الرجل الحصيف الذي يلعب ب(البيضة والحجر).. والذي ظل ممسكاً بالملف الأخضر سنين عدداً، وعمل على إبعاد الجنرال صاحب التجربة الانتقالية عن سدة الأمانة العامة للجان إياها، والذي تراجعت في عهده العضوية حتى وصلت درجة أن يتم إرسال حافلة واحدة حمولة (24) راكباً لجمع العضوية للمشاركة في المؤتمر العام.. هذا الرجل الحصيف الذي يبدو عليه الوقار والجدية يقول المقربون منه إنه أخذ يهتز ويتضعضع بعد الضربات المتوالية التي ظل يتلقاها القائد الذي جن جنونه بعد الخروج عن طوعه وفكره وخطه الأخضر.. وبعد أن تم تجاوز الخطوط الحمراء، وقال أحد الخمسة الذين معه في ذات المكتب داخل الشقة المطلة على العمارة الكبيرة والمشهورة قريباً من الكوبري العريض الرابط بين المدينتين، قال إن عدوى الربكة انتقلت إلى الرجل، وسمع راصد بيت الأسرار من يقول بأن الرجل طالب جماعته بالدفاع والاستماتة عن القائد المزمن، وقال لهم: (إحنا لازم نبيّن للناس إنو اللي بيحصل هناك غلط ومؤامرة.. ثم إنو المؤامرة دية لو نجحت.. إحنا هنروح فين؟).. وخرج راصد بيت الأسرار بعد أن لف الصمت المكان. و.. التغيير واجب وطني! حتى أيام قليلة كان أمر التغيير مقتصراً على الأمين الذي يجلس على رأس الجهاز المضيء الخطير.. وتردد بصورة شبه مؤكدة اختيار الدكتور حامل الدرجة الرفيعة ليشغل المنصب الذي سيخلو بمغادرة الرجل، لكن ومنذ ليل أمس الأول راجت أحاديث أخرى ربطت ذهاب الأمين بذهاب الرجل الأول في المرفق الذي يتبع له، على قاعدة أن الخلاف داخل الهيكل الواحد بين أي اثنين يطيح غالباً بطرفي الخلاف معاً.. ولا زال راصد بيت الأسرار يحاول اختراق الجدر لمعرفة الحقيقة التي ثبت أنه لا يعرف حتى الآن إلا نصفها فقط.