من بيده حل المشكل الدارفوري الذي يتنقل ملفه بين العواصم الافريقية والعربية وتتشابك خيوطه في عواصم الدول الاوربية.. بل واضحت فيه لكل العواصم ممثل يقوم بدور المراقب لما يجري بنيالا والجنينة والفاشر؟ صارت الأزمة دولية وتتداولها مجالس الأنس السياسي، ويبدو أن الجهود الداخلية للقوى السياسية المعارضة تصطدم بعوامل عديدة حينما تضع رؤيتها التي تحجبها السحب الحكومية فوق سماء الخرطوم. ومن أبوجا إلى الدوحة تتعقد المشكلة، الحركات المسلحة تنقسم وتنشطر بأجندة أمنية وقبلية وشخصية، الحكومة تضع إستراتيجيتها وتنال عدم الرضا لأسباب متعددة والمصالح الدولية والإقليمية تتفاوت. فهل احتار الناس في إيجاد مخرج أم أن المأساة الإنسانية باتت لا تحرك الضمير والنازحون واللاجئون في مخيماتهم يتذكرون قصص الطفولة في قرى ما عادت تحمل سوى أسمائها التي تتميز بها؟ يقول الناطق الرسمي باسم حركة التحرير والعدالة عبدالله مرسال ل(الأهرام اليوم) من الدوحة عن المبادرة الليبية بتوحيد الحركات المسلحة في دارفور في جبهة عريضة إن ليبيا كدولة جارة للسودان ولإقليم دارفور ظلت على مدى سنوات النضال الثوري تلعب أدوارا إيجابية في حل معضلة السودان في دارفور وهي دائما تقف على مسافة واحدة بين الفرقاء السودانيين فضلا عن وضعها المهم في الخارطة سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، كل هذه العوامل وعوامل أخرى تجعل من ليبيا الدولة المحورية التي لها القدرة على لعب دور في تجميع فرقاء المقاومة الدارفورية المسلحة، لمكانة ليبيا في قلوب أهل دارفور، غير أن مرسال ينفي أن تكون حركة التحرير والعدالة قد تسلمت المبادرة الليبية، مؤكداً أنهم متى ما استلموا هذه المبادرة فإنهم سيخضعونها للدراسة والتحليل عبر أجهزة الحركة المختلفة ومن ثم الرد عليها. ولا يقف الناطق الرسمي باسم حركة التحرير في هذه النقطة بل يذهب بالقول الى أن (ما تسرب من معلومات عن هذه المبادرة عبر وسائل الإعلام المختلفة يجعلنا نستشف أن من ورائها حركة العدل والمساواة بحكم وجود رئيسها هناك، وإن كان الأمر كذلك فهو تكرار لتكتيكات مستمرة- والحديث لعبدالله مرسال - حول ما يطلقون عليه تارة (وحدة اندماجية كاملة في إطار لا غالب ولا مغلوب)، وتارة أخرى (الجبهة العريضة للمقاومة)، وهي أساليب تلجأ إليها حركة العدل لفك عزلتها من ناحية، وابتلاع الفصائل الأخرى بتذويبها داخل الحركة من ناحية أخرى. ويختم مرسال حديثه مع الصحيفة بالقول (عموما نحن في انتظار استلام المبادرة ومن ثم الحديث حول المحتوى). نائب رئيس حركة التحرير والعدالة للشؤون السياسية محجوب حسين - المثير للجدل دوما - كان قد أكد من جهته أن الترتيبات لعقد مؤتمر للحركات المسلحة في ليبيا قد قطع شوطاً كبيراً ويهدف إلى وضع تدابير لازمة لحل مشكلة دارفور. لكن الدعوة لهذا المؤتمر تأتي في ظل تحديات تواجه الحركات المسلحة في بنيتها التنظيمية، ففي الأيام الماضية أصدر خليل إبراهيم رئيس حركة العدل قرارا بفصل آدم علي شوقار عن عضوية الحركة، ودعا الجهات العدلية بالحركة لفتح دعوى جنائية في مواجهته وملاحقته قانونياً. وبحسب مصادر الصحيفة فإن حركة العدل توجه اتهاما لشوقار أمين الشؤون السياسية السابق بالحركة وهو من أبناء منطقة دار تور، وكان من ضمن الوفد المفاوض للحركة بالدوحة، ثم انتقل منها إلى القاهرة ومن بعدها لنيجيريا التي التقى فيها بمسئولين من المؤتمر الوطني وعقد معهم صفقة لتوقيع اتفاق سلام باسم ابناء دار تور. وبخلاف ذلك فإن الوضع الميداني قد تعقد أكثر بحوادث خطف الأجانب في الإقليم، وترى وسائل الإعلام الغربية أن عمليات الخطف التي تستهدف الأجانب تمثل نشاطا كبيرا في غرب السودان مما أدى إلى الحد بشكل كبير من أكبر عملية إغاثة في العالم وعرقلة مهمة حفظ السلام التي تمولها الأممالمتحدة. وتحصلت (الأهرام اليوم) من مصادرها على نص مبادرة من حركة تحرير السودان تشمل فصائل (عبد الواحد محمد أحمد النور وأحمد عبد الشافع توبا وحركة تحرير السودان قيادة الوحدة بقيادة آدم بخيت وقيادة حركة تحرير السودان - بشير يحي بولاد) تتطلع من خلالها لتحقيق حد أدنى من التفاهم حول مستقبل ملف دارفور والوسائل الممكن إتباعها للوصول إلى حل عادل وشامل لكافة القضايا مثار الخلاف. وتتمثل أهم بنود هذه المبادرة في الجلوس والحوار لتسوية أية مسائل خلافية بين أبناء الحركة وفصائلها وأن لا تكون لأي طرف أجندة خارجية لا تمت لأهداف ومبادئ الحركة بصلة، وأن يبدأ الاتصال والحوار المباشر بين الأطراف مباشرة بدون وساطات وذلك بالتنسيق مع قيادة الحركة. وبحسب عبارات المبادرة فإن الهدف الأساسي منها هي إعادة توحيد حركة تحرير السودان تحت قيادة واحدة لمواجهة تحديات المرحلة القادمة ولتحقيق الأهداف الرئيسية التي قامت من أجلها الحركة. وتشير مصادر الصحيفة إلى أن القاهرة دخلت في خط الجبهة العريضة للحركات المسلحة خشية أن تفقد أي دور لها في ملف دارفور وفي الوقت نفسه تتحسب لغضب الخرطوم. وبخصوص موقف حركة العدل من المبادرة الليبية فقد عبر عنه الناطق الرسمي أحمد حسين وهو يقول في تصريحات صحفية إن حركته تمد يدها بيضاء من غير سوء، وتفتح قلبها وعقلها لكل رفقاء القضية من أجل التوحد والتضامن في هذا المحك التاريخي الذي يمر به الوطن والقضية. وثمن مبادرة القيادة الليبية في إطار الوحدة وقال إن حركة العدل والمساوة تسعى للوحدة مع كافة الفصائل، وحدة لا غالب فيها ولا مغلوب ويكون الانتصار فيها لقضية الشعب العادلة، مضيفاً أن الصادقين من أصحاب مبادرات الوحدة سيجدون التعاون الصادق، والإرادة القوية من حركة العدل والمساواة. وجدد حسين تقدير الحركة للقائد الأممي معمر القذافي لمواقفه النبيلة ومبادراته الصادقة في توحيد أصحاب القضية وإيجاد حل سياسي عادل للنزاع السوداني في دارفور. إذن طرابلس تدخل بقوة في ملف دارفور؛ تسعى لتشكيل جبهة عريضة من حركاتها المسلحة وتحتضن رئيس حركة العدل خليل إبراهيم عندها.. والتساؤل الذي يفرض نفسه بين يدي الفاتح من سبتمبر بعد أن تجاوزت الثورة عمر النبوة: هل يفلح القائد الأممي في حشد الحلول وإنجاز ما عجز عنه الآخرون؟