بعد أدائها القسم وعرض ملامح برنامجها أمام المجلس التشريعي، حدثتنا حكومة ولاية الخرطوم عن نفسها من خلال الحراك اليومي لواليها ورئيس المؤتمر الوطني بالولاية، د. عبد الرحمن الخضر، ومنذ ذاك الوقت القريب بدأت حكومة ولاية الخرطوم خطواتها العملية في إنفاذ محاور برنامج استكمال النهضة الحائز على شعبية مقدرة من أصوات الناخبين، من خلال عدة تحركات قامت بها الحكومة والجهاز السياسي فيها في كافة الجوانب، ومن هنا يمكن النظر لهذه البدايات الجادة من أكثر من زاوية سواء أكان هذا تنفيذياً أم خدمياً أم سياسياً. ولأن الولاية تاريخياً ظلت هي ولاية المبادرات والإسهامات الخلاقة في العمل الوطني، التي يعود ريعها على كل السودان؛ تبنت من تلقاء نفسها عبر المؤتمر الوطني بالولاية مبادرة نحسب أنها مهمة ومطلوبة ومرجوة، ونأمل أن يلتف الجميع شعباً وأحزاباً وحكومة اتحادية حولها، وأن يفتحوا الأبواب والنوافذ جميعها لهذه المبادرة الجديدة، وهي الإسهام في كتابة دستور السودان الجديد. لفتة سياسية وتشريعية بارعة ومهمة ابتدرها المؤتمر الوطني بالولاية، ودعوة جامعة يجب أن لا تنقطع، بل أن تدعم من د. أحمد مندور المهدي وذلك بغية الوصول إلى رؤية هادية وهادفة للإسهام في كتابة الدستور القادم، وحسن أن أكد المؤتمر الوطني هنا على لسان قادته أنه حوار مفتوح ومطروح ويتقبل أي وجهة نظر وصولاً إلى الفهم الجامع والتوافق المشترك، وحسن أيضاً أن قال د. عبد الرحمن الخضر بما فهمناه إنه في سبيل الوصول إلى هذه الغاية لا بد من أن نخرج من الأطر الحزبية إلى باحة الحوار الفسيح. إذن هو حوار انطلق في الهواء الطلق من ولاية معطاءة عودتنا دائماً أن تكون هي الولاية الأنموذج فلقد ظل ما يدور فيها من حراك وما تكتبه من قوانين وتشريعات تشكل إطاراً هادياً للولايات الأخرى. ولكن قبل هذا وذاك هناك أسئلة لا نريد لها أجوبة إلا من خلال الحوار الذي سيدور حول الدستور، أولها كيف ننأى بهذه الوثيقة عن الخلاف اللاحق أي بعد أن يكتب الدستور؟ ففي العام 1989م انقسمت القوى السياسية داخل الجمعية وقتذاك حول مفردات ونصوص القانون الجنائي على الرغم من أن الأغلبية الميكانيكية خارج البرلمان وقوى الأحزاب التقليدية كانت مؤيدة للقانون، وهنا جاءت العبارة الشهيرة (بتوضيحاتها). كذلك شهدت جميع الدساتير خلافاً في بعض الرؤى وهذا الخلاف تزداد حدة درجته بعد الصياغة مثلما شهدنا ذلك في دستور 1998 الذي جاء بمفردة «التوالي السياسي». وحسن ثم خير أن أكد الجميع وعلى رأسهم من دعوا إلى هذا الحوار الإيجابي على أنه لا بد من أن ينص في الدستور الجديد على مبدأ التداول السلمي للسلطة وذلك من أجل التداول الحقيقي للسلطة. وحتى نذكر الجميع أن هناك جملة من الأسئلة مطروحة أيضاً هو كيف نجعل ما هو مكتوب من تنظير ونظريات يجد طريقه نحو التطبيق؟ حقب سياسية كثيرة ومجموعات حاكمة في مختلف الأنظمة متهمة بأنها تضع الدستور جانباً وتعمل بفقه الضرورة، وفي إطار سياسة رزق اليوم باليوم، ومن هنا يبرز السؤال الكبير كيف نجعل دستور دولة الشمال القادمة محصناً ومنيعاً حتى لا تقول جماعة لجماعة ولا طائفة لطائفة إنكم خرقتم الدستور أو أن يقال هؤلاء خرقوا الدستور ولنا مواصلة.