموسيقية بالمسرح القومي بأم درمان بدخوله للمسرح محمولاً من بعض الشباب على (كرسي أباطرة زمن الغفلة) ليؤكد لنا بأنه إمبراطور الغناء السوداني - سبحان الله - فعلى ماذا تستند أمبراطوريتك المزعومة يا ود الصادق، وماذا قدمت للأغنية السودانية حتى الآن سوى آخر تقليعات (فلفلة وسبسبة الشعر)، أم أن العمود الفقري لهذه الإمبراطورية يتمثل في رائعتك (اشتقت ليك يا منقة) وعلى ترديد أعمال الغير التي أرهقتك بالدخول لساحات المحاكم كثيراً وخصمت من رصيدك مما يعني عدم وعيك وامتلأكك لرؤية فنية واضحة تسير عليها، وأصبحت تؤكد في كل يوم يمر بأنك فنان صاحب أفق وفكر محدود من خلال تجربتك الفطيرة التي تذبل مع الأيام، فهل صدقت بعض الآراء من بطانتك التي تحاصرك وعشت معها وهم النجومية الزائفة حتى تقدم على هذه (التقليعة) الغريبة والدخيلة على المجتمع السوداني، فكما قال الأستاذ طارق شريف إن هذا التصرف فيه استفزاز للجمهور الذي جاء من أجل الغناء وليس لتحية الإمبراطور وتقديم فروض الولاء والطاعة، وهذا التصرف لا ينسجم مع طريقتنا السودانية المبنية على التواضع والإلفة والود بين الناس. فهل أنت يا أحمد الصادق أفضل من صعد على خشبة المسرح القومي الذي تغنى فيه رموز الأغنية السودانية الذين تردد أعمالهم حتى الآن، بل حتى تغنت فيه (كوكب الشرق) أم كلثوم بكل ألقها وبريقها، فأين أنت بتجربتك الفطيرة من كل هذه القامات وعليك أن تستيقظ من هذه الأوهام. قد يرى الكثير من الفنانين الشباب ومنهم أحمد الصادق وأخوه حسين الذي خرج بتقليعة (الونش) بأننا نكسر مجاديفهم ونقف عائقاً أمام مشوارهم الفني لسطحية تناولهم للأشياء، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، ونحاول أن نوضح لهم بأن جمال الصوت وحده ومثل هذه التقليعات الغريبة لا تصنع فناناً، لذلك عليهم بالاجتهاد أكثر في تطوير مسيرتهم ووضع تخطيط ورؤية لمشوارهم الفني كحال الفنان النجم طه سليمان وشكر الله عز الدين وغيرهما، حتى لا يخرجوا علينا في الغريب العاجل بأسطوانة المغني معتز صباحي الشهيرة (خفافيش الظلام).. والله من وراء القصد.. خارج النص (المتصاحف) أزعجنا بكتاباته التي ينقلها أو يكتبها له أحد نيابة عنه - والله أعلم - لأن ثقافته التي نعرفها ويعلمها الجميع تغوص في بحور الضحالة، وكما قال بلسانه إن المقارنة بينه وبيننا معدومة سناً وتجربة، فقد صدق في ذلك، لأن الدهر أكل عليه وشرب ومازالت تجربته فطيرة ولم تتوفر فيه حتى الآن شروط ممارسة المهنة، فإذا دخل معنا في تحدٍ معني فلن يصمد طويلاً، وإذا اتجه لأسلوب نشر الغسيل الذي لا يشبهنا ولا يشبه أسلوبنا وتربيتنا، ولكن إذا دفعنا إليه فمرحباً به فغسيله كثير عندنا، ولن نتوانى أبداً في نشره حتى ننظف الساحة منه ومن أشباهه من (خفافيش الظلام).. وأنصحك بالاحتفاظ (بنعالك) التي رفعتها لنا لأنك في أشد الحاجة إليها (ولاَّ شنو).. ولو ما بتقدر لي خلي اللعب بالنار.