في البدء معذرة لعبارة الكوجيتو الديكارتي وتحويرها في العنوان.. منذ فترة طويلة ربما تقارب السنوات .. لم أصفق.. إلا حينما فاز العداء أبو بكر كاكي.. بعدها مازلت أتساءل: هل تراخت أعصاب أكف يدي؟ أم ليس هنالك ما يستدعي التصفيق؟! هل تجمدت في الدواخل الانفعالات الإنسانية.. فرحاً أو حسرة؟ اعتراضاً أو إعجاباً؟ تفاعلاً أو غضباً؟ لا يغيب عنا أن التصفيق أداة تفاعل جماهيري.. ماذا أصابني؟ هل هي لعنة؟ يقال إن الطاغية الروماني نيرون أسس مدرسة خاصة لتعليم أصول التصفيق. وكان يأمر ما يقارب خمسة آلاف جندي من أفراد جيشه لحضور حفلاته الموسيقية.. حفلات كان يغني فيها نيرون! يا للمفارقة.. نيرون يغني ويعزف على الغيثارة. والجنود يصفقون له!! كنا ونحن صبية نردد مع القائلين: (الخميس صفقة ورقيص) وتحول الخميس في زمان الناس هذا من (صفقة) إلى (صفقات)! في ذاك الزمان الجميل كان رواد المطاعم (يصفقون) ليأتيهم العامل ويلبي طلباتهم.. الآن لو (صفقت) في مطعم لاتهموك بالجنون. طالعت مؤخراً كتاباً بعنوان (لماذا يصفق المصريون؟) لمؤلفه الباحث المصري الدكتور عماد عبد اللطيف وهو في الأصل أطروحة دكتوراة. رصد فيه التصفيق في الأديان. فالتصفيق في العهد القديم فعل محبب إلى الرب. وكان معروفاً في الكنائس المسيحية منذ القرن الرابع الميلادي. وعرفه العرب قبل الإسلام بوصفه شعيرة تؤدى أمام الحرم المكي. ورصد الكتاب ظاهرة التصفيق في العصر الحالي عند المصريين.. باعتبار الظاهرة من الأساليب والفخاخ التي يستخدمها السياسيون.. كما يستخدمها الفنانون للاستحواذ على القلوب. التصفيق ربما يكون علامة مساندة صادقة أو نفاقا! وربما يكون هزءاً وسخرية. وقد رصد الدكتور عماد عبد اللطيف أن أطول تصفيقة سياسية كانت في خطبة الرئيس السادات بعد نصر أكتوبر وقد استغرقت دقيقة ونصف! رجال السياسة هم الأكثر شريحة تتسول التصفيق. وما أكثر ظاهرة التصفيق المأجور ؟!! تلاحظ أن العديد من منتجي الكليبات الغنائية يحاولون الترويج لحفل ما من خلال إضافة (التصفيق). فما عاد هذا بزمان التصفيق طرباً.. من خلال الأذن. لأن الطرب أصبح ب(النظر) فقط.. حتى وإن كان من خلال عدسة (قعر كباية)!! آمل أن يتصدى لظاهرة التصفيق في هذا الوطن بعض باحثينا . هل تعلمون من يصفق (الآن)؟ و(لمن)؟ هل نقول (ربما فرطنا فيما لا يجب التفريط فيه)؟! أزعم أن أغلبنا يضرب كفاً بكف.. لما يحدث في هذا الوطن!! مسطول في مصحة معاهو صديقه مجنون.. نزلوا البحر للسباحة.. غرق المجنون فأسرع المسطول وأنقذه.. فقام طبيب المصحة قال للمسطول: عملك البطولي دا بخلينا نخرجك من المستشفى لأنك شفيت تماماً ولكن للأسف صديقك المجنون الأنقذته شنق نفسه ! فقال المسطول: لا .. ما شنق نفسه .. دا أنا العلقتو عشان تجف هدومه!!