{ من المؤكَّد أنَّ هناك خلافاً (كبيراً) و(مدمِّراً) بين الفريق أول «سلفاكير ميارديت»، رئيس حكومة الجنوب، ونائبه الدكتور «رياك مشار».. لا شكَّ عندي في ذلك بمتابعتي ومعرفتي بملف الجنوب، وهذا الأمر ليس بجديد علينا في الصحافة، فقد حاول «سلفا» من قبل إعفاء «مشار» من منصب نائب رئيس الحركة الشعبيَّة، والإبقاء فقط على نائب واحد، هو السيد «جيمس واني ايقا»، ممثِّل (الاستوائيين) في قيادة الحركة، والاستغناء عن النائبيْن الآخرين «مشار» و«عقار»!! لكنَّ تدخُّلات دوليَّة و(إقليميَّة)، خاصَّةً من طرف «أوغندا»، فضلاً عن ضغوط قبيلة (النوير) بسطوتها، وقوِّتها العسكريَّة الضاربة، نسفت قرار الرئيس سلفاكير. { وزير إعلام حكومة الجنوب «بنجامين برنابا» نفى «أمس الأول» - في تعميم صحفي - ما نشرته الزميلة «السوداني» على لسان الفريق «سلفاكير»، الذي وصف نائبه «مشار».. فى (لحظة تجلِّي) استثنائيَّة، بأنَّه (يشكِّل حكومةً داخل حكومة الجنوب، وأنَّه لا يُحسن التصرُّف.. وأنَّ الكرسي لا يسع شخصيْن...)..!! { ومن حق السيد «برنابا» أن ينفي، فقد تعوَّد الساسة والوزراء في بلادنا أن ينفوا في الصباح ما يقولونه في المساء، عملاً بمقولة: (كلام الليل يمحوه النهار)..!! وقد تعوَّدنا نحن في الصحافة أن نتحمَّل (اضطرابات) و(انسحابات) السياسيين، عملاً بشعار: (البتجي من السما.. بتحملها الواطة)..!! رغم أنَّ الصحافة ليست (واطة).. كما أنَّ ساستنا لا يشبهون السماء..!! { ومن مصلحتنا في (الأهرام اليوم) أن نحتفي - كما يفعل البعض - بأيِّ (نفي) يهزم مصداقيَّة أي صحيفة منافسة (في السوق)، رغم أنَّنا لا نجد منافسة حالياً، لكنَّني - وبصراحة شديدة - أُصدِّق تلميذتي وأختي الصغيرة النجيبة «رفيدة يس»، وأكذِّب السيد «بنجامين».. بل وأكذِّب الفريق «سلفاكير» - نفسه - إن (رجع في كلامه)، حتى ولو خرج علينا عبر شاشة قناة «الجزيرة»، النشطة جداً في تغطية مؤشِّرات ومظاهر انفصال الجنوب، ليؤكِّد أنَّه (سمنة على عسل) مع نائبه «مشار»، حتَّى ولو نقلت لنا كاميرا مراسلهم في «جوبا» «سلفا» وهو (يحضن) «مشار».. ثم يُسلِّم عليه في رأسه.. بينما الأخير يضحك حتَّى تبين (فلجته) الكبيرة، التي حدَّثنا عن قصتها - (الفلجة) - زميلنا (المتبحِّر) في الشأن الجنوبي، الصحفي المثابر (أبو عبيدة عوض)، بعدد «الأهرام اليوم» أمس السبت، وفيه حكى تفاصيل أسطورة «النقوندينق» التي تقول إن الجنوب سيحكمه رجلٌ طويل القامة، تزين أسنانه (فلجة) بائنة بينونة كبرى..!! وهو ما لا يتوفَّر إلاَّ في (طقم) الدكتور مشار (الأصلي) والعُلوي!! { نحن لا (نقتات) من (نفي) أخبار الصحف الأخرى، إلاَّ إذا أضرَّت (بالحقيقة) و(المصلحة الوطنيَّة)، لكنَّ الخطير في تصريحات «سلفاكير»، في (لحظة التجلِّي) تلك، أنَّه (يستبطن) ضيقاً، وتذمُّراً، وشكوكاً تجاه نائبه (أبو فلجة)!! { والأخطر أنَّه، حتى لو تمَّ انفصال الجنوب - لا قدَّر الله، والله قادرٌ وغلاَّب - فإنَّ المشهد يشي بحرب قادمة مستعرة بين (الدينكا) و(النوير)، لأنَّ (الكرسي) كما قال «سلفا» (لا يسع شخصيْن). { وال «C.I.A» - وكالة المخابرات المركزيَّة الأمريكيَّة - توقَّعت الأسبوع الماضي، في تقرير نشرته (الأهرام اليوم)، أن يشهد جنوب السودان العام القادم (حرب إبادة جماعيَّة)..!! { وإذا كانت أمريكا تعلم أن سيناريو مذابح (الهوتو - التوتسي) في «رواندا» ستتكرَّر في الجنوب - بعد الانفصال - فلماذا تمارس الضغوط عبر «ناتسيوس» و«غرايشن» وتسابق الزمن من أجل إجراء الاستفتاء في موعده، في التاسع من يناير القادم؟!! { حرب (الدينكا - النوير) قادمةٌ لا محالة.. وإن تمثَّل الجنوبيون الآن وحدة وتماسكاً كذوباً ومزيَّفاً، بهدف الوصول (العاجل) إلى محطَّة الاستفتاء. { والشمال سيخسر لأنَّه سيستقبل ملايين النازحين والجرحى والمعاقين.. و(كأنَّك يا أبو زيد ما غزيت).. { والشمال سيخسر لأنَّ الحدود مع الجنوب ستكون (فالتة) و(منفرطة)، ومرتعاً لعصابات تمرُّد ونهب مسلح، أشبه بما حدث ويحدث الآن في دارفور. { والأمم المتَّحدة ستخسر، لأنَّها ستناشد العالم بضرورة تقديم (مساعدات إنسانيَّة) عاجلة إلى جنوب السودان.. { وأمريكا ستخسر.. لأنَّ (الفوضى) في الجنوب لن تكون - أبداً - (خلاَّقة).