هذه القصة من أجمل القصص التي قرأتها، فلك عزيزي القاري أن تستمتع معي فيها: يحكي أن رجلاً كان يتمشى في أدغال افريقيا، حيث الطبيعة الخلابة، والأشجار الطويلة، بحكم موقعها في خط الاستواء، وكان يستمتع بمنظر الأشجار وهي تحجب أشعة الشمس من شدة كثافتها، ويستمتع بتغريد العصافير، ويستنشق عبير الزهور التي تنتج الروائح الزكية. وبينما هو مستمتع بتلك المناظر، سمع صوت عدو سريع، كلما شد الانتباه يجد الصوت في ازدياد ووضوح، والتفت الرجل الى الخلف.. وإذا به يرى أسداً ضخم الجثة، منطلقاً بسرعة خيالية نحوه، ومن شدة الجوع الذي ألمَّ بالأسد كان خصره ضامراً بشكل واضح.. أخذ الرجل يجري بسرعة، والأسد وراءه، وعندما أخذ الأسد يقترب منه، رأى الرجل بئراً قديمة، فقفز الرجل قفزة قوية، فإذا هو في البئر، وأمسك بحبل البئر الذي يسحب به الماء، وأخذ يتمرجح داخل البئر، وعندما أخذ أنفاسه، وهدأ روعه، وسكن زئير الأسد، يسمع صوت فحيح ثعبان ضخم الرأس، عريض الطول بجوف البئر، وفيما هو يفكر في طريقة يتخلص بها من الأسد والثعبان، إذا بفأرين أسود والآخر أبيض يصعدان الى أعلى الحبل، وبدءا يقرضان الحبل، وانهلع الرجل خوفاً وبدأ يهز الحبل بيديه بغية أن يذهب الفأران، وأخذ يزيد عملية الهز حتى أصبح يتمرجح يميناً وشمالاً داخل البئر، حتى يصطدم بجوانب البئر، وفيما هو يصطدم أحس بشيء رطب ولزج ضرب بمرفقه، وإذا بذلك الشيء خليات من النحل تبني بيوتها في الجبال، وعلى الأشجار، وكذلك في الكهوف، فقام الرجل بالتذوق منه، فأخذ لعقة وكرر ذلك، ومن شدة حلاوة العسل نسي الموقف الذي هو فيه، وفجأة استيقظ الرجل من النوم فقد كان حلماً مزعجاً ! وقرر الرجل أن يذهب الى من يفسر له الحلم، فقصد عالماً وأخبره بالحلم فضحك الشيخ وقال: ألم تعرف تفسيره؟ قال الرجل: لا. قال له الأسد الذي يجري وراءك هو ملك الموت، والبئر التي بها الثعبان هي قبرك، والحبل الذي تتعلق به هو عمرك، والفأران الأسود والأبيض هما الليل والنهار، يقصون من عمرك. قال: والعسل يا شيخ؟ قال هي الدنيا من حلاوتها أنستك أن وراءك موت وحساب.