معاً نحو منهج علمي لجودة واستدامة الخدمات الطبية وتشجيع البحث العلمي والتطوير المهني في الارتقاء بالخدمات الطبية العسكرية، كانت هي إحدى شعارات الوثبة في ظل معطيات التقدم التقني الذي تحقق في كل مستشفيات القوات المسلحة لمسيرة عقدين من الزمان، فلقد استقبل السلاح الطبي أحدث المعدات الطبية بالسودان بل والأولى من نوعها. فلقد شهدت الخدمات الطبية العسكرية طفرة علمية وعملية كبيرة واستحداثاً وتوسعاً في كافة المجالات، فاستجلبت إدارة الخدمات الطبية المعدات الطبية المتطورة اللازمة للتشخيص مثل الرنين المغنطيسي والمناظير الجراحية والتشخيصية والموجات الصوتية المتقدمة وأجهزة تفتيت حصاوي الكلى والتصوير الطبي، ورفدت غرف العمليات الجراحية بالمعدات اللازمة، كل ذلك رأيناه بأم أعيننا، بدءاً بالمدينة الطبية أم درمان ومروراً بكل المستشفيات العسكرية في الولايات المختلفة، كل ذلك يتم بكفاءة عالية التشغيل، ولما آلت جميع المستشفيات الاتحادية بالعاصمة لولاية الخرطوم فهذا بالضرورة سيضاعف من مهمة المستشفيات العسكرية لأنها ستصبح حينها الوحيدة مع مستشفيات الشرطة التي تأخذ الطابع القومي، وبالتالي تصبح هذه الصروح الطبية المتكاملة الخدمة ملاذ طالبي الخدمة العلاجية، وذلك بعد رفعت الدولة كثيراً شعارات منها تمزيق فاتورة العلاج بالخارج وتوطين العلاج بالداخل. قبل يومين سنحت لنا الفرصة لزيارة حدث هام بالمدينة الطبية العسكرية أم درمان وتحديداً المستشفى العسكري داخل المدينة، حيث كانت المناسبة هي افتتاح مركز أبحاث اختلالات النوم ووظائف الرئة وهو مركز متقدم بل يعد الأول من نوعه في السودان، لا سيما وأن الكثير من المرضى لا يعرفون شيئاً عن هذا المرض نظراً لانعدام الأجهزة التشخيصية في السابق. اللواء طبيب الفاتح البشير قال إن مركز أبحاث اختلالات النوم و(الشخير) ووظائف الرئة هو مركز متكامل الخدمة في هذا المجال الجديد من عالم التخصص، وإن المركز يمتلك أحدث المعدات والأجهزة ويمثل أحدث اختراع علمي كمعمل تشخيصي لاختلال النوم من أجل توطين العلاج بالداخل. ووصف اللواء الفاتح المرض المعني بأنه خطير لتوقف التنفس أثناء النوم بسبب (الشخير) مما يؤدي إلى الموت المفاجئ والجلطات والإصابة بالشلل، وقال إن من أعراض هذا المرض النعاس والنوم المفاجئ أثناء الاجتماعات أو قيادة السيارة والنسيان المستمر، موضحاً أن أكثر الأشخاص عرضة للمرض هم من يعانون من أمراض السكر والضغط وزيادة الوزن، من هنا تأتي أهمية هذه الزيارة لهذا المركز الذي طفنا برفقة وفد فني وإعلامي ووقفنا على هذا التطور الذي طمأننا على المجهودات المبذولة من قبل وزارة الدفاع وإدارة الخدمات الطبية، تبقى فقط القول بأنه وحتى تتحقق الفائدة القومية من هذه المشروعات الخدمية الطبية الحيوية فإنه لا بد من إحياء فكرة التنسيق الطبي القومي بين المؤسسات الصحية جميعها حتى نوفر للمواطن المستهدف بالخدمة الطبية كبير العناء في مسالة التحويل من مستشفى إلى مستشفى ومن ولاية إلى ولاية، وبلغة العسكريين نقول لأهل هذا التطور (خطوات سريع) وهي لغة يفهمها العسكريون وحدهم، غير أننا نريد أن يفهمها المدنيون أيضاً.