لا أدعي بأنني متابع حريص على «كل» ما تبثة وسائل الإعلام خاصة الفضائية منها، لأن ذلك يحتاج «ليوم» مقداره أكثر من أربع وعشرين ساعة بأضعاف!! كما إنه يحتاج لجيش عرمرم من المتابعين «والراصدين»، وهذه الفئه الأخيره كانت «أمي سكينة» تستعيذ منها وتقول في «التخريجة» من عين الحاسد «والراصد».. حصنتك في قبة حديد.. راسها في السماء.. وكرعينا في المياه.. حارسها محمد الشهيد.. وعلي ابن طالب الشجيع.. ومفتاحها يالطيف.. يالطيف.. يالطيف وتكرارها 129 مره.. آه والتخريجة لأبناء هذا الجيل هو طرد العين الشريرة بواسطة البخور «المسبَّع» مع تكرار مثل الدعاء الوارد أعلاه.. لذا لزم التنويه. ولما كنت من «قبيلة الإبهام» أي من الذين يستخدمون «الإبهام» أي الأصبع الكبير في تسيير بعض الأمور، كاستخدام الهواتف النقَّاله أو أجهزة التحكم «الريموت كنترول» للمشاهدة.. أو تكييف الهواء.. أو ضبط الهوائيات.. قادني أصبعي الإبهام إلى قناة «الحرة»، فوجدت نفسي أمام برنامج «ساعة حرة» من الخرطوم وضيفها هو السيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبيه لتحرير السودان.. ولم يفاجئني في حديثه «بأي جديد» فالرجل أفكاره معروفه ومعلنه.. وكراهيته للوضع القائم والذي شغل فيه منصباً وزارياً رفيعاً لا تعادلها إلا كراهيته لمنبر السلام العادل وصحيفة الانتباهه.. والأستاذ المهندس الطيب مصطفى عبد الرحمن.. وامتد الحوار الذي أداره بمهنية عالية مذيع عربي مقتدر لا أعرف اسمه.. امتد لساعة كاملة «حرة» حقيقة ومن الخرطوم.. ولما كان الليل قد انتصف لم يسعفني الإبهام في لفت نظر آخرين لمشاركتي في الرصد والمشاهدة.. وأنا أعلم بأن الكثيرين لا يشاهدون قناة «الحرة» والتي جاء ترتيبها في استطلاعات الرأي «متاخراً جداً»، مما دعا القائمين عليها للتفكير جدياً في تصفيتها لأن مردودها لا يتناسب مع ما ينفق عليها من ملايين الدولارات، مع الرعاية والدعاية والدعم الكامل من الإدارة الأمريكيه خاصة في فترة الرئيس السابق بوش. السيد باقان أموم «والذي كان يسعى للقاء الرئيس البشير» حسب علمي الشخصي قبل الانتخابات بمدة طويله.. للتنسيق.. بدا عدوانياً جداً في اللقاء واتهم الرئيس البشير.. «هكذا كان يسميه طيلة اللقاء».. بأنه ينوي احتلال!! الجنوب بعد الانتخابات.. وأنه يريد إعادة إنتاج الحرب الجهادية هناك.. وإنه ينوي إقامه دولة القرآن الكريم.. «هذه عبارته».. وإنه يرغب في الوحدة مع نفط الجنوب لا مع إنسان الجنوب.. وإنه يريد تزوير الاستفتاء للسيطرة على مقدرات الجنوب.. وإنه ينوي إبادة الجنوبيين.. وإنه يسعى لإشعال الفتنه.. وإنه ضمَّ إليه د. لام أكول ولم يكتف بدعمه مادياً وسياسياً.. بل عسكرياً حيث كوَّن لدكتور لام أكول مليشيات تلقت تدريبها وتسليحها هنا في الشمال ثمَّ دفع بها إلى الجنوب.. وأن منبر السلام العادل وصحيفة الانتباهه تمثل لسان حال الرئيس البشير «وخاله».. الطيب مصطفى.. وإنها تثير الكراهية وتمهد لإبادة جماعية للجنوبيين.. وإن لافتات منبر السلام العادل المنتشرة تشير إلى ذلك.. وإن تصريحات الرئيس البشير بأن نسبة 30% فقط من الجنوبيين هي التي تنادي بالانفصال -«وقد سخر منها سخرية شديدة»- غير صحيحة، وإن الصحيح هو أن نسبة 95% من الجنوبيين تنادي بلانفصال حسب ما جاء في استبيان NDI الأمريكيه وحسب الاستطلاعات التي أجرتها الحركة الشعبية.. وإن في الجنوب بعد مرور خمس سنوات على اتفاقية السلام بنية تحتية كافية لإقامة دولة جديدة. فهناك جيش جاهز SPLA وهناك شرطة مدربة.. وخدمة مدنية متكاملة. وقبل ذلك هناك «إقليم» يساوي مساحة كينيا ويوغندا ورواندا وبورندي مجتمعة، وهناك شعب متحد ينادي «بالحرية!!» وهناك ثروات أكثر مما هو موجود بالشمال!!! وعندما سأله المذيع «هل أنت شخصياً مع الوحدة أم الانفصال؟» راغ من السؤال والرجل لا تنقصه الجرأة، بيد أنه قال: أنا مع السودان الجديد لنتعارف أولاً من نحن؟؟ وابتعد عن الأجابه المباشرة وإن جاءت من خلال طرحه «بالانفصال». أوقفني الإبهام على تلفزيون السودان وكان المتحدث اللواء أمن «م» حسب الله عمر، فأدهشني بعلمه الغزير ومعلوماته الوافرة.. وأدهشني بمعلومة دقيقة لم يتطرق إليها قبله أحد حيث قال: «هذه أول انتخابات بهذا الشكل منذ قيام دولة السودان وليس قبل ربع قرن كما يقول الإعلاميون»، ودللَّ على ذلك.. وكان كلامه صحيحاً وأنا أعجب كيف نواري حسب الله عن الأنظار!! قال لي أحدهم: يا أخي حكايتكم شنو؟ أي ناطق رسمي عندكم تمتام؟؟ في المؤتمر الوطني.. وفي مفوضية الانتخابات.. وفي المرشحين المستقلين.. ما في مواصفات للناطق الرسمي ولاَّ شنو؟ قلت له: أقدار الرجال لا تحسب هكذا وناقل الكفر ليس بكافر. وهذا هو المفروض..