الأمن لغة تقيض.. الخوف، ويقابلها باللاتينية كلمة «SECURITAS»، ومعناها الطمأنينة والثقة وهدوء النفس الناتج عن عدم الإحساس بالخوف من كل ما يهدد الإنسان في نفسه أو ماله أو عرضه، سواء من الأخطار العمدية أو غير العمدية، طبيعية كانت أم بشرية. والأمن قد يكون أمن فرد، وهو ذلك الإحساس الذي ينتاب فرداً بذاته، فلا يخاف خطراً ما نتيجة قدرات خاصة به، وقد يكون أمناً عاماً، وفيه يشترك كل الناس بالإحساس بالطمأنينة نتيجة لإجراءات تتخذها الجماعة. أما الأمن القومي فيقصد به أمن الوطن ذاته، بمعنى أنه ضد الخضوع لأي قوة أو سلطة أجنبية، وهناك العديد من المشاكل والقضايا التي تحتاج في حلها إلى نوع معين من أنواع الحوار، وذلك لتشابك المصالح السياسية والاقتصادية والأيدلوجية به وتصادمها أحياناً، ولهذا فقد يسلتزم الأمر أن يكون الحوار بين جميع الأطراف حواراً بالسلاح في أقصى صورة، وقد يكون حواراً بالمال في أبسط صورة. ولصعوبة هذه الحوارات اتجهت الأطراف المتحاورة لنوع آخر، ألا هو الحوار بالكلمات، وهو أرقى أنواع الحوارات وعلاقة بارزة في طريق التقدم الحضاري، وحينما يصبح مكان الحوار هو الحرم المقدس الذي تصل إليه جميع الأطراف بمشاكلها وقضاياها، وحينما تهدد الجريمة والعنف والإرهاب هذا الحرم، فإنه تصبح لتأمين هذه المؤتمرات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة. وأعني بتأمين المؤتمرات هنا هو أمن المكان وأمن الشخصيات وأمن المعلومات وأمن الاتصالات.وأمن المؤتمرات في حقيقته تجسيد جلي لهذه المفاهيم مجتمعة، فهو يولد الإحساس الفردي لدى أعضاء المؤتمر بالتحرر من الخوف، ويذكي في نفوسهم شجاعة الرأي وأمانة الكلمة، وهو أيضاً تجسيد واضح لمفهوم الأمن القومي للدولة من ناحية حفاظها على سيادة أراضيها، وعلى ذلك فإن النظر إلى أمن المؤتمرات يجب أن يتجاوز الحدود الضيقة التي تقتصر على منع وقوع الجريمة داخل قاعة المؤتمر، إلى أبعاد أخرى أكثر شمولية تتمثل في أمن الفرد وأمن المجتمع والأمن القومي للدولة.وبذلك فأمن المؤتمرات بمفهومه الشامل هو بالنسبة لأي مجتمع متحضر، ذلك الأمن السياسي الذي يحقق بالدرجة الأولى سيادة الدولة على كافة أراضيها، ومن ثم قدرتها على أن تكون صدراً رحباً آمناً لجميع الأفكار والآراء والاتجاهات، أي تأمين حوار الكلمة، الأمر الذي يترتب عليه الاستقرار في العلاقات السياسية الدولية، ويجعل من سبل الحوار بالأفكار حرماً آمناً لكل الأطراف، وهو أيضاً أمن اقتصادي على أراضيها، الأمر الذي يعتبر بمثابة علامة مضيئة تدفع باقتصادها إلى آفاق التقدم والازدهار، ولهذا اهتمت دول العالم بتأمين مؤتمراتها نظراً لأن المؤتمر يصبح أرضاً خصبة لكل من تسول له نفسه ارتكاب جريمته أياً كانت دوافعه. ولقد فطنت الدول العربية الإسلامية لأهمية وخطورة تأمين المؤتمرات، ومن هنا آثرنا أن نتناول هذا الموضوع من عدة جوانب كما يلي: أولاً: مفهوم المؤتمر. ثانياً: دوافع الاعتداء التي تهدد أمن المؤتمرات. ثالثاً: ما هي الأخطار التي تهدد أمن المؤتمرات. رابعاً: عناصر أمن المؤتمرات. خامساً: ما هي القواعد العامة في خطة أمن المؤتمرات. سادساً: الإجراءات الواجب اتباعها في تأمين المؤتمرات. مفهوم المؤتمر: في الواقع يشمل معنى المؤتمر بمفهومه الواسع كافة الاجتماعات والندوات واللقاءات حينما تتوافر فيها الشروط الآتية: 1. وجود هدف محدد للمؤتمر يبين عليه جدول أعمال مسبق له. 2. وجود عدد محدد من الأعضاء تختارهم الهيئة التأسيسية للمؤتمر. 3. أن تتساوى إدارة أعضائه مهما اختلفت مراكزهم، وأن تتجه هذه الإدارات نحو إنشاء كيان مستقل للمؤتمر. 4. عدم تعارض أهداف المؤتمر مع مباديء القانون الإنساني الدولي. 5. أن يحدد مكان لانعقاد الاجتماعات. 6. أن يكون هدف الحماية هو تأمين المؤتمر بذاته أو بشخصيات المشاركين فيه أو بأهدافه. وقد اهتمت العديد من الدول في الفترة الأخيرة بتنظيم المؤتمرات وتأمينها، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.، والذي يهمنا بالدرجة الأولى تلك المؤتمرات التي تمثل أهمية خاصة للدول بهدف تبادل الأفكار وتناول كل ما هو جديد، ومناقشة المشاكل والقضايا للوصول إلى حلها وتوثيق الروابط فيما بين الدول في مختلف المجالات، سواء العملية منها أو الاقتصادية أو الأمنية أو الصحية. دوافع الاعتداء على المؤتمرات: إن المؤتمرات والندوات واللقاءات يحضرها أعداد كبيرة من الشخصيات المهمة التي تحتاج إلى نوع خاص من الحماية من كافة الدول المعادية والتنظيمات الداخلية المناهضة لنظام الحكم في دولة من الدول أو الجماعات المتطرفة الفكر والخارجة عن القانون. وغالباً ما ينجم عن الاعتداء على المؤتمرات عدة أمور خطيرة وحساسة منها: 1. قد يترتب على ذلك الاعتداء حدوث الاضطرابات في البلاد. 2. قد يؤدي إلى زعزعة ثقة المواطنين في قدرة وكفاءة جهاز الأمن على توفير الأمن والأمان لهم. 3. الإساءة لسمعة الدولة لعدم استطاعتها توفير الحماية للمؤتمرات المنعقدة بها.الدافع إلى الاعتداء على المؤتمرات أو من المناهضين لنظام الحكم في دولة من الدول أو للاحتجاج على دولة أجنبية.وقد يكون دافعاً شخصياً، ويحدث ممن له مصلحة شخصية في عدم انعقاد المؤتمر أو من أحد الأعضاء المشاركين فيه، سواء كان المنتقم هو شخص أو دولة، فقد أصبحت الدول تشجع الإرهاب، وربما يكون دافعاً دينياً، ويحدث بسبب الخلافات العقائدية من الجماعات الدينية المتطرفة الفكر والمتعصبة. إلا أن هناك من يرتكب جريمة الاعتداء على المؤتمر لمجرد لفت الأنظار، ومنهم من ينفس عن رغبات مكبوتة داخله، ومنهم من يتعلق بكل جديد يخالف برنامج حياته اليومية. لواء معاش ومدير المباحث المركزية الاسبق