وثائق كشف الحال التي انطلقت بأجنحتها محلقة في فضاء المعمورة من موقع (وكيليكس)، صفقت لها في البدء العديد من حكومات وشعوب العرب والعجم؛ لأنها أحدثت هزة في بلاد العم سام وهو سام جداً لا تعادلها أية هزة أرضية حيث أضحت فضيحة بجلاجل، أضخم من (ووتر جيت) وإن كانت هذه لن تطيح ب(أوباما) كما أطاحت ووترجيت بالرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون. ولكن ذاك الابتهاج برؤية (روما 2) أي أمريكا، تمشي عارية أمام ذاك الموقع، لم تستغرق وقتاً طويلاً، حيث شعر المبتهجون أنهم واهمون لأن (الفضائحية) نالت أيضاً شارد ووارد بلاد العرب والعجم.. وكل حكومة أصبحت تضع يدها على قلبها إن كانت لها قلب وهي تنتظر دورها في سلخ الموقع لجلدها السياسي { وزارة حقوق الإنسان السيادية: فاز نوري المالكي الشيعي بمنصب رئيس الوزراء في الحكومة العراقية والتي رأي المحللون أن تلك الانتخابات العراقية تمخضت عن محاصصات طائفية وعرقية.. وتبقى الحقائب الوزارية هي المعركة القادمة والتي يطلق عليها الكاتب داؤود الفرحان (معركة أم المناصب) وأهمها الوزارات السيادية التي تشمل النفط والمالية والخارجية والدفاع والداخلية، وسط وضع أمني متأزم وعودة للعنف. بالمناسبة فإن تلك الوزارات السيادية هي نفسها في أية حكومة عربية مع تقديم وتأخير في الأهمية. ونتساءل: لماذا لا تكون هناك وزارة سيادية تسمى (حقوق الإنسان)؟ { البؤساء: وساركوزي الرئيس الفرنسي أجرى تعديلاً في حكومته والسباق بدأ إلى قصر الاليزيه منذ الآن والعيون شاخصة لانتخابات 2012م. وحتى يوسع ساركوزي من فرصته في الانتخابات القادمة أخذ يبتر من حكومته الذين ساعدوه في الوصول إلى الرئاسة مثل رشيدة داتي وفاضيلا عمارة وراما ياد وهن من المهاجرين هناك.. مما يعني أنه التفت إلى ملف المهاجرين كمؤشر سياسي انتخابي، بل أحال ملف الهجرة إلى المؤسسة الأمنية متبنياً خيارات اليمين المتشدد هناك، وهي خطوة للتخلي عن ملايين المهاجرين في فرنسا، معلناً في استفزاز إن «فرنسا ليست مستعدة لتستقبل بؤساء أفريقيا والعالم». { روشتة النخب الحاكمة: شدتني مقالة للكاتب المصري صلاح عيسى بعنوان «هل أصبحت الديمقراطية كابوساً؟» في زاويته الأسبوعية الراتبة بمجلة (الأهرام العربي) في عددها الصادر مؤخراً. الكاتب قلم معروف لنا منذ سبعينات القرن الماضي؛ إذ كنا نطالع له نصوصاً قصصية ومقالات نقدية بمجلة (الآداب) البيروتية الشهيرة التي لم نفلت إلى الآن من أسر ما نشر بها وكانت تصل بانتظام إلى المكتبات السودانية حتى قبيل عقدين من الزمان. تعرض صلاح عيسى في مقاله سابق الذكر إلى أن الإنسان لا يستقر على حال، إلا ضاق به، وينتابه الحنين إلى الماضي. وضرب مثلاً بالنخب العربية الحاكمة التي تمارس (الاستبداد) على شعوبها حتى وإن كان (مستنيراً) وذلك عندما تتحول إلى التعددية الحزبية وإطلاق الحريات الديمقراطية.. بيد أنه سرعان ما تتحول الديمقراطية والحرية إلى (كابوس) فينتابها الحنين إلى القبضة الدكتاتورية وخاصةً حينما تتناوش النخبة الحاكمة الأزمات. إن الانتخابات ليست بالحل السحري لقيام دولة حديثة؛ إذ تتطلب الصبر والمثابرة والعمل على (نفي تأثير العوامل غير السياسية التي تؤثر على ممارستها، كالعوامل الجهوية والقبلية والدينية ونقص الوعي السياسي). إن ذاك الحنين للاستبداد يصيب الجماهير بالإحباط لأنها من خلال الانتخابات (لم تستفد شيئاً من الديمقراطية لأن معظم ثمارها قد وقع في يد الفئات التي استفادت من سياسة الانفتاح الاقتصادي) و(أدت إلى مزيد من التدهور في مستوى معيشة الطبقات الشعبية). مع ذلك فإن اليأس لا يصيب صلاح عيسى من تلك الديمقراطية المشوهة والناقصة لأنها (الوسيلة الوحيدة الأقل ضرراً التي توصل إليها البشر حتى الآن لكي يشارك الناس في حكم أنفسهم بأنفسهم). { مرة نملة ماشية بتبكي، مسكها مسطول ووضعها على كفه وسألها: إنت بتبكي ليه يا نملة؟ ردت عليهو: عشان بابا وماما وأسرتي كلهم ماتو. ضرب المسطول كفه بالكف التاني وقال: «لا حولَ ولا قوةَ إلاّ بالله».