هنالك طُرفة خفيفة الظل نُسبت لمسطول إبان الانتخابات التي أُجريت مؤخراً بالبلاد .. سُئل المسطول عن توقعاته بالفائز في انتخابات الرئاسة بالسودان، فأجاب المسطول دون تردد: (غايتو من الحاجة الشايفها أنا والإعلانات والدعايات الماليه الشوارع كان ما فاز عمر البشير، يفوز «شامبيون») وبالفعل إعلانات شامبيون في ذلك الوقت وحتى اليوم تملأ شوارع العاصمة الخرطوم جنباً إلى جنب مع إعلانات المرشحين من الدوائر المختلفة و لذلك فإن «المسطول» كانت رؤيته على حسب عقله ومزاجه عندما رأى كثافة إعلانات شامبيون «الجواك بطل.. جواك شامبيون»! الآن نحن نقول وكما قال (المسطول) وبعد قرارات وزارة المالية الأخيرة بضبط الاستيراد وتقليل فاتورة الواردات بالإضافة إلى قرارات اتحاد المخابز بتخفيف أوزان الخبز وزيادة أسعاره نقول «غايتو من الحاجة الشفناها والقرارات التي جاءت فإن الوضع غير مطمئن للغاية»!! فرغم حديث وزير المالية بأن هذه الاجراءات لا تمس حياة المواطن اليومية فإنها بالفعل ستمسها وسيستمر الغلاء وموجته التي ستتضاعف. كنا نتوقع أولاً وقبل كل شيء تحقيق الوفرة ومضاعفة الإنتاج، ثم نُعلن بعد ذلك قفل باب الاستيراد أو زيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع حماية لإنتاجنا المحلي، الآن نعيش كما قلنا «الرمادة» بعد أن سادت البلاد موجة غلاء لم تشهدها من قبل... غلاء في المواد الاستهلاكية الحياتية المعروفة وستنتقل العدوى للملابس والإحذية والعطور وصابون الحمام والأحذية والشالات والعمم والأثاثات المنزلية والمكتبية والأسمنت والسيارات والشاي والبن والزيوت النباتية ولعب الأطفال والأدوية. فالمواطن عندما لجأ للملابس الجاهزة المستوردة كان ذلك بسبب ضعف الإنتاج المحلي الذي اعترف به وزير المالية نفسه حتى أصبحت الملابس الجاهزة في متناول اليد وامتلأت بها الأسواق، وهنا نشكر جداً الكوميسا والتعرفة الصفرية ولكن أن نوقف ذلك فإنها تعتبر جريمة في حق الشعب السوداني، من أين يشتري ملابسه الجاهزة وأحذيته وعطوره والتي نحسب أنها سلع ضرورية وليست هامشية كما قال وزير المالية فنحن لجأنا لها عندما عجزت مصانعنا عن توفيرها.. أيضاً ستشهد البلاد موجة غلاء في الأثاثات، القفزة العمرانية التي تشهدها البلاد كان لا بد أن يكون في مقابلها الأثاث فأين إنتاجنا المحلي الذي ينافس؟ فمن حق المستطيع أن يؤسس منزله كما يريد حتى وأن كان ذلك من الصين أو ماليزيا «وأما بنعمة ربك فحدّث» ولكن ليس من حق أي جهة أن تلزمه بشراء المحلي الذي لا وجود له في الأصل فابحثوا عن مصادر أخرى لزيارة الإيرادات وتقليل فاتورة الاستيراد واسألوا أنفسكم لماذا «تضاءل» إنتاجكم ولماذا «توقفت» مصانعكم ولماذا تدني الإنتاج حتى هرب المستهلك بحثاً عن الأجود وهنالك مقولة إنجليزية تقول «أنا فقير ولكني حتماً لن أشتري الرخيص»، فعندما نشتري مثلاً حذاء بما قيمته «100» جنيهاً بالسوداني فإن هذا الحذاء سيكون معك أطول فترة ممكنة حتى ترمي به أنت في سلة «المهملات» ولكن عندما نشتري حذاءً أقل جودة وبأقل الأسعار فإنك ستضطر إلى شراء ثاني وثالث ورابع لينطبق عليك المثل الذي يقول (الغالي بغلاتو يضوقك حلاتو والرخيص برخصتو يضوقك مغستو) لنسير في اتجاه المقولة الإنجليزية (أنا فقير ولكني حتماً لن أشتري الرخيص). لماذا تُلزمنا وزارة المالية بضرورة تقليل الوارد وهي تعي تماماً بأنها لا تسد النقص وإنما تضاعف من غلاء الأسعار وهي تعلم تماماً بأن مصانعها غير مؤهلة؟ ف(المارتدلا والهوت والبيرقر) المستورد يا سعادة الوزير أقل من لحومنا المحلية! فنحن مع «ابنك» الصغير الذي أصرّ على شراء المارتدلا. فأسعار المستورد في متناول اليد وما دام الأمر كذلك فلماذا نحرم الأبناء من الحلويات والشوكلاتة ولُعب الأطفال «زيدوا» من الإنتاج وحققوا نسبة 95% من الإنتاج ليغطي الاستهلاك حينها ستنفرج على العالم وهو يعاني نقص الغذاء بعد حريق إنتاج روسيا وخروج كندا من دائرة الإنتاج.. قلّلوا من الانفاق الحكومي على العربات والموبايلات والوقود والمشتريات الحكومية وأتركوا الشعب السوداني ليعيش رغد العيش وينوم نوماً هانئاً في ظل أثاث مستورد في متناول اليد وملابس جاهزة تقيه شر الجري وراء الأقمشة والترزي وذلك في الوقت الذي توقفت فيه مصانعنا التي كما قال وزير المالية «72» مصنعاً!.