لقد ظل التلفزيون السوداني يتقهقر ويتراجع في ظل دوامة التنافس المحموم بين الفضائيات، إذ هو لا يملك مقومات هذا التنافس، وأطروحاته فقيرة ليس فيها ثراء التنوع ويعتمد على عاطفة مختزنة بحكم الانتماء، لأن الإدارة تتمسك بالعقلية الكلاسيكية الباهتة في إدارة الملفات وتسيير النظم الإدارية، والمتابع للتلفزيون يلاحظ أن الفارق أضحى كبيراً، خصوصاً كجهاز قومي يجب أن يأخذ الأولوية الكاملة، ويبدو التمويل هو العقبة الأساسية ولا يمكن للعاملين بالجهاز أن يقدموا كل ما لديهم في ظل هذا التردي، الأخبار التي تعد الأساس تفتقد لمنهجية التناول المرحلي، أما المنوعات فحدث ولا حرج! فهي تؤسس لفلسفة الثرثرة والتنظير ولا تقدم المادة الخفيفة الطازجة التي تساعد المشاهد على فتح نافذة جديدة مع التلفزيون. أما الرياضة فما زالت تقدم أفكارها بالطريقة التقليدية القديمة. الفضائيات الأخرى تمنح التلفزيون فرصة التجويد والتفكير العميق، ولكن في ظل الإدارة الحالية التي جعلت معظم المبدعين يهاجرون قسراً إلى الفضائيات الأخرى، بحثاً عن الاستقرار والتقييم الأمثل، لا يمكن أن يحدث التجويد، وإذا لم يراجع التلفزيون نفسه فلربما يتحول هذا الجهاز الحساس إلى مكاتب فارغة تتحرك فيها «المراوح»، بدلاً عن الإبداع الذي غادر هذا المبنى المحترم. التلفزيون فقير وكئيب وإذا قدر له العودة إلى زمانه وجذب جمهور المشاهدين فلا بد أن يحدث التغيير الشامل الذي يبدأ من الإدارة، مروراً بالكوادر، إحلالاً وإبداعاً. وإن كان لا بد من نصيحة فنقدمها لمن يتسلم دفة العمل بأن يركز على البرامج الخفيفة كالمنوعات مثلاً وابتكار الجديد في نوعية البرامج، وعدم تكرار الممجوج المستهلك، والتركيز أيضاً على جماليات الشاشة بإتاحة الفرصة للمتعاونين من خارج الجهاز لأن عندهم يكمن الإبداع. وختاماً يجب أن ينأى التلفزيون عن مقبرة «بوق الحكام الأوحد» حتى لا يأتي العام 2015 وليس هناك مواطن واحد يجلس ليشاهد التلفزيون السوداني.