ولاية جنوب كردفان لا تكاد تنتهي من أزمة حتى تدخل من جديد إلى أخرى أشد وأقوى، قابلة للانفجار، إذ كشفت مصادر في الأممالمتحدة عن مقتل (7) أشخاص وجرح العشرات أمس (الثلاثاء) في مواجهات جديدة لليوم الثاني على التوالي بين القوات المُسلحة والجيش الشعبي بمدينة كادقلي.. وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع (الأهرام اليوم) بإغلاق مطار كادقلي ومغادرة مئات الأسر للمدينة. الحركة الشعبية بذلت الاتهامات بأن تدابير وإجراءت أمنية أُحادية بالولاية لنزع سلاح الجيش الشعبي، أدّت إلى توتر الأوضاع، ودعت إلى إجراءات أمنية مشتركة بين الطرفين لتخفيف حدة التوتر. وكانت المنطقة قد شهدت اشتباكات مُسلحة الاثنين الماضي، كما أعلنت القوات المُسلحة الأحد الماضي احتساب شهيد و(7) جرحى من قواتها إثر تفجر المعارك بمنطقة (أم دورين) (46) كلم شرقي مدينة كادقلي، وأعلنت احتفاظها بحق الرد في المكان والزمان المناسبين. من جهته قطع الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي بعدم قدرة القوات الدولية على التصدي للتطورات التي تشهدها ولاية جنوب كردفان، وقال ل(الأهرام اليوم) أمس (الثلاثاء) إن المجتمع الدولي لم يكترث كثيراً لنزاهة الانتخابات وركز على الاستفتاء وفصل الجنوب ومن ثم معالجة قضية دارفور، وحذّر من الأصوات التي وصفها ب(المستفزة) من الحكام بالشمال والجنوب. في السياق صرح أمين عام الحركة الشعبية ياسر عرمان ل(فرانس برس) إن القضية الأساسية تتمثل في الترتيبات الأمنية دون استشارة الحركة الشعبية ما أدّى إلى تأزيم الموقف. وقبل تفاقم الأوضاع الأمنية بالولاية اجتمعت قيادات من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بتوجيه من الرئاسة وقيادة طرفي اتفاقية السلام الشامل (الاثنين) بمدينة كادقلي، واتفق الطرفان على التمسك بالسلام والاتفاقية بالمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، وإدارة حوار حول كافة القضايا المُختلف عليها، وإزالة كل مظاهر التوتر التي نجمت عن الأحداث الأخيرة التي وصفاها ب(المعزولة)، ودعا الاجتماع المواطنين إلى مواصلة حياتهم الطبيعية والعمل لتعزيز السلام والمصالحة. وحول الاشتباكات قال المتحدث الرسمي باسم القوات المُسلحة الصوارمي خالد سعد في تعميم صحافي إن قوات الجيش الشعبي هاجمت منطقة (أم دورين) بقوة تُقدَّر ب(سرية مُشاة)، ونوّه إلى تدفق أعداد كبيرة من منسوبي الجيش الشعبي بالمنطقة مما دفع القوات المُسلحة إلى الانسحاب إلى موقع جديد لإعادة تنظيم صفوفها.. بيد أن الأمم المُتحدة قالت إن القوات المُسلحة أطلقت نيران المدفعية بالقرب من مقرها بأبيي، وطالبت في تعميم صحافي حصلت عليه (الأهرام اليوم) بالإيقاف الفوري لإطلاق نيران المدفعية الذي اعتبرته تهديداً أمنياً لوجودها ولدورياتها ورحلاتها الجوية بالمنطقة. لكن القوات المسلحة عادت وأكدت في تعميمها الصحافي عودة المواطنين إلى قراهم وممارسة حياتهم اليومية، واتهمت قوات الجيش الشعبي بزعزعة الأمن والاستقرار لخلق حالة من الرعب والهلع في أوساط المواطنين، وانتهاك الترتيبات والإجراءات المبذولة لتهدئة الأحوال ووضعها في نصابها الصحيح. قال الترابي في أعقاب اجتماع موسع للقوى السياسية لبحث الأوضاع بولاية جنوب كردفان التأم بدار (الشعبي) أمس (الثلاثاء) إن بعثة (يونميس) تداركتها أمور أكثر مما تدركه عن السودان وأحواله، ووصفها بغير المرتبة ولا تمتلك أي بينات عن الوقائع وأضاف: «قد تتخذ إجراءات عامة ولكنهم لا يملكون دراسات ولا متابعات والسبب في ذلك طبعاً (أي واحد مهموم بي همو)». في الأثناء طالبت القوى السياسية جميع الأطراف بالإيقاف الفوري لإطلاق النار وضبط النفس، وأقر المجتمعون بضرورة الاتصال بالمؤتمر الوطني والجلوس إليه لاحتواء الموقف، وتشكيل مجموعة عمل للاتصال بمختلف الجهات ومتابعة الأوضاع الأمنية والإنسانية، وشدَّد المجتمعون على اعتماد الوسائل السياسية وإدارة حوار جاد لإنهاء الأزمة. وطبقاً لتعميم القوى السياسية الصحافي الذي حصلت عليه (الأهرام اليوم) أمس (الثلاثاء) فإن القتال في المدن ما يزال مستمراً، بجانب نزوح عدد من المواطنين لا سيما في حاضرة الولاية كادقلي، وتردي الأوضاع الإنسانية بصورة مريعة وانعدام للمؤن والأمن. من جهتها كشفت البعثة الأممية (يونميس) عن استمرار عمليات النهب في (أبيي) رغم تأكيدات القوات المسلحة بإيقافها، وحثت البعثة الجيش على الوفاء بالتزاماته والتدخل لإيقاف ما سمتها الأعمال (الإجرامية)، ودعت جميع الأطراف إلى منع تصعيد العُنف باعتباره يقود إلى خسائر جديدة في أرواح المدنيين، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس في حل النزاع، واستئناف الحوار بهدف نزع فتيل التوتر في (أبيي)، وأبدت البعثة قلقها من الاشتباكات التي وقعت في (أم دورين) بجنوب كردفان. لكن القوات المسلحة دعت أمس (الثلاثاء) بعثة الأممالمتحدة في السودان (يونميس) إلى تحري الدقة في معلوماتها عن الأوضاع بمنطقة أبيي خاصة وجنوب كردفان بصفة عامة، وأن تتوخى الحياد في بياناتها الإعلامية لوسائل الإعلام حول حقيقة الأوضاع الأمنية بالمنطقة بعيداً عن تضليل الرأي العام. وانتقد المُتحدث الرسمي باسمها العقيد الصوارمي خالد سعد بيان بعثة الأممالمتحدة الذي وصفت فيه أعمال القوات المسلحة بأبيي وجنوب كردفان بأنها أعمال إجرامية، مؤكداً أن القوات المسلحة لم تقم بأي عمليات عسكرية داخل مدينة كادقلي أو حتى في أبيي. وكانت لجنة أمن ولاية جنوب كردفان أعلنت أن الأوضاع بمدينة كادقلي حاضرة الولاية تحت السيطرة بعد الأحداث التي عاشتها المدينة (الاثنين) ووصفت حوادث إطلاق النار في المدينة بالمعزولة، وأشارت في تعميم صحافي حصلت عليه (الأهرام اليوم) إلى إن الأحداث بدأت بإطلاق أعيرة نارية تجاه أحد المواقع التأمينية بمدينة كادقلي وقام الموقع بالرد ما أدّى إلى إطلاق نار عشوائي في مختلف أنحاء المدينة، وأشار البيان إلى أن كُل الأطراف من قيادات القوات المسلحة والمشتركة والجيش الشعبي والشرطة والأمن تعمل تحت مظلة لجنة أمن الولاية للسيطرة على إطلاق النار، وأكدت لجنة أمن الولاية التزام كافة الأطراف بما توصلت إليه الأطراف من خريطة الطريق الأمنية لمعالجة الموقف الماثل والمستقبلي. ووصف والي الولاية أحمد هارون الاشتباكات بالمحدودة والمتفرقة و(العشوائية)، كما وصفها أمين عام الحركة الشعبية ياسر عرمان بالحادث (المعزول)، وأن شريكي الحُكم أظهرا رغبة في إنهاء الخلافات بالحوار، لافتاً إلى إمكانية العبور خلف ما وقع من تطورات مسلحة بالمدينة، وكشف عن اتصالات بين نائبي الرئيس الفريق أول سالفاكير ميارديت وعلي عثمان محمد طه لاحتواء الأوضاع.