أرسلت الولاياتالمتحدةالأمريكية اثنين من كبار دبلوماسييها إلى رام الله بالضفة الغربية لإقناع الرئيس الفلسطينى محمود عباس بأن يصرف النظر عن الذهاب إلى الأممالمتحدة سبتمبر الحالى طالباً الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م؛ أي تلك التى تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية التى من المقرر أن تكون عاصمة للدولة الجديدة، وفى المقاطعة وهو اسم مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله تمسك الرئيس الفلسطينى بموقفه المصمم على ابتغاء الاعتراف من الأممالمتحدة مع تأكيده على أنه ليس هناك ما يحول بينه وبين العودة إلى المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين بمجرد أن يتوقفوا عن بناء المستوطنات فى الضفة الغربية والقدس الشرقية. وكان موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون سلبياً أو دبلوماسياً أكثر من اللازم، فهو لا شأن له بالتصويت المرتقب فى الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاستقلال الفلسطينى، فالتصويت مسألة تخص الدول الأعضاء وليس فى إمكانه ولا فى عزمه أن يؤثر عليه. والنتائج المترتبة على التصويت رمزية أكثر مما هى عملية، فالمهم هو أن يجاز الاقتراح فى مجلس الأمن وهو ما لن يتحقق لأن الولاياتالمتحدة سوف تستخدم حق الفيتو فهى تقود عملية رفض إعلان الاستقلال الفلسطينى من داخل الأممالمتحدة وتشترط أن يعود الفلسطينيون إلى التفاوض المباشر مع الإسرائيليين. ولقد يسأل سائل لِمَ يصر الفلسطينيون ونصب أعينهم الرفض الأمريكى على إعلان الاستقلال من داخل الأممالمتحدة طالما أن إصرارهم لن تترتب عليه حقائق ملموسة على الأرض ثم إنه سوف يؤدى إلى حجب المساعدات الأمريكية عنهم وهم فى أمس الحاجة إليها؟! لكن الإعلان عن الاستقلال من داخل الأممالمتحدة يعد انتصاراً دبلوماسياً ومعنوياً للسلطة الوطنية الفلسطينية ولرئيسها محمود عباس، خاصة وأنه مقبل على التقاعد وعليه يكون الإعلان خير ختام لحياته السياسية الحافلة، ففي منتصف ستينات القرن الماضى رأت مجموعة من الشبان الفلسطينيين، يتصدرهم ياسر عرفات ومحمود عباس وآخرون، أن الدول العربية فشلت فى حل قضيتهم وأن الحل الوحيد هو الكفاح المسلح فأسسوا حركة فتح وأطلقوا الرصاصة الأولى مطلع منتصف الستينات وكان طريقا طويلاً شائكاً ولقد أعاد الكفاح المسلح الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية لكن القوة الإسرائيلية الضاربة والانحياز الأمريكى السافر لها والضعف العربى العام وعدم توظيف الجيوش العربية لمواجهة إسرائيل، بالإضافة إلى اعتراف كل دول العالم بها تقريباً، أدى بعد سنوات وسنوات من الكفاح المسلح إلى أن تعيد منظمة التحرير النظر فيه فعدلت ميثاقها وفاوضت الإسرائيليين فى أوسلو وغيرها ونشأت السلطة الوطنية التى تتطلع الآن إلى إعلان الاستقلال من داخل الأممالمتحدة وكان الكفاح السياسي أيضاً طريقاً طويلاً شائكاً وفى الكفاحين المسلح والسياسى كان الرئيس محمود عباس أبومازن فى مقدمة الصف.