} ثلاثة أيام قضيناها في رحلة شاقة مع السيد رئيس الجمهورية في مدن وأرياف ولاية البحر الأحمر، من (درديب) في الجنوب إلى (أوسيف) بأقصى الشمال، مروراً ب(هيا) و(سنكات) و(محمد قول) وبورتسودان، حيث منها تطير (المروحية) وفيها تهبط، استعداداً لرحلة أخرى. } الرحلة بالطائرة الهيليوكوبتر من بورتسودان إلى (أوسيف) تستغرق أكثر من (ساعة)، وكذلك رحلة (درديب)!! بينما رحلة الطيران إلى (جدة) في السعودية مدتها (20) دقيقة، ثلث ساعة لا أكثر..!! } إنها ولاية مترامية الأطراف في بلد ما زال حتى بعد انفصال الجنوب (حدادي مدادي)!! صحراء ممتدة، وجبال لا عد لها، والبحر يطول ساحله، متجاوزاً حد البصر بمئات الكيلومترات، ويحتضن بورتسودان، فتبدو عروساً له بحق وحقيقة!! } الجمال في البحر الأحمر يتحدث (بجا) ويتمسح عروبة، البحر والأسفلت، الناس والجبال، معاناة مع الطبيعة، مع طقس جاف ولّدت كل هذا الإبداع!! } والي البحر الأحمر (محمد طاهر إيلا)، رجل من (نوع) خاص، كتبت عنه حلقات قبل أكثر من (ثلاث سنوات) وقلت يومها إن الناس كانوا يهتفون مع قدوم (جبهة الشرق) إلى ساحة السلام (بجا.. حديد). يقابلها هتاف أعلى: (إيلا.. حديد)!! وكان حقاً يستحق هذا التوصيف.. } الآن.. بعد كل تلك السنوات يهتف الجميع، أو يهمسون في جلساتهم الجانبية، بمن فيهم أعضاء وفد السيد الرئيس: (نعم... إيلا حديد). } إنه (والٍ) مختلف، سخَّر ما توفر له، وما ابتدعه، من (قليل) الإمكانيات لخدمة إنسان الولاية، كهرباء، وطرق، مدارس، ومستشفيات ولم يعتمد على إيرادات الولاية أو نصيبها من (المال الاتحادي)، بل دفع بالقطاع الخاص مشاركة فعالة وكبيرة في تمويل مشروعات التنمية والخدمات. } البنوك وعلى رأسها (بنك أم درمان الوطني) و(الشمال الإسلامي) ومصرف (المزارع) وبنك (تنمية الصادرات)، ومصارف أخرى دخلت مع (الولاية) في شراكة منتجة في مشروعات تشييد المستشفيات، واستراحات الأطباء الفخيمة، وتوليد الكهرباء وتوصيل شباكاتها، ومحطات تحلية المياه. } اتحاد أصحاب العمل أيضاً من شركاء الإنجاز في ولاية البحر الأحمر، وفد رفيع منهم برئاسة السيد (سعود البرير) جاء إلى (بورتسودان) في اليوم الثاني للزيارة للمشاركة في احتفالات افتتاح العديد من المشروعات. } كثيراً ما يتردد في صحفنا، وغيرها، حديث عن عدم (شخصنة) المؤسسات، أو حتى (الصراعات)، لكن الحقيقة أن (الأشخاص) هم الذين يصنعون المؤسسات، والمؤسسية، وهم أنفسهم الذين يخلقون الصراعات، وعندما تكون (الشخصنة) لفائدة المجتمع والدولة، تنطلق المؤسسات تلقائياً، لأن العمل ودورات عجلاته يستقطب الكثيرين في دائرة الإنتاج، أما (الشخصنة) التي تستهدف (الذات) وطموحات (فرد)، لا (جماعة)، فهي السالبة التي تنتج الصراعات التي تُدمر المؤسسات. } الإدارة مدارس، ومدرسة (إيلا) التي يعتبرها البعض (فردانية)، هي في الحقيقة تطبيق عملي لتوجيه (مركزية الفرد القائد) لصالح (الجماعة)، فإذا كانت النتيجة النهائية: المزيد من التنمية والخدمات، والمزيد من الجمال، رغم الفقر المدقع الذي يعاني منه إنسان الولاية، فإنها (فردانية) إيجابية، لا تستهدف تركيز السلطة في شخص واحد، دون تقديم مقابل ملموس ومحسوس. } إنها تجربة رائدة تستحق الدراسة والمتابعة، وسنفصِّل في ملاحظاتنا لاحقاً. } وعاش (الشرق) آمناً.. مطمئناً.. سخاءً.. ورخاءً..