يبدو أن معارضتنا فاقدة الذاكرة.. ولا تربط الماضي مع الحاضر ولا تقرأ المستقبل قراءة جيدة.. ولذا ترى أنها تعيش وكأن لا وجود للسلطة أو هيبة للدولة.. وأنها قادرة على تحدي القوانين، ويمكنها أن تدوس بأقدامها على العَلَم والسيادة والهوية وشعار الدولة.. إذاً فما الذي يدفع المعارضة إلى حضور مؤتمر محكمة الجنايات الدولية المنعقد بكمبالا وهذا الحضور يعتبره البعض تمثيلاً رسمياً للسودان.. وكأن السودان يعترف بالمحكمة الجنائية الدولية.. مع أن وجهة نظرنا واضحة لا اعتراف بهذه المحكمة وأن كل ما يصدر عنها لا يعني السودان. المعارضة في كل مواقفها من القضايا الوطنية تبرهن أنها ضد الوطن وسيادته وهويته.. وإذا لم يكن الحال كذلك فهل تملك المبررات التي يمكن أن تقنع بها رجل الشارع وتغير نواياها بالمشاركة في مؤتمر دعت إليه محكمة الجنايات الدولية وهي ذات المحكمة التي يرأسها المدعو أوكامبو.. ذلك المحامي المهووس الذي يطالب بمحاكمة الرئيس البشير وسياسيين سودانيين بزعم أنهم ارتكبوا جرائم حرب وإبادة جماعية.. وهذا المدعو أوكامبو- وبمساعدة المعارضة السودانية التي لا تحمل أي ذرة من الوطنية- استطاع أن يشن حملةً شعواء ضد السودان ورمزه السياسي، ومازال يصر على تصعيد الأمر ضد السودان وتدويل مزاعمه الجوفاء. في كل دول العالم الحر هناك معارضة وطنية تقف سداً منيعاً ضد أي قوى عدوانية تمس الوطن وهويته وسيادته.. إلا نحن في السودان معارضتنا مدمرة وهدامة لا يهمها الوطن، وهي على استعداد تام أن تتآمر مع الأعداء ضد الوطن ورموزه بغية الوصول إلى كراسي الحكم حتى ولو كان ذلك عبر جماجم المواطنين أو الجلوس على سدة الحكم وسط أرض محروقة- عجبنا لهذه المعارضة فهي لا تعي الدرس ولا تستفيد من التجارب والمواقف السياسية.. ولا تعترف أبداً بضعفها وعجزها ومحاولاتها الفاشلة للوصول لسدة الحكم عن طريق الوسائل الديمقراطية المشروعة فهي ذات المعارضة التي مازال جرحها ينزف منذ عقدين أو يزيد وفشلت مرات ومرات في الإمساك بمقاليد السلطة.. الآن نرثي لحالها بعد أن ملأت الأرض صخباً وضجيجاً وعجزت عن إحراز أي نتائج تُذكر في الانتخابات المفصلية الأخيرة. المعارضة قبل أن تفيق من صدمة نتائج الانتخابات الأخيرة أعلنت أنها ستواصل اتصالاتها بالمدعو أوكامبو رئيس المحكمة الجنائية لدفع القضية المزعومة «توقيف الرئيس البشير» وتحلم بتقديمه للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية بلاهاي.. ولتسأل المعارضة نفسها من هو أوكامبو؟ ومن هي المحكمة الجنائية وما هي القضية المطروحة؟.. ولكن أهم الأسئلة التي تعجز المعارضة عن الإجابة عليها- ماذا كانت فاعلة إذا ما كانت على سدة الحكم وطالت رموزها ادعاءات ومزاعم أوكامبو، فلتحدثنا ماذا سيكون رد فعلها؟! ثم نقول أيضاً لمعارضتنا الفريدة وعباقرتها الذين لم نعرف لهم اتجاهاً يسيرون عليه: ما هو مفهوم الوطنية والهوية السودانية عندكم؟... الانحياز للوطن أو التحالف مع الأعداء. عموماً.. احترنا وحيرتنا المعارضة.. فهي كل يوم تفاجئنا وترسخ مفهوماً لدى رجل الشارع أن السودان يعاني من وجود معارضة وطنية تحمل هموم الوطن وتهتم بقضاياه.. لكن الذي نراه الآن فإن معارضتنا تستقوي بالقوى الأجنبية وأعداء الوطن وتدعم القوى الطامعة في الاستيلاء على ثروة السودان وموارده.. ولنسأل أيضاً هل رسالة المعارضة أن تهدم وتدمر وتنتقص من هيبة الدولة حتى تصل إلى سدة الحكم.. وهل تعي أن السلطة الحاكمة أهم واجباتها ومسؤولياتها المحافظة على سلامة الوطن ومواطنيه والوقوف بكل صلابة ضد أي قوى غاشمة تنال من سيادة الوطن وسلامة أراضيه.. وإذا كانت المعارضة تريد أن تشارك في مؤتمر يسيء إلى السودان وتتخطى الخطوط الحمراء وهي تعرف تماماً أن السودان ليس عضواً بهذه المحكمة المتجنية على السودان وأن قرارها ومقراراتها لا تعني السودان، لذا فإن مشاركة أي سوداني يحمل وثائق ثبوتية يعني الاعتراف بالمحكمة الجنائية.. أبعد ذلك تصر على المشاركة بحجة التعبير عن الرأي ضاربة بعرض الحائط الهوية والسيادة! .. وهل تعلم المعارضة أن أي سوداني يحلم بوجود معارضة وطنية تنافس السلطة الحاكمة بتبني خطاً وطنياً بناءاً يفيد المواطن ويبرز سلبيات السلطة.