إذا نويت أن تشتري من حرِّ مالك سيارة مهلهلة ، أو جوال بصل فإنك حتما ستواجه بطابور من السماسرة يتبعك، وما تنفك حتى(تدفع) مبلغا يصل أحيانا إلى ربع ما تدفعه من أجل السلعة. بالطبع .. ستجد نفسك مضطرا لقبول الواقع المر ولسان حالك يقول: (عاوز أخلص) ،،، الغريب إن مرض السمسرة لم يقتصر على الرواكيب الصغيرة في الدلالات وشوارع الأسواق الخلفية بل أصاب بعدواه جهات أخرى يتصدرها العقار الذي قد لا تبدو السمسرة فيه ، رغم كراهتها، أمرا مستهجنا كما هي في تأشيرة جواز سفر لأحد أبناء البلد العاملين بالخارج. بدأنا نسمع عن تنظيم الأسواق .. الذي يعني المسؤولون به تجميلها في الغالب ،، وإن كان جمال الأسواق مطلوبا إلا أنه ليس قبل حماية المستهلك التي يجب عليها أن تدرأ عن المواطن محاولات الابتزاز ، فالسمسرة إن كان لابد منها فيجب تقنينها بشكل لا يتأذى منه المواطن كثيرا. لا أجد أدنى مبرر لسكوت جهاز السودانيين العاملين بالخارج بتعدد الوسطاء بينه وبين رعاياه الذين ائتمنوه على رقابهم سوى إضافة الأعباء على كاهل شريحة باتت في هذا الزمان صنفا من مستحقي الزكاة بعد أن دفعوا من البدائل ما لا يعوَّض من أعمارهم وطموحاتهم فغابوا عن المكان والذات معا لإعالة الأسر في البلاد يوم كان الفقر ظلا لأهلنا البسطاء... ما إن يقترب من مكاتب الجهاز في نهاية إجازته بعد أن استنفد ما في جيبه في صلة الأرحام يتلقفه السماسرة من رجال ونساء سمح لهم الجهاز بممارسة نشاطهم حول مبناه لا لشيء سوى أنهم خبِروا مراحل الإجراء الذي كان يمكن للجهاز تبسيطه للمغترب مباشرة دون وسيط. {مامعنى أن تفتح مكاتب وتمنح تراخيص للوسطاء بين المغتربين الكادحين وجهازهم الذي كان الأجدر به أن يحميهم من جشع التجار الذين بعلاقتهم يستطيعون تأجيل ما يتعذر فعله دونهم،، وهنا يطل سؤال: لماذا مايتم بالسمسار لا يتم بالمغترب نفسه؟ وإن كان يتم، فلماذا الوسيط؟ ومن أين له أن يتقاضى أجرا أي أجر دعك عن مطالب تصل لمئات آلاف الجنيهات. إن قيل أين ستعمل اللاتي يرتدين أزياء مميزة، يبدو أن موظفي الجهاز حددوها لهن ، إن أقرت الدولة إغلاق المكاتب الوسيطة أو الحد منها فأقول إن المغترب أحوج منهن لرياله المر. علاقتي بالاغتراب أصبحت كعلاقة الحراز بالمطر لكني أكتب عن معاناة تجرعت مرارتها واكتويت بجمرها،، والجبايات شعبية كانت أم رسمية فوق طاقة الناس وإن سكتوا.