تحية طيبة { هلا سمحت لي بأن أكتب اليوم في عمودك المقروء لدى قاعدة كبيرة من القراء، وأحرص على مطالعته يومياً؟ { هناك ظاهرة خطيرة في المجتمع ظلت كواقع حي يهدد العديد من الأسر بالتفكك والانهيار، وهي هروب الأزواج من أسرهم دونما أسباب واضحة، يتركون زوجاتهم على حافة الحيرة، وأطفالهم على بحر متلاطم من التشرد، لتعاني الأمهات في البحث عن قوت يوم لأطفالهن. فإن لم يتحمل الأزواج المسؤولية الملقاة على عواتقهم من إطعام، سكن، تعليم، صحة؛ فبأي حق تتحمل الأمهات كل أعباء المعيشة هذه؟ والأم كامرأة من المفترض أن تظل داخل بيتها ترعى شؤون أطفالها لا أن تكابد سحابة يومها في الأسواق، تُطارَد من قبل أفراد النظام العام من مكان إلى آخر، وتهدر إنسانيتها وتعرض شرفها لمضايقات ذوي النفوس الرخيصة، فكيف تصمد أمام كل هذه الإغراءات بعد أن كان اختفاء زوجها هو السبب الحقيقي لجلب كل هذه المتاعب إليها؟! انظر المحاكم لترى يومياً عشرات بل مئات من يطلبن الطلاق وهن صغيرات السن لغياب الزوج سنوات طويلة، ترى في وجوههن الحزن ممزوجاً بالحسرة. { أطفال يعيشون في ظل الفقد والحرمان يهيمون في الشوارع يتسولون، وربما يتعاطون (السلسيون) أو المخدرات، ينحرفون عن جادة الطريق لأنهم يفتقدون من يرشدهم ويرعاهم ويحتضنهم في صدر حنون دافئ يشتمون عبره رائحة الحياة. وكنت قد التقيت الباحثة الاجتماعية فوزية أحمد عبد العاطي، فأشارت إلى أن الأمهات اللائي هرب منهن أزواجهن يعانين نفسياً وجسدياً من وطأة جهد العمل المضني ولساعات طويلة، كما أن أطفالهن يحسون بأن هناك شيئاً كبيراً مفقوداً في دواخلهم ، وهو مكانة الأب في حياتهم. كما أن أهل الاقتصاد يقولون إن غياب الأب كعنصر مهم في الأسرة ينعكس سلبياً في الاقتصاد، هكذا قال لي «فرح بشير علي» الخبير الاقتصادي، إذ أن بنية الأسرة بغياب الأب تكون في طريقها إلى التفكك لتدفع للمجتمع بعناصر لا حصر لها من أطفال مشوهين اجتماعياً وبالتالي غياب من يدير عملية الاقتصاد بطريقة مثلى ويتمثل ذلك في الفاقد الكبير في قوى الإنتاج كأيدي الشباب المتعطلة والنساء المهمومات بتربية أطفالهن. { وأخيراً فإن الطفل الذي يفتقد أباه، ينعكس ذلك سلبياً في تحصيله وفي أغلب الأحيان يترك مقاعد الدراسة دونما أسباب واضحة سوى أنه يعاني آلام فقد الأب..! النيل مكي قنديل