حقيقة أنا متشائمة جداً وغير متفائلة بالوضع الاقتصادي بعد التاسع من يوليو القادم.. وكل الدلائل والمؤشرات تنذر بواقع اقتصادي سيئ للغاية، وأن سياسة ربط الأحزمة حول البطون أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ وذلك بالرغم من أنها نفذت بالفعل عقب قرارات وزارة المالية الشهيرة؛ قرارات سبتمبر، التي كانت بداية (الشرارة) للإعلان عن واقع اقتصادي غير محتمل. فحتى سياسة التقشف التي أعلنت كانت مطبقة قبل الإعلان عنها وذلك لكون المواطن السوداني أصبح غير قادر على شراء (أبسط) الاحتياجات اليومية الاستهلاكية حتى إن كانت الأسرة تتكون من الأب والأم واثنين من الأبناء، فما بالكم بتلك الأسر التي يتكون أفرداها من (7) أو (10) من الأبناء. لذا فنستطيع أن نسمع كثيراً بحالة الجنون التي تجتاح الكثير من الأسر لكون رب الأسرة لا يستطيع تلبية حاجات (الأبناء)، و(الأبناء) الصغار لا يعرفون سياسة ربط الأحزمة أو التقشف أو منع إيقاف استيراد العربات وذلك على سبيل المثال. بعد التاسع من يوليو ستتوقف عجلة الحياة الاقتصادية، خاصة وأن هناك توقعات بإيقاف ضخ البترول وخطوط الأنابيب وموانئ التصدير الشمالية.. فالشمال كان قد بنى آماله على إيجار الخط الناقل للبترول ولكن الصورة تبدو جد قاتمة والضبابية تسيطر عليها من كل الاتجاهات، خاصة وأن الحركة الشعبية لم تتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن كما أعلن ذلك أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان. نعم (98%) من ميزانية حكومة الجنوب تعتمد على البترول، فالمنطق كان يقول كما أعلن ذلك المهندس علي أحمد عثمان وزير الدولة للنفط.. كان يقول أن نتعاون شمالاً وجنوباً فليس من السهل أن تبني حكومة الجنوب خطاً ناقلاً فكم يكلف من المال والزمن.. يبنى عبر الغابات وفي مناطق غير آمنة.. فالتكلفة أعلى والمساحة أطول والبنى التحتية الأساسية تكلف نسبة عالية. ومن هذه القراءة التي أعلنها وزير الدولة للنفط نقول إن المتضرر الأول حكومة الجنوب ثم الشركات ثم الشمال وذلك في حالة بنائها خطاً ناقلاً للبترول. نعم (كلنا) نسير في نفس الاتجاه الذي أعلنه وزير الدولة للنفط ولكن للأسف الشديد الواقع الآن يقول غير ذلك، خاصة بعد تصريحات رئيس البرلمان التي أعلن خلالها فشلهم في التوصل مع الحركة الشعبية إلى اتفاق حول البترول وأنابيب النفط. إذن لماذا نعقد الآمال مع (أناس) يفتقرون للرؤية العلمية ويحملون (حقداً) دفيناً للشمال.. يسعون والجهات التي تدعمهم إلى تدمير الشمال وإنسانه وإيقاعه في (براثن) الفقر والجوع.. نعم وقعنا و(انتهينا) في براثن الفقر والجوع و(الجايات) أكثر لأننا لم نتحسب لمثل هذه الأفكار واعتمدنا كلياً على البترول ولم نضع في الحسبان الانفصال.. أهملنا قطاعاتنا الإنتاجية و(حملنا) المواطن الكثير ونحن نزداد في الإنفاق الحكومي والاستدانة من الجهاز المصرفي ليصل التضخم أعلى مستوياته.. التضخم هذا لا يعرفه المواطن ولا يعرف معناه ولكننا نقول له التضخم كمية من (القروش) تضعها في (جيبك) وعندما تذهب إلى السوق تنتهي بسرعة البرق وتكون الحصيلة أشياء بسيطة جداً قمت بشرائها مقابل مبالغ ضخمة وكبيرة.. الآن نحن مهددين بسياسة تقشف جديدة.. فوزارة المالية كانت عندما أعلنت زياة أسعار المواد البترولية أكدت أن هذه الإجراءات تعتبر جرعة أولى وأن جرعات أخرى ستأتي.. فقد جاء وقت الجرعتين الثانية والثالثة التي ستكون أكثر مرارة، حيث يتوقع أن تزداد أسعار المواد البترولية وأنتم تعرفون جيداً مدى تأثير المواد البترولية على السلع وتعريفة المواصلات التي سيكتوي بنيرانها (محمد أحمد الغلبان).. ستزداد الضرائب وترتفع أسعار كل السلع. إذاً من المسؤول عن حمايتنا خاصة وأن هنالك توقعات بإجراءات مالية تقشفية جديدة الشهر المقبل الذي سيشهد كذلك موازنة جديدة وحتماً ستأتي بموازنة جديدة بأهداف وبرامج لمقابلة متطلبات المرحلة. (غايتو) نقول (بس) الحمد لله وأن عام (الرمادة) قد جاء ودخل علينا من كل الاتجاهات.. فمن يا ترى الذي سيقفله؟ أهي وزارة المالية وسياساتها التقشفية أم هو المواطن الذي سيدخل دار (المجاذيب) (بجنازير) وقيود.. وأخيراً نقول للمالية رفقاً بالمواطن!!