من هو عبقري السياسة وخبير الإعلام واختصاصي أزمة دارفور الذي حجب عن الرأي العام حدثاً أهم من مفاوضات إنجمينا واختراق الجدار العازل بين حركة العدل والمؤتمر الوطني... في الخرطوم كان المشهد السياسي للقاء الرئيس عمر البشير بقيادات قبيلة الفور حدثاً لم يُقرأ بعد لأن عباقرة السياسة في القصر الرئاسي اعتبروا لقاء الرئيس بقبيلة الفور حدثاً عادياً جداً... وربما لاتزال عقليات قديمة تعتبر مثل هذه اللقاءات شأناً سرياً جداً في زمن ما عادت هناك أسرار تخفى تحت وسائد الكراسي الوثيرة.. لماذا كان لقاء الرئيس بقيادات قبيلة الفور حدثاً كبيراً يستحق الإضاءة بنقل تفاصيل الحوار الجهير بين زعماء الفور ورئيس الجمهورية للرأي العام الداخلي والخارجي من خلال تواجد الصحف والتلفزيون والقنوات الخارجية والإذاعات القومية لأن ما بين الدولة وقبيلة الفور تفاهم وحوار ومفاوضات أهم مما يجري وقتها في الدوحة وإنجمينا.. نظراً لأهمية إشراك الفور في سلام بلادهم ومعالجة القضايا الحقيقية والمظالم التي لحقت بقبيلة الفور قبل نشوب الصراع في الإقليم وأثناء الصراع وما قد يحدث بعد السلام؟؟. دون سائر قبائل دارفور التي تشترك جميعاً في النزاع فإن قبيلة الفور اتخذت لنفسها منهجاً دفاعياً عن أرضها وحواكيرها الغنية في الأودية وجبل مرة وهي أراضٍ ظلت هدفاً ومطمعاً للآخرين من سكان دارفور بدو ومزارعين وفي سبيل ذلك دفعت قبيلة الفور الثمن غالياً أغلب مكون النازحين في المعسكرات من الفور.. أكثر المناطق التي تعرّضت للهجمات من قبل الحركات المسلحة والجنجويد هي مناطق الفور وقد فتح الرئيس البشير أبواب التفاوض مع الفور بنفسه بينما تولى مستشاروه ووزراء الدولة ومساعدوه ملف التفاوض مع الحركات المسلحة؟؟ لكن هل يغتنم الفور رغبة القيادة العليا في الدولة في حل القضية مع أهل الشأن أم تضيع فرصة أخرى؟. لم يستثن الرئيس البشير في دعوته لزعامات الفور المعارضين أو الجالسين في الأرصفة والموالين لأحزاب الداخل والموالين لحركة تحرير السودان وقيادات الفور في الحكومة والثلاثي محمد يوسف عبد الله والشرتاي جعفر عبد الحكم والسلطان صلاح الدين الفضل أحداً وفتح أبواب الحوار بين الفور وهرم القيادة العليا في الدولة وفي حزب المؤتمر الوطني الأقرب للفوز بالانتخابات القادمة يجعل قضية هذه القبيلة تعلو على غيرها من القضايا الدارفورية وقد طلب الرئيس بصراحة شديدة باختصار شديد أن يكتب الفور مطالبهم ويقدموا مقترحاتهم لكيفية حل النزاع والقضايا المرتبطة بآثار النزاع وتسليم المطالب للرئيس شخصياً في غضون ثلاثة أيام لاتخاذ قرارات ومعالجات والرئيس في أي دولة لا يفاوض في القضايا الصغيرة والكبيرة وكل مفاوضات الجنوب ونيفاشا وأبوجا والدوحة تولاها مندوبون عن البشير ومساعدون له في الحزب والدولة إلا قضية الفور تولاها الرئيس بنفسه فاوض زعماء الفور وقادتهم ولم يجعل الرئيس حتى المقربين إليه من أبناء الفور مثل الشرتاي جعفر والسلطان محمد يوسف وخالد بلال ينوبون عنه.. بل فتح الحوار مع القاعدة العريضة ومع زعامات الفور بغض النظر عن موقعهم في ضفاف الأحزاب.. قد يرفض عبد الواحد محمد نور فرص السلام الحالية لكن عبد الواحد مقيم في باريس والفور قبيلة وجودها في الأرض يمتد لكل ولايات السودان ولا ينبغي أن يرهن قادة الفور بكل حكمتهم التاريخية مصيرهم لشخص مهما كان دوره أو سقف المطالب التي ينادي بها.. وحتى لا تؤجل الحلول في انتظار المجهول فإن على عاتق السلطان محمد يوسف مسؤولية كبيرة في استثمار الفرصة التاريخية للفور لعلاج ما استعصى من القضايا العالقة..