حقائق ما يجري هي عكس ما نشاهد ونلهث خلفه مثل سراب بقيعة يحسبه كثيرون ماء، وما يزعجني جداً تلك الأشياء التي نتوهمها ونظن أنها الأشياء، ويتملكني الأسي وأنا أرى كل المؤامرات التي تحاك لتقضي على هذا الوطن، تسند الأدوار الرئيسية فيها إلى مجموعة من بني جلدتنا وربما يكون بعضهم بدون علمهم وهم في حقيقة الأمر مستدرجون وبعضهم أدمن العمالة وصار يتنقل بين مربعاتها ومراحلها وأزماتها ومناطقها حتى صار (يتعرّم) لها ولا يعيش إلا في أحضانها. الموقعون على اتفاق أديس أبابا والرافضون له كلهم يشيحون عن الحقيقة التي تمضي نحو نهاياتها حتى تطبق بهم جميعاً وهم يتعاركون بسبب ورقة بائسة ويدخلون في اجتماعات لزراعة التفاصيل وشيطانها ينتظرها تحت الطاولة حتى يسمونها ويعددونها ليصطحبها عائداً إلى النيل الأزرق وجنوب كردفان وفي تلك المناطق ومنذ ما يقارب الشهرين بدأ الموقعون على الاتفاق مسارهم الحقيقي نحو غايتهم وهم يغتالون العشرات من أئمة المساجد والدعاة وقيادات وكوادر المؤتمر الوطني واحداً بعد الآخر، كان آخرهم رئيس المؤتمر الوطني بمحلية البرام وقبلها اغتالوا حتى المعتدلين من وزرائهم وقياداتهم السياسية من أبناء النوبة. في هذا الظرف لا بد أن تتمايز الصفوف وأن ترد الحكومة الصاع صاعين لكل مبادر بالعدوان وأن تحسم العملاء قبل أن يستفحل تأثيرهم ويمس بالأمن القومي ومصالح البلاد العليا ويجب ألا يغيب عن البال تلك التسريبات الكثيرة التي ترشح من جوبا وكادوقلي والدمازين وهي تجمع هؤلاء العملاء بالسفراء الجواسيس والمنظمات التجسسية التي ترفع شعارات بريئة تخفي خلفها تدابير قذرة ومؤامرات سيئة ودنيئة تهدف لتغيير بنية النظام في السودان كما جاء في اجتماع جوبا الشهير الذي جمع ثالوث الشر بمندوبة الولاياتالمتحدةالأمريكية لمجلس الأمن هذه الزنجية التي تجتهد لتنال رضا البيض واليهود حتى تزحف نحو منصب وزير الخارجية الذي غالباً ما يتاح للمخلصين من الزنوج وقد شهدنا ذلك مع كولن باول وكونداليزا رايس. كلكم تعلمون أن خلف هؤلاء جيوش فقط وقد تخلت عنهم شعوبهم بعد أن انكشفت حقيقتهم وهذه الجيوش لم تغفلها اتفاقية السلام الشامل وقد أوضحت ترتيباتهم التي تنتهي بالدمج أو التسريح أما العملية السياسية فإن قانون الأحزاب هو الذي ينظمها وصناديق الاقتراع هي التي تحسمها ولذلك ليس في الأمر حرج أن يمارس هؤلاء حقوقهم كمواطنين حتى لو كان ذلك تحت مظلة الاسم القديم دون أن يكون هناك ارتباط سلبي بدولة الجنوب وحركتها الشعبية وجيشها الشعبي وعلى الحكومة أن تلزم قطاع الشمال بذلك وأن تنتبه للتفاصيل وألا تتركها للشيطان، وإن واحد زائد واحد يساوي اثنين. أما ما دون ذلك فإن للحكومة كل الحق في إبطال نشاط المنظمات وأن تحاصره وتراقبه وتتشدد نحوه بما يحفظ للبلاد أمنها واستقرارها وقد عاثت هذه المنظمات فساداً في تلك المناطق وهي تخطط وتدبر خلف أنشطتها التي تدعي أنها إنسانية لنسف استقرار البلاد وإن عدداً كبيراً من هذه المنظمات هي واجهات للمجتمع الإسرائيلي العالمي ويديرها يهود يحملون جوازات غربية ولعل المراقب لأنشطة المنظمات يجدها وقد أقامت مركزاً إقليمياً في كمبالا تنطلق منه أنشطتها نحو مواقع عدة داخل القارة السمراء بما فيها السودان وهم يتسترون خلف منظمات طوعية ومؤسسات إعلامية ومشروعات استثمارية وأنشطة علمية وبحثية كلها تجمع معلومات وترمي بها في صندوق واحد ينتج أزماتنا أو يديرها حتى تبلغ منتهاها. أس البلية هؤلاء العملاء وتلك المنظمات وعلى الدولة وبعيداً عن الاتفاقيات وتفاصيلها يجب أن تنطلق خطوط موازية مثل ما يفعلون هم لتعيد الأمور دائماً إلى نصابها وأن تدعم تلك الخيوط تنفيذات تلك الاتفاقيات دون أن ننتظرهم بكل البراءة ونحن الأفضل في تنفيذاتها وهم الأوفر خرقاً لها دون أن تكون هناك جهة تحاسب أو حتى تدين وتعاقب ولتكون الصورة أكثر وضوحاً نعود إلى انتخابات جنوب كردفان وقد مارسناها بكل شفافية وانتظرناهم وهم يزوّرن ويقتلون ويعتدون ويطردون المراقبين حتى قدموا ببعض الصناديق وهي تتجاوز سجلها الانتخابي وقبلنا خطوطهم الموازية في تلك الانتخابات ودخلنا معهم الفرز وكادت المصيبة تقع.