ما بين مروى و دنقلا تقع (القدار) مسقط رأس فقيدنا الراحل الشهيد الزبير..ولد فى العام 1944م .. جاء إسمه تيمنا بالصحابى الجليل الزبير بن العوام(وكان من بعد سمى إبنه عروة)..شب ما بين تلاوة القرآن و أعمال الزراعة و شقاوة الأنداد..صار مصدر فخر لوالديه و أهله ومنطقته وهو فى الثامنة من عمره عندما دخل مع الطلبة القلائل الى مدرسة القولد الأولية ومن ثم القولد الأميرية الوسطى .. و التى كانت إحدى المدارس المميزة المعدودة على أصابع اليد بالسودان ومنها إنتقل الى وادى سيدنا الثانوية فى يوليو 1960م والتي كانت ثالث ثلاثة مدارس ثانوية بالسودان الى جانب(حنتوب خور طقت) .. فى مارس 1964م تخرج من الثانوية و كان خياره الكلية الحربية(مصنع الرجال و عرين الأبطال) وهناك التقى بصديقه و رفيق دربه (عمر حسن أحمد) .. لتنشأ علاقة ذات عرى وثيقة.. تخرج من الكلية الحربية ليعمل بالقيادة الشمالية(شندى) والقيادة الشرقية (لقضارف بورتسودان)والقيادة الجنوبية(أعالى النيل) وبسلاح النقل و سلاح الصيانة .. نال دورات متخصصة فى روسيا والمانيا و مصر .. حاز على العديد من الأوسمة العسكرية(وسام الوحدة الوطنية وسام الصمود وسام الجدارة من الطبقة الأولى وسام الخدمة الطويلة الممتازة وسام الثورة).. وعند إندلاع ثورة 30 يونيو كان نائب رئيس مجلس قيادة الثورة و نائب رئيس مجلس الوزراء وتولى حقيبة الداخلية والإشراف على أهم المشاريع الإستراتيجية على طول البلاد وعرضها(ثورة التعليم العالى الحكم الإتحادى الفدرالى صندوق دعم الطلاب صندوق دعم الولايات الطرق القومية العلاقات الخارجية) وفى العلاقات الخارجية تحديدا تولى أصعب ملفات المصالحة مع المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية فى أوج أيام المقاطعة، وكان النجاح الباهر فى إعادة المياه الى مجاريها حليفه .. صال وجال فى كل بقاع و أصقاع السودان .. سهولا ووديانا وصحارى وغابات .. تسبقه سيرة عطرة .. وسمات الرجال العظام .. فعنقه المشرئب وقامته الممتدة ونظره المصوب الى الأفق امامه تشير الى عزة نفس وثقة بالله القادر على كل شىء وأن لا قادر إلا إياه.. إسلوب حديثه المحبب .. بساطة تعامله..شجاعته الناصعة..بسمته النقية الصادقة..مشيته المهيبة..تواضعه المبهر(يا إخواننا نحن ناس مساكين.. أنا أبوى ترزى .. وأحسن أكل عندى فتة العدس.. وأنا يا جماعة بدون مبالغة تربية داخليات وعسكرية) .. تهذيبه الجم .. حضوره الهائل .. مقولاته البسيطة العميقة(الشىء ده نحن مارقين ليهو..(ويعنى الموت حين حذروه من زيارة الى مناطق غير آمنة)..(الما بحسن علاقته بالمسجد ما بيرتاح فى حمد النيل) .. مواقفه التلقائية الراسخة.. كل هذه الصفات إجتمعت لتجعله مستحقا للوسام الرفيع(حبيب الشعب من الطبقة الأولى).. قلدوه ذاك الوسام فى كل لقاءاته الجماهيرية التى لم تشهد لها مثيل .. وكان التقليد العظيم والآخير .. حين إنتقاله الى مثواه الآخير .. والذى كان يوما صعبا مشهودا .. فاضت فيه ساحات القرى والأحياء والمدن داخل السودان بالمحزونين .. وضاقت اماكن تجمعات الجاليات خارجة من المفجوعين .. كان تشييعه حدثاً أليماً عظيماً.. حدث إنفطرت له القلوب ونزفت .. ولا زالت كلما ذكرته ... وأنى لهم ان ينسوا.. رجلاً بقامة الأماتونج .. وبهمة القاش .. وسماحة جبل مرة .. وعطاء الفيضان .. أنى لهم !! .. .. أسمعوا اخي(جمعة دينق) من البيبور يقول لإحدى الصحف السودانية عن الشهيد الزبير:(انا شفته زبير ده فى حته .. ما يجيهو إلا سودانى صاح .. زول تمام .. زول عايز يخدم بلد ده .. زبير شاف حرب عمل شنو فى جنوب ..زبير مره جا بيبور .. وكت داك بيبور ما فيهو عسكرى واحد من قوات مسلحة .. شوف .. زبير نزل من طيارة أول زول .. بعدين طوالى دخل يرقص مع قبيلة مورلى .. ناس كلو بقى مبسوطين و فرحانين .. أولاد صغار بتاع مورلى .. قالوا زبير ده خلاص بقى من مورلى) .. و اخى جوزيف دينق يقول عنه:(جنوبيون كلو .. أول مرة يحس إنو فى زول عايز سلام جد جد .. زبير جانا دخل جوه غابة .. قابل ناس حركة .. زول ده عشان سلام .. ما بعاين لى روح بتاعو .. ما بخاف على نفسو .. زبير بعداك بقى حاجه كبير فى عيون جنوبيين كلهم) .. ..ألا رحم الله الشهيد الزبير و صحبه .. رحمة واسعة .. إتساع هذا الوطن.. الذى شهد بحسن سيرتهم و سريرتهم.. .. مؤسسة الزبير الخيرية .. نشات فى عام إستشهاده لتحمل إسمه و تخلد ذكراه .. تكفل اليتامى .. وتكسو العراة .. و تساند الأرامل .. وتنجد المستغيث .. تشيد مساجد العبادة .. وتحفر لمياه الشرب .. عطاؤها إمتد الى (راجا و الضعين) وإلى(طويلة وشكشكو) والى(ككا ودبروسة) والى(همشكوريب و أروما ) داخليا.. والى(فلسطين والجزائر وكوسوفو والهند وباكستان وايران وسيرلانكا وموزمبيق وأثيوبيا واليمن) خارجيا ولو كان بنا خصاصة.. أنتج ذلك حصولها على وسام الحماية المدنية بدرجة فارس من المنظمة العالمية للحماية المدنية بجنيف، ووسام الأنجاز من السيد/ رئيس الجمهورية وتمكنها من نيل عضوية المجلس الإقتصادى والأجتماعي للاتحاد الأفريقى كممثل للمنظمات الطوعية في السودان ونيلها الصفة الإستشارية بالأمم المتحدة كمنظمة طوعية دولية. .. هاهى تحتفل بذكرى تأسيسها الثانية عشر المتزامنة مع ذكرى الإستشهاد.. ولأنه الزبير لا غيره .. هيأت لزواج جماعى مشهود .. وكفالة اكثر من ألفى يتيم .. وإنطلاقة اكثر من مشروع إنسانى إستراتيجى .. .. وهاجر سليمان إذ تنتحب بإسم حرائر السودان تقول .. كن مثلما كان الزبير.. مجاهدا ورعا .. صبارا وذاكر ... .. بل ذاك نهر كالزبير .. معبأ بالخير ثائر ... .. عرف الزبير مجاهدا جلدا .. وجنديا مثابر ... .. وراه الناصر الغراء .. تبحث عن مناصر ... .. والأرض والأجواء فائرة .. وكأس الموت دائر.. .. رغم التوجس و التخوف و المحاذير الكثيرة.. والمخاطر ..ما كان يحجم أو يحاذر ... .. يا نهر حقا .. ثم شىء فى الفتى الممشوق آسر ... الصدق.. و الإقدام .. والإيمان .. والوجه المباشر ... ü مدير الاعلام بمركز الشهيد الزبير