خلال فصل الصيف الذي يمتد في السودان لأكثر من نصف العام نجد أن كثيراً من أصحاب المهن الذين يصطلون بحرارة الشمس الحارقة يعملون دون ملل أو تكدر ايماناً بعملهم الذي يقتاتون منه. وبدأنا جولتنا بسؤال أحد الاسطوات وهو يعمل في مجال البناء تحدث قائلاً: ان عملنا هذا لا مفر منه فهو أصبح قدرنا وجزءاً من حياتنا، لا نكل ولا نسأم منه لذلك لا نشعر بحرارة الشمس المرتفعة. وختم حديثه بحملة (قال لو أنا أمير وانت أمير مين يسوق الحمير). وعرجنا إلى أحد المخابز وسأ لنا مصطفى أحمد وعلى حد قوله إنه (طاولجي) وهو الذي يدخل الطاولة ويخرجها من الفرن تحدث قائلاً: هذا العمل شاق وصعب جداً لنا وأصبحنا مجبرين عليه وعملنا باستمرار في مواجهة النار حتى حينما نخرج إلى منطقة باردة نصاب بالالتهاب نسبة لأن اجسامنا اعتادت على السخانة. وسألناه فيما اذا كان يمكنه تغيير هذه المهنة رد قائلاً ان مستوى تعليمي هو الذي قيدني عن البحث عن الأفضل ولقمة العيش من عرق الجبين هي أطيب شيء. وكما ارتبط العمل تحت حرارة الشمس بالفئة الأقل تعليماً نجد ان من حملة الشهادات العليا أيضاً من تلفحهم ريح السموم وتصفعهم حرارة الشمس على سبيل المثال مهندسو المساحة والمدنية وأيضاً الباعة الجائلين الذين لا يأبهون بحرارة الشمس نجد ان أغلبهم من الفئات بين 10 - 18 سنة. وسألنا أحد الباعة الجائلين وهو طالب في مرحلة الأساس يقول إن والدي عامل يومية ولا يكفي ما يكسبه لإطعام اخوته الصغار لذلك يعمل في الاجازات لتجهيز مستلزمات المدرسة ولا تهمه الشمس اذا كانت حارة او باردة بل همه أن يجمع أكبر قدر من المال. وفي سؤال لأحد الميكانيكيين قال إن حرارة الشمس لا يشعر بها إلا أولئك الذين يجلسون في التكييف لفترات طويلة اما نحن فنكتفي بظل العربة التي نقوم بتصليحها وما نكسبه من مال (يرطب) أجسامنا. واستخلصنا من جملة الاستطلاعات ان المال يقي من حرارة الشمس.