بعد غد صباحاً سترتفع في كل أنحاء جمهورية السودان الإسلامية تكبيرات عيد الأضحى المبارك بجميع المساجد و(المسايد) والزوايا بإذن الله ، أن ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد). وعقب صلاة العيد الجامعة (اللامة) سيتفرّق المصلون شيعاً وطوائف في شوارع الأحياء والمدن والقرى والأرياف يباركون العيد لبعضهم ولأهاليهم وأصدقاءهم وجيرانهم وبعد نصف ساعة أو تقل قليلاً سيخرج كل مقتدر خروفه من داخل منزله ليذبحه قرباناً لله سبحانه وتعالى كما فعل ذلك سيدنا إبراهيم عليه السلام قبل آلاف السني،ن وكما فعل ذلك نبي الهدي محمد صلى الله عليه وسلم قبل ما يزيد عن ألف وأربعمائة عام وبعده ما تأخر المسلمون عن إقامة هذه الشعيرة الدينية حتى يومنا هذا وسيقيمونها إلى أن يرث الله الأرض وما عليها رضي الحكام أم أبوا . ولكن حكومتنا سامحها الله أبت إلا أن يترجّل بعض المسلمين البسطاء عن سفينة الأضحية هذا العام وقامت بتصدير جُل خرافنا إلى الخارج حتى قبل حلول العيد بستة أشهر وكل المواطنين يجأرون بالشكوى أن التصدير طوال الأشهر الماضية كان يتم بصورة عشوائية مما أثَّر في ارتفاع أسعار اللحوم حتى أصبح الفقراء في حالة ( سعر) حقيقي نتيجة لعدم قدرتهم على شراء اللحوم ولولا تدخل جمعية حماية المستهلك بحملتها الناجحة جداً في سبتمبر الماضي التي نادت بمقاطعة اللحوم والدواجن لاستمر تيرموميتر أسعار اللحوم في ارتفاعه إلى ما لا نهاية، فبعض الأسر والعائلات الكبيرة لا يجتمع شملها كاملاً إلا في العيد الكبير (الأضحى) حيث يقوم الرجال من غير العادة بعملية شواء اللحم وتقطيع البصل وسط ضحكات الأمهات والخالات والعمات والأخوات والكريمات وتعلو هذه الضحكات إن قام أحد الأجداد بتقطيع الشية قبل أو بعد الشواء ونالت منه المدية شيئاً وأخذ يصيح (يا ناس أنا اتجرحت .. سريع جيبو رماد ولا ملح وليمون) ويكمل صيحته قائلاً (أنا الجابني لي شغل الحلل والكوانين دي شنو)؟! وتستمر البهجة لليوم التالي حيث يتم ذبح خروف الابن الأكبر بعد أن راح خروف عميد الأسرة (شمار في مرقة) أول أيام العيد وتتوالى عملية الذبيح داخل العائلة المتحدة حتى اليوم الرابع ومعسكر العيد داخل ( البيت الكبير) مقفول وسط صياح الأحفاد والحفيدات والخسائر المتوقعة في (عدة) الحبوبة الأم حتى تتمنى على الله أن يكمل أيام العيد عى خير ولكنها دعوة من وراء قلبها فهي في غاية السعادة . قصدت أن أسرد هذا السيناريو الرائع ، وأقول الرائع لأنه ليس هناك أجمل مما قلت لكي يدرك ولاة الأمر في وزارة الثروة الحيوانية ورئاسات الولايات ومعتمدي المحليات أي جُرم ارتكبوه وهم يسمحون بتصدير قوت أهل السودان كله من الخراف طمعاً في اليورو والدولار ويضيفون رسوماً فلكية من جبايات وعشور وكسور على القطعان العابرة لولاياتهم ومحلياتهم لتحقيق الربط المقدر وما دروا أن الربط المقرر إلهيا هو الأضحية وقوت الناس وأمنهم وأمانهم وحرياتهم في عقائدهم ومذاهبهم وعاداتهم وتقاليدهم وتوحيدهم لله الواحد الأحد الفرد الصمد . ونحن لن نستعير رائعة الدكتور عمر محمود خالد ( يا سيدة لا فايتانا وين مستعجلة) لنقولها للحكومة التي سيقوم رئيس الجمهورية بتغيير كسوتها عقب العيد بكسوة جديدة ولكننا نحن جميع مواطني جمهورية السودان بإضافة الإسلامية بعد انفصال الجنوب نأمل أن يختار رئيس الجمهورية وزراء حكومته من الذين يخافون الله في الناس وإن استطاع أن يستنسخ وزير الثقافة السموأل خلف الله القريش خمسة وعشرين مرة أو ثلاثين مرة أو بعدد الحقائب الوزارية المقترحة لكفانا شر الشكوى والسؤال، والعتبى لكل من يخالفني الرأي مسؤولاً كان أو مواطناً وكل عام وأنتم بخير ومتعكم الله بلحوم أضحياتكم (إن وجدت)!! .