في ظل الأجواء المشحونة بالترقب والحذر، ومع تصاعد حدة التوتر بين دولتي السودان والجنوب وتطورها إلى ما يشبه الحرب بينهما وفقما أعلنت القوات المسلحة عن رصدها حشوداً عسكرية لدولة الجنوب على حدودها مع الشمال يتوقع أن تقود عبرها هجوماً على مناطق حدودية بالشمال. ومع تلك التطورات كانت قبة البرلمان أمس على موعد مع التقاء قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية بالبلاد بعدما أفلحت لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان في جمعهم في الملتقى التنسيقي الأول للجنة ولجان الأمن بالمجالس التشريعية الولائية. وكشف رئيس لجنة الأمن بالبرلمان الدكتور كمال عبيد عن ورود معلومات مؤكدة تشير إلى ما وصفه بتآمر دولة الجنوب على السودان عبر الحدود، وأكد أن اللجنة ترفض السلوك الذي اعتبره غير مسؤول، وتابع «نؤكد دعمنا للقوات المسلحة وهي تقوم نيابة عن الأمة بالحفاظ على الأمن والسلام على حدود يريد لها الأعداء والمتآمرون آن تكون مدخلاً لتنفيذ مخططاتهم ضد الشعب. وتابع «لكنا نبشرهم أن مؤامراتهم ستكون وبالاً عليهم ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله» ودعا عبيد إلى تكامل دور المؤسسات في الدولة للحفاظ على وحدة الوطن، مشدداً على ضرورة التنسيق والتعاون بين لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، ولجان الأمن بالمجالس التشريعية بالولايات. مطالباً بإيجاد آليات تحكم تدفق المعلومات عبر آليات منظمة. في حضرة وزيري الداخلية والدفاع رئيس (البرلمان) يوجه أصابع الاتهام ل (الصحافة) المفارقة أن البرلمان ممثلاً في رئيسه أحمد إبراهيم الطاهر وضع الصحفيين في دائرة الاتهام بقضايا التجسس والتخابر بعدما اعتبر أن أي اتصال بقادة الحركات المسلحة لإبداء الرأي الآخر عبر الصحف خيانة عظمى للوطن. وشدد على ضرورة منع إبداء وجهة نظر الحركات المسلحة عبر الصحف، وقال إنه لا يوجد مبرر لأي صحفي للاتصال بالتمرد لإبداء وجهة النظر، وأردف «لابد من وضع حد فاصل بيننا وبين الذين يخرجون علينا حاملين السلاح». وزير الدفاع: الأمن محور اتفاقيات أديس أبابا ورهن وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين الالتزام بالاتفاقات الإطارية التي وقعها السودان مع دولة جنوب السودان الأسبوع الماضي بأديس أبابا بإيقاف دولة الجنوب هجمات جيشها الشعبي على مناطق السودان الحدودية، والكف عن دعمها للحركات المتمردة. وقال نحن وقعنا اتفاقيات ويجب أن تنفذ هذه الاتفاقات، لافتاً إلى أن محور تلك الاتفاقيات هو المحور الأمني، مطالباً بضرورة الالتزام بقضية الأمن لجهة أن محور الترتيبات الأمنية يعتبر اأولي المحاور في اتفاقيات أديس، وقال إن تلك الاتفاقات ستصبح (بلا معنى) إذا لم تحل القضية الأمنية، ولم تذهب في المسار الصحيح. وأكد حرص السودان على أن تصبح الاتفاقيات حقيقة وواقعاً على الأرض، بجانب الحرص على تنفيذها. وتابع «حريصون على إثمار تلك الجهود التي بذلت في أديس، واقعاً أمنياً وسلاماً واستقراراً في الحدود، وزاد إذا لم تكف دولة الجنوب عن دعم حركات التمرد والحركات المرتزقة للهجوم على الشمال تكون الاتفاقيات ما عندها معنى، هذه هي الخلاصة» ونفى حسين وجود تضارب في رأي الدولة حول الاتفاقيات الموقعة بأديس، لافتاً إلى أن ما تم عبارة عن ورقة وقعت بالأحرف الأولى تسعى الدولتان عبرها للحريات الأربع، وتابع «إيه التضارب هنا، هذه آمال» مشيراً إلى أن ما تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى يحتاج إلى التفاوض مجدداً، وأن القضية الأمنية تأتي كأولوية في الاتفاق، وطالب دولة الجنوب بالتوقف عن الهجوم عبر جيشها الشعبي على الشمال، وأردف «بعد داك الحكاية تمشي» وزاد «إذا تم هذا التحرك الذي حذرنا منه ونفذت التهديدات والتحركات التي نرصدها وأصبحت هجوماً يعتبر ذلك إلغاء عملي للاتفاقية» وزير الداخلية: الحريات الأربع مرتبطة بتحقيق الأمن والاستقرار لم يشأ وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد التحدث إلى الصحفيين بعدما اكتفى على ما يبدو بالحديث إلى التلفزيون القومي، لكنه عقب إصرار الذين لاحقوه إلى خارج قبة البرلمان أجاب معلقاً على الاتفاق الإطاري للحريات الأربع مع دولة الجنوب بأن الاتفاق يحتاج إلى جو سياسي وأمني مناسبين لتحقيقه. وشدد على أن الحريات الأربع مرتبطة بتحقيق الأمن والاستقرار في الدولتين، وزاد «لكن بدون أمن واستقرار لا يمكن أن تكون هنالك حريات أربع». رئيس البرلمان: اتصال الصحفيين بقادة التمرد خيانة للوطن رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر الذي تحدث لأكثر من عشرين دقيقة طالب اللجان البرلمانية بالتنسيق مع اللجان المماثلة التشريعية الولايئة لجعل الولايات سنداً للحكومة المركزية والمساهمة في تسيير أمر الدولة. وأكد ضرورة الاجتماع مع اللجان الولائية سيما أن الدولة تتأهب لإقرار دستور جديد، وزاد «نريده أن يكون دعماً للسياسات التي نعمل فيها»، وأكد أن خطط الاستقرار في البلاد تستوجب التنسيق لجهة أنها أمر حيوي وضروري واجب على الكل. وأشار إلى أن اللجان تعمل كل في مجال اختصاصها لتتابع آثار القوانين والتشريعات عند التطبيق، حتى لاتكون معلقة في الهواء. وأكد الطاهر تكامل العمل الأمني، مطالباً بضرورة التنسيق مع كافة الأجهزة الأمنية، ودعا إلى ضرورة توفير وسائل اتصال تقنية حديثة بين اللجنة الأمنية واللجان الأمنية بالولايات عوضاً عن تبادل المكاتبات والتلفونات، وكشف عن اطلاع البرلمان في دورته المقبلة على معلومات أمنية من وزارتي الدفاع والداخلية عقب زيارات تقوم بها لجنة الأمن للوزارتين، وتابع «نسعى لاستقرار أمننا في بلادنا.. بناء السلام يحتاج إلى جهود متعاظمة» وطالب الطاهر بضرورة الولاء الكامل للوطن من قبل المواطن وانتفاء أي مبرر للخروج على القانون. ودعا المجالس التشريعية بالولايات إلى الدعوة والترويج لقيم الولاء للوطن عند المواطن سيما ان الولاء للوطن لا يعلوه إلا الولاء إلى الله حسب قوله. رئيس البرلمان: تسمية المتمردين ب ( حَمَلة ) السلاح تعاطف وجداني وطالب الطاهر بتعظيم حرمة النفس وصونها من أن تصبح هدفاً للأطماع السياسية. وتابع «نفْس المواطن السوداني معززة ومكرمة لايمكن أن تكون هدفاً لمزايدة سياسية» وشدد على ألا يرتفع سقف مطالب المواطن ليصبح سبباً للتمرد على الدولة، ودعا المواطنين إلى رفع مطالبهم وتظلماتهم إلى الدولة دون أن يتخذوها سبباً للاعتصامات والتمرد، وأكد أن المطالب التي رفعها متمردو دارفور لن تكون سبباً في رفع السلاح والتمرد، وطالب بإزالة المفاهيم التي اعتبرها خاطئة عند المواطنين المتمثلة في تعظيم المطالب على الدولة، ودعا إلى تعظيم حرمة رجل الأمن، وقال إن أي اعتداء عليه يكون اعتداء على الدولة، وأضاف أن الفرد النظامي التابع للشرطة أو الجيش أو الأمن تعده الدولة إعداداً كاملاً ليقوم بواجبه في تحقيق الأمن للمواطن، وتابع «يمكن أن يستهدفوا الوزراء لكن رجل الأمن لا، تعظيم حرمة رجل الأمن واجب الكل، وأن الاعتداء عليه اعتداء على الدولة، لا يمكن ان يكون هدفاً لأي نوع من الاستهداف» وطالب بالتضامن لمواجهة أي نوع من التمرد، وحذر من التعاطف معهم، واعتبر تسمية المتمردين بحملة السلاح بأنه نوع من التعاطف الوجداني، مع مجموعة عدوة للبلد وخارجة عن القانون، وزاد «ينبغي أن تنتفي العاطفة بهم تماماً حتى وإن كانوا من العشيرة والأهل، وقال إن اتصال المتمردين بالأجنبي لإيجاد التمويل ودعم الفتن الداخلية هو وصمة عار يجب أن تلحق بفاعلها، قاطعاً بأن التمرد ليس له مصادر تمويل غير الاعتماد على الدعم الخارجي، واعتبرهم خونة يجب عدم التعامل معهم. هجوم على الصحف وهاجم الطاهر الصحف واضعاً الصحفيين في دائرة الاتهام بخيانة الوطن لاتصالهم بقادة التمرد لإبداء وجهة نظرهم، وقال إن ذلك نوع من الخيانة يجب مقاطعته، قاطعاً في الوقت ذاته بانتفاء أي مبرر لأي صحفي للاتصال بالتمرد لإبداء وجهة النظر الأخرى، وتابع «لابد من وضع حد فاصل بيننا وبين من يخرجون علينا حاملين للسلاح، هناك جيش يقاتل ماذا سيكون شعوره عندما يقرأ حديث قادة التمرد في الصحف». واتهم الطاهر جهات خارجية بالسعي لخلخلة المجتمع بالأفكار المشوهة للإجهاز على البلد، عقب فشل مسعاها بواسطة الحرب، وتابع «مهما تآمروا في جنوب كردفان والنيل الأزرق نحن محتاجون أن نكون يداً واحدة وكتلة متماسكة بين الجيش والشرطة ورجل الشارع». وطالب المجالس التشريعية الولائية بالدعوة إلى الالتفاف حول هموم الأمن السوداني، ومساندة القوات المسلحة لرفع روحها المعنوية لجهة أن الجندي المقاتل في الأحراش ليس له سوى روحه المعنوية ويستطيع أن يفعل المستحيل إذا كانت مرتفعة.