{ القبول من رب العالمين كلمات نرددها أحياناً تبريراً لمحبة الناس لشخص وإقبالهم عليه حتى لو لم يكن يمتلك المواصفات الحسية التي نفترض أنها سبب في تميزه بكاريزما تجعله مقبولاً ومحبباً ومحط اهتمام المحيطين به لكنه يبقى القبول من رب العالمين! ويبدو أن ما ينطبق على البشر ينطبق كمان على البرامج الفضائية، بدليل أن برنامجاً كنجوم الغد لم يشهد تطوراً على مستوى التنفيذ البرامجي، وأقصد أنه لم يخلق حالة من الدهشة البصرية إن كان من ناحية إخراجية أو جمالية على مستوى «لوكيشن» التصوير أو أي بهارات إضافية تمنحه مذاقاً مختلفاً ما بين موسم وآخر، فبابكر صديق هو بابكر صديق؛ بذات تعليقاته وقفشاته العفوية، والفرقة الموسيقية تجلس بذات الطريقة (المحصورة) دونما براح أو اتساع متداخلة مع الكورس من المتنافسين في ضيق شديد وكأن الكرة الأرضية ضاقت على اتساعها، ولجنة التحكم هي ذات اللجنة «بوقار» أفرادها الدكتور محمد سيف، ودكتور الدرديري الذي يخفف من كثرة خفة دم أستاذنا محمد سليمان، أما حركة الكاميرا فهي بطيئة ورتيبة واللمسة الإخراجية محدودة بمحدودية المكان وشاغليه. رغم هذه الملاحظات المهمة التي قد يكون في بعضها سبب كافٍ لإفساد أي برنامج إلا أن نجوم الغد يجد متابعة وقبولاً منقطع النظير، والسبب مؤكد أن «القبول من عند رب العالمين»، بدليل أن الفضائية السودانة عندما أرادت استنساخ نجاح النيل الأزرق ببرنامج غنائي فشل فشلاً ذريعاً ومعظم المشاهدين (قطعوه معاه ناشف)، ولم يجد ربع ما وجده نجوم الغد.. وإن كنت في الموسم الماضي قد قلت إن البرنامج لم يضم أصواتاً لافتة كموسم فهيمة عبد الله، ذاك الموسم الذي يستحق أن نسميه موسم العمالقة للأصوات المهولة التي ظهرت فيه إن كانت فهيمة أو شموس أو نادية أو شول، إلا أن هذا الموسم الذي شاهدت منه حلقة الخميس الماضي يجعلني أقول إنه سيكون موسم (التفرد) لأن به أصوات لا مثيل لها. دعوني أتحدث عن أحدها تحديداً وهو صوت الشاب «سيف»، هذا الصوت الذي يشبه اللؤلؤة المخبؤة داخل صدفة تغازلنا ببريق عجيب، وكأنها تقول إنها تقصد الاختباء لأنها لو ظهرت بكامل بريقها فلربما أصابت عيوننا بضرر الإضاءة الزائدة التي قد تعمي الأبصار؛ هو بالضبط صوت سيف الملفوف بالسحر الجميل في غموض، المنطلق برزانة، الهادئ في صخب من الروعة والإبداع، ولعلي بعد أن استمعت إليه أدركت أن هذا الموسم قد حسم من بداياته والشاب يتجلى روعة وهو ينافس نفسه عندما غنى لرمضان حسن ولشرحبيل أحمد وللعملاق وردي، وحتى لو أنه ولأي سبب من الأسباب لم يفز باللقب فأحسب أننا بصدد اكتشاف خطير لصوت لا مثيل له جمالاً وروعة. فيا مشاهدي نجوم الغد خلو بالكم من زول اسمه سيف، صحيح أنه لم يخرج من البيضة لكنه كما يقول المثل: «البيضة الناجحة من عشها زوزاية»!! كلمة عزيزة ينطبق على أكثرنا إن لم يكن جميعنا من الذين يمتهنون الصحافة المثل القائل: «الصيت ولا الغني»، ورغم أنهم يتصدون لمشاكل وهموم الوطن والمواطن لكنهم يرجئون مشاكلهم وهمومهم في تفانٍ وإخلاص غريبين. على فكرة معظمنا يسكن بيوت الإيجار ويعاني كما يعاني العامة ويحمل ذات الهموم وذات الأحلام، هذه الأحلام التي احتضرت بتخصيص خطة اسكانية للصحفيين وتمليكهم قطع أراضي، لكنها مثل كل المشاريع التي تبدأ مسخنة وفجأة يصيبها البرود، إذ أن الدفعة الأولى استلمت أراضيها، أما الدفعة الثانية فقد (نامت على الخط) بفعل البيروقراطية والمكتبية وتهميش المهم!! لذا أعتقد أنه حري بالدولة أن تملك هؤلاء أراضيهم على وجه السرعة. ودعونا مرة نكتب عن همومنا حتى لو كنا ممسكين بالقلم لكنه مكتوب علينا الشقاء!! كلمة أعز قرأت أن دراسة طبية أثبتت أن مشاهدة التلفزيون لمدة ساعتين تصيب الإنسان بالأورام والسكتة القلبية، طيب يا دكاترة ما هو التشخيص لزول بشوف الفضائية السودانية لساعة بس؟