واليوم.. نتحدث عن مجزرة أطفال المايقوما.. بل هي «كتلة» المايقوما.. قتل عمد.. مع سبق الإصرار والترصّد.. ولكن قبل أن أورد لكم تفاصيلها الوحشية.. وفصولها الدامية.. وأحداثها المروعة.. أقول.. في ثقة ويقين.. وتأكيد وقسم غليظ.. و «حليفة» تلزمنا كفارتها.. إن أخطأت أو كذبت.. أقول.. لو حدث واحد في المائة.. من الذي حدث في «المايقوما» لو حدث في لندن.. أو باريس.. أو برلين.. أو حتى الاكوادور.. لما بقيت وزيرة مثل الوزيرة الأميرة.. في مقعدها يوماً واحداً.. بل لذهبت في ساعات كل الوزارات الاتّحادية والولائية.. ولكن.. لأن كل في السودان..يحتل غير مكانه.. ولأن.. المواطن السوداني.. بات أرخص.. من «الملح».. فلا دهشة.. ولا عجب.. والآن أحبتي.. جهزوا المناديل.. بل حضّروا البشاكير.. لتجففوا دموعكم الغالية.. إن بقي في محاجركم دموع.. فقد كشفت إحدى الصحف عن موت 77 طفلاً دفعة واحدة في سبتمبر من العام 2009م».. وهاكم فاجعة أخرى.. بشعة ودامية.. «مات خمسة أطفال ووضع أكثر من 20 طفلاً في مستشفى ابنعوف والمستشفى الأكاديمي بسبب نقص المعينات من لبن بدرة ورعاية صحية».. والآن.. يا أحبة.. ألست محقاً في تساؤلي البارحة.. عن حيرتي وظنوني وجنوني والآن فقط أشرككم معي.. دعكم من دولة إسلامية راشدة.. أو مدينة حالمة.. أو شمولية قابضة.. جد.. جد.. وصحي.. صحي.. هل نحن نعيش في دولة.. أم في غابة تعج بالوحوش.. وهل.. نحن ننتمي إلى الإنسانية بأي مقدار.. كيف يكون ذلك.. وأطفال.. يموتون لأنّهم لا يجدون.. لبن البُدرة.. لأنهم يشربون من «بزازات» سيئة التعقيم.. يعيشون.. تحت عراك.. أحذية المتصارعين.. فريق أميرة.. ومنتخب الجميعابي.. نعم ظلّ العالم يقول.. إذا تعاركت الأفيال تموت الحشائش.. ولأن السودان.. ظل يتحف العالم.. ويدهش العالم.. ويقدّم.. على خشبة مسرح الكون فصولاً من مسرحية اللامعقول.. فها هو.. يعرض وعلى خشبة المسرح.. وليس تمثيلاً.. وليته كان تمثيلاً.. يعرض مسرحية.. سحق الأطفال.. تحت أحذية المتعاركين.. عجيب أمر هذا الوطن.. يموت طفل لأنه لا يجد.. شربة حليب.. وتنهض شاهق العمارات المكسوة بالبيرسول.. المجلّدة بالسراميك.. المفروشة ردهاتها بالموكيت.. عجيب أمر هذا الوطن..الذي تزرع مواكب المسؤولين.. شوارع العاصمة طولاً وعرضاً.. مرفوعة الزجاج.. لامعة «البودي».. في موكب يحمل.. مسؤولاً.. تتبعه «كذا» عربية ويتقدّمه.. موتر.. ليصل تنعشه موجات التكييف.. ولا يُزعجه غير صوت أزيز الفريون.. سؤال.. بالله عليكم كيف تنامون؟؟.. وهل.. تأكلون الطعام الفاخر.. في تلذّذ.. و«تمطّق» واستحلاء.. والسؤال القنبلة.. كيف تواجهون.. مالك الملك في ذاك اليوم الرهيب؟؟.. كان الله في عونكم.. أنا والله.. أرثي لحالكم.. خروج.. سيدي عبدالرحمن الخضر.. في جلسة راقية ورائعة.. بحضور الأستاذ مصطفى أبو العزائم والأستاذ علي فقير.. داعبتك.. وأنت تتقلد منصب ولاية الخرطوم داعبتك قائلاً.. على حسب التجربة الإيرانية وغيرها.. إن كل من يصير والياً للعاصمة.. يكون في المستقبل حاكماً لكل السودان.. هنا.. فزعت وارتعدت وأنت تقول لي.. أعوذ بالله.. وأرجو من الله أن لا يحدث ذلك.. خوفاً من هول الأمانة.. وباهظ التكليف.. وها أنت الآن تجابه هول الأمانة.. فهؤلاء رعاياك.. ودار المايقوما.. ضمن حدود حكمك.. وحسناً.. وهيناً.. أن تجابه هول الأمانة في الأرض.. أرجوك سيدي ابدأ ولايتك.. بكارثة دار المايقوما.. تحقيقاً.. وعقاباً.. وثواباً.. وبتراً وحتى «سجناً» إن تطلّب الأمر.. افترع بها صفحات ولايتك.. حتى نرضى عنك.. ويرضى عنك الوطن.. وقبل كل هؤلاء يرضى عنك الله..