أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الخبير عبدالرحيم حمدي في حوار الراهن الاقتصادي (1)
نشر في الأهرام اليوم يوم 27 - 12 - 2011


حوار- فاطمة مبارك – بهرام عبدالمنعم
قبل وقوع الانفصال فعلياً كان واضحاً لجميع الناس أن المشكلة الأساسية تكمن في اقتصاد دولة السودان على خلفية ذهاب معظم البترول لدولة جنوب السودان، وعدم وجود بديل إنتاجي سريع لإحداث النقلة المطلوبة في الاقتصاد، واكتملت هذه الصورة حينما واجهت الحكومة عملياً هذا الواقع، الذي انعكس في شكل معالجات جزئية تمثلت في رفع الدعم عن بعض السلع الذي ظهر في ارتفاع الأسعار. في الجانب الآخر أدّت هذه التغييرات التي طالت الصعيد الاقتصادي إلى ارتفاع سعر الصرف ونسبة التضخم، في خضم هذا الوضع قدّمت الحكومة ميزانيتها الجديدة للعام (2011 - 2012م) التي وجدت قبولاً واستحساناً من بعض المختصين والخبراء، فيما واجهها آخرون بانتقادات حادة. (الأهرام اليوم) اهتمت بقضية الوضع الاقتصادي الراهن وحاولت تقديم صورة لمآلاته في المستقبل فالتقت الخبير الاقتصادي المعروف ووزير المالية الأسبق عبدالرحيم حمدي في حوار شامل تناول مجمل قضايا الراهن الاقتصادي فإلى تفاصيله..
{ كيف تقرأ الواقع الاقتصادي الآني على ضوء التعقيدات التي شهدها مؤخراً؟
- للإجابة على سؤال حول الواقع الآن، أعتقد أن الحقيقة الرئيسية أننا نعيش ما يسمى بالركود التضخمي، في نفس الوقت الذي تتزايد فيه الأسعار، هناك ركود ولا يعني أن الأسعار ستتدنى بل قد تظل متصاعدة، هذه هي سمة الوضع الآن.
{ ما السبب الرئيسي لهذه الحالة؟
- السبب الرئيسي لهذا الوضع هو نقص الإيرادات بصورة كبيرة جداً، بعض الاقتصاديين دعاهم وزير المالية في بدايات هذا العام لمناقشة الوضع، واتفقوا على أن هناك فجوتين في الإيرادات، فجوة داخلية متعلقة بإيرادات الدولة، وفجوة في إيرادات النقد الأجنبي، أو الميزان الخارجي، أنا أعتبرها فجوة واحدة في النهاية، لأن الفجوة الخارجية ناتجة عن بيع سلعة كالسلع الأخرى، وهي سلعة البترول، نبيع جزءاً منها في الخارج وتدر علينا عملة صعبة، فهي فجوة إيرادات.
{ كيف يمكننا فهم أبعاد هذه الفجوة؟
- هذه الفجوة ليست عارضة، وليست طارئة، بل هي فجوة هيكلية، متجذرة في الوضع الاقتصادي الآن، الفجوة ناتجة عن نقص هيكلي في الاقتصاد، فالإيرادات الضريبية هي (7 %) فقط من الناتج القومي الإجمالي وهذا رقم ضعيف للغاية، والمصروفات (12 %)، لحدوث تحرك حقيقي، حتى تكون لدينا ميزانية معقولة على الأقل لا بد من مضاعفة هذه الأرقام، الضريبة الحالية تضاف عليها رسوم أخرى من الجمارك، ومن إيرادات سياسية، كأنصبة الحكومة في استثماراتها، وإيرادات الديون الداخلية والخارجية، والاستدانة من البنك المركزي، للأسف الشديد الوضع الراهن لن تعالجه ميزانية واحدة، ومن هنا ظهرت فكرة البرنامج الثنائي أو الثلاثي الذي تحدث عنه الناس. فالأسباب التي أدّت إلى وصولنا إلى هذا الوضع متعددة، جزء كبير منها نحن السبب فيه، وأخرى مفروضة علينا وجاءت إلينا من تلقاء ظواهر أخرى.
{ فيم تتمثل هذه الظواهر؟
- تتمثل في زيادة التضخم المستورد وهي زيادة أسعار السلع عالمياً، خاصة السلع الغذائية، التي ارتفعت عالمياً في السنوات الأخيرة، كالقطن والقمح والسكر وسلع الملابس، فهذا يسبب لنا ما يسمى بالتضخم المستورد. هناك زيادات جاءت من سياسات داخلية كالزيادة على البترول قبل أشهر، والسكر، وزيادات رسوم، وهكذا، فهذا يسمونه التضخم المدفوع بالتكلفة. Cost pushed inflation
{ وماذا عن زيادة سعر الصرف؟
سعر الصرف حدثت فيه أخطاء واضحة جداً منذ عام 2007م، مما سبب لنا زيادات كبيرة جداً في أسعار السلع، توجد زيادات نتجت من (عدم اليقينية) أفرزتها الأوضاع الاقتصادية كالانفصال، واحتمالاته في السنوات الماضية، والاحتراب السياسي الشديد والمشاكل التي ظهرت في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ومشاكل دارفور، كل هذه الأسباب زادت من مناخ المضاربة في الاقتصاد، وهذا من أسباب التضخم.
{ ماهي الأسباب الأخرى؟
- أهم من كل هذا وجود طلب هائل جداً على كل السلع والخدمات في الاقتصاد، الطلب الداخلي طبعاً سببه هو نمو الاقتصاد نفسه والنمو في مداخيل السكان والناس، ووضح ذلك من الحديث عن استهلاكنا للبترول ووصوله إلى (3) وثلاثة أرباع مليون طن، مقارنة بمليون طن في بدايات عهد الإنقاذ، والزيادة الهائلة في استهلاك السكر، والطلب على القمح أيضاً فيه زيادة هائلة جداً، الناس في الماضي كانت تتحدث عن (100) ألف طن من مشروع الجزيرة، الآن القمح المطلوب لإدارة العملية الغذائية يقدر بملايين الأطنان وكلها مستوردة، زيادة الطلب في الاقتصاد من أهم أسبابها التضخم وهذه قضية لن تعالج بتخفيض الطلب، فنجاح الاقتصاد يكمن في زيادة دخول الناس. دخل الناس كان (300) دولار في العام في بداية الإنقاذ، الآن الحديث عن (1500) دولار في العام، فهذا سبب أساسي للتضخم ناتج من الطلب، فعندنا للأسف الشديد كل مسببات التضخم الموجودة في العالم، كلها تجمعت لدينا.
{ إذن ما هي قراءاتك لمعدلات التضخم الآن؟
- التضخم الموجود الآن زاد من التقديرات الحكومية له في الميزانيات الأخيرة مرتين ونصف، كانوا يتحدثون عن (8 %) لكنه وصل إلى (22 إلى 23 %)، لا أقول إنه زاد (3) مرات، لكنه زاد مرتين ونصف، رد الفعل كان هو البرنامج الثلاثي اقتصادياً وسياسياً، حيث صدرت التعليمات بعمل برنامج بدأ ثنائياً في ما تبقى من سنة 2011م، وكان هدفه الحقيقي إنقاص المصروفات (التقشف)، الصورة الأولى له كانت صورة مرعبة جداً، إجراءات تقشف شديدة جداً ولا شيء غير ذلك، وافتراضات سوداء للتضخم، ولنمو الناتج الإجمالي، جرت مراجعتها لو ذكرتها سينفجر التضخم أكثر من ذلك، التوقعات كانت سوداوية جداً للعامين، هذا البرنامج رفض في أول مناقشات له تماماً، لأنه كان خالياً من عناصر التنمية والنمو، والمعالجات الأساسية المتمثلة في زيادة الإنتاج في الاقتصاد، كان في حقيقة الأمر برنامج تقشقف، وبرنامج موظفين في الحكومة يريدون تقفيل (الحكاية). أُضيف عليه لاحقاً ما سمي بالثمانية سلع، كسلع الصادر وسلع بدائل الواردات، كالذهب والقطن والقمح والصمغ العربي والثروة الحيوانية والحبوب الزيتية، كان بعضها لتشجيع الصادر وبعضها الآخر لتخفيض حصيلة الوارد لسد الفجوة الخارجية، وتم إعطاؤه بعداً سياسياً لأنه كان برنامج اقتصادي (بتاع موظفين) حسب وجهة نظري الخاصة، وكانوا يرون أن الإيرادات ستنحسر فجأة في منتصف 2011م، و2012م كلها، وستكون قليلة جداً، وهم يحاولون إيجاد معالجات مصلحية ووزارية، أضيف إلى ذلك لاحقاً العنصر التنموي كما ذكرت، صحيح أنك لا تعمل معالجة فقط، وإنما تعمل معالجة أيضاً لحل المشكلة الأساسية، المتمثلة في المشكلة الهيكلية، لو جلست لحل المشكلة بطريقة (إطفاء الحرائق) فإن الحرائق ستستمر في الاشتعال.
{ ما تقييمك لهذا البرنامج الثلاثي؟
- البرنامج حقيقة لم يأت بمقترحات إيرادات لتنفيذ برنامج (الإنتاج الجديد)، كان تقريباً خالياً من الإيرادات في ما عدا رفع الدعم، البرنامج الثلاثي عيبه الأساسي أنه برنامج (تقشفي) وكان يستعمل هذه الكلمة بحماس شديد، وألصق فيه برنامج تنموي واسع وهائل جداً، ولم توفر له إيرادات لتنفيذ الوضع التنموي، وأصبح كما ذكر السيد غازي صلاح الدين (برنامج مُحيّر)، أو (برنامج ألغاز)، وهو يمكن أن يسأل هذه الأسئلة وهو رجل ذكي، والناس كلهم أذكياء، ويتحدثون عن الإنتاج، لكن أنا أسأل من أين؟ أين ميزانية الإنتاج؟
{ نحن بدورنا نسأل أين تكمن الإجابة؟
- الإجابة موجودة في سياسة الاستثمار، لأن الإنتاج يحتاج إلى استثمارات محلية وأجنبية، لتشجيع الاستثمار، معظم السلع يمكن أن تجذب الناس للاستثمار فيها، كالذهب، والقطن والثروة الحيوانية، والسكر، هذه كلها سلع يرغب الناس في الاستثمار فيها، خارجياً وداخلياً، والدليل على ذلك أن جزءاً كبيراً من السكر (كنانة) استثمار عربي خارجي، والثروة الحيوانية أيضاً توجد مشاريع من قطر ودول أخرى، وتوجد رغبة شديدة جداً من مستثمرين أجانب للاستثمار في الأمن الغذائي، ونحن نكرر الحديث هذا كثير جداً، وعملنا معالجات من تلقاء سياسات أخرى، وهي السياسات الاستثمارية، ويجب أن لا نحاسب بها الميزانية، وإنما نحاسب بها سياسات استثمارية أخرى.
{ هل يمكن أن نقول إن البرنامج الثلاثي لا يصلح لإخراج البلاد من أزماتها؟
- لن يفعل ذلك وحده، فهو يساهم في حل جزء من حل الأزمة، فأنا ذكرت في بداية الحوار قلة الإيرادات فأنت يمكن أن تزيد إيراداتك بتقليل مصروفاتك، لذلك البرنامج يساعد جزئياً في حلحلة أزمات البلاد، لكن ينبغي أن نفهمه على أنه ليس بالحل النهائي، هو حل يتعلق بجزء من المشكلة، وهي تقليل الصرف، وهذا واضح جداً.
{ هل يمكن أن تسهم الميزانية في تفعيل البرنامج الثلاثي؟
- الميزانية بصورتها الحالية لن تساهم في تفعيل البرنامج الاقتصادي الثلاثي مساهمة فعَّالة – أنا قلت ذلك في المجلس الاستشاري لوزير المالية- التفكير الذي يؤدي إلى الحلول هو أن نفكر تفكيراً مغايراً لما يسود اليوم، التفكير السائد اليوم هو تفكير انكماشي، لو تريدون هناك أمثلة لدول أخرى عن ماذا فعلت عندما هاجمتها الأزمة المالية.
{ ماذا فعلت؟
- كلها بدأت بالصرف والتنمية والنمو، تلك الدول لم تنكمش، إنما صرفت الأموال في ما يعرف ب(البحبحة)، (Quantitative easing)، وتركت السياسة النقدية جانباً، بما فيها السياسة النقدية المتعلقة بحجم النقود والتضخم، لأن الركود لدى تلك الدول كان يظهر في إحصائيات البطالة، نحن لدينا بطالة، لكن لا توجد لدينا إحصائيات، رد الفعل عالمياً كان عكس ما يحدث هنا تماماً.
{ ما هي الخيارات المتاحة أمامنا في هذه الحالة؟
- أول شيء يجب أن نضع برنامجاً إضافياً، يكون اتجاهه الحقيقي هو النمو، لأن الوضع السائد الآن هو الجمود، ومعه غلاء الأسعار، وغلاء الأسعار سببه الجمود أو الركود.
{ ما طبيعة المقترحات المطلوبة حتى يتحقق ذلك؟
- أولاً لا بد من إدخال بدائل إيرادات جديدة في السياسة المالية، وإحداث تعديل أساسي في السياسة النقدية، فإذا كانت السياسة النقدية سياسة (انكماشية) وهو الحاصل الآن، يجب السعي لتوسيع الصرف، لأن الحكومة الآن ليس لديها إجراءات، الحكومتان الأمريكية والبريطانية عندما وسعتا الصرف كانتا لديهما إيرادات يتم الصرف منها، نحن ليس لدينا إيرادات، الإيرادات تأتي بالتوسيع على الاقتصاد، إعطاء الاقتصاد كتلة نقدية جديدة، وإعطاء البنوك إمكانية تمويل جديدة، ليتحرك، لذلك السياسة النقدية يجب أن تُعدّل تماماً، والسياسة المالية ينبغي أن تضع لها بدائل إضافية للإيرادات الحالية، الإيرادات الحالية البرلمان نسفها الآن، بإبقائه الدعم، ولا توجد لديها إيرادات، لديها فقط ضرائب على قطاع الاتصالات.
{ ما هي مقترحاتك الإضافية للخروج من هذا النفق؟
- لا بد من فرض ضرائب على القطاع المالي، وهي لن تؤثر على الناس مباشرة، ستؤثر فقط على القطاع المالي، وهم الناس المتعاملون في قطاع (البزنس)، بعض الناس سيتأثرون بها، لكنها ليست كالضريبة التي تفرض على السلع والرسوم والأشياء الأخرى، أي معاملة مالية يجب أن تضع عليها ضريبة صغيرة، في الماضي كانت لدينا ضريبة اسمها (دمغة الجريح) على أي معاملات مالية، فيجب وضع ضريبة على كل المعاملات المالية، وهذه الضريبة يمكن أن تدر على الحكومة دخلاً كبيراً جداً، وستؤثر على القطاع المالي، مؤقتاً لكنها ستأخذ زمناً لكي تدخل الإيرادات.
{ ما هو تصورك لهذه المعادلة الضريبية؟
- أقترح أن تساهم فيها البنوك مساهمة كبيرة جداً، لأن معظم المعاملات المالية في القطاع المالي، غير البنوك، (كسوق الأوراق المالية)، كالشراء وبيع الأسهم وغيرها، فيها رسوم كثيرة جداً، يمكن أن نضع لها رسوماً إضافية ووضعها فعلاً، توجد دمغات وضعت بالفعل، لكن مؤقتاً من أجل الحصول على عائد سريع يمكن أن نرفع ضرائب البنوك، وهي في فترة طويلة جداً كانت أعلى من ضرائب كل القطاعات الأخرى، لكنها خفضت إلى (15 %) وأنا أريد مع ذلك تعويض البنوك، لا بد أن تكون (ربحانة)، وتعويضها يتم برفع مساهمتها في الأوراق المالية الحكومية، هي الآن (30 %) السياسة النقدية تريدها أن تكون (25%)، أنا اقترح أن تصبح (35 %) وكل المقترحات عند هؤلاء الناس كانت قبل شهور وسنين، لكنني أريد الحديث عن المستقبل، لأن الأوراق المالية الحكومية ربحها مضمون، والبنوك إذا ضيقنا عليها بالضرائب الكبيرة فيجب أن نعوضها بزيادة سقف استثماراتها في الأوراق المالية لتصل إلى نسبة (35%)، هذه ضرائب على القطاع المالي، هناك ضريبة أخرى على قطاع الاتصالات. ثم تفعيل أدوات الدين الداخلي، وهي الاستدانة الداخلية عن طريق (شهامة) والصكوك الحكومية، وهنا أريد أن أعطي بعض المعلومات لأن هناك حديثاً خاطئاً وقع فيه البرلمان وقبله المراجع العام، والمراجع العام اعترف بعد قراءته للتقرير الذي وضعته لجنة شكلها وزير المالية.
{ أي تقرير؟
- هناك تقرير أعددناه بناء على طلب السيد وزير المالية، ظهر فيه أن الاستلاف الخاص بالدين الداخلي هو الآن (8.4 %) من الناتج القومي الإجمالي وهو بسيط جداً، البترول مثلاً يُقدر ب(7 %) من الناتج القومي الإجمالي، فقطاع الأوراق المالية الحكومية مهم جداً، يمكن أن نتوسع فيه، الحقيقة الآن نحن لولا التوسع في هذا، لانهارت كل الميزانيات السابقة، إلى الآن لدينا ما يعادل (11) مليار جنيه (بالجديد) استثمارات حكومية من الجمهور والمؤسسات المالية، وهذه الاستدانة يمكن أن تستمر، ولا توجد أي مشكلة في هذا الأمر، فيجب أن تتوسع الحكومة في الاستدانة الداخلية عن طريق (شهامة)، وعن طريق إصدار الصكوك، أو أي صكوك أخرى للتنمية، والإنتاج وغيره، وهذا سيكون بمثابة الحل الثالث.
{ ماذا عن الحل الرابع؟
- الحل الرابع يكمن في تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي، لأن الإنتاج يحتاج إلى تمويل، والحكومة في الوقت الراهن ليس لديها إمكانية تمويل من الميزانية كما ذكرت، التمويل يجب أن يأتي من الاستثمارات الخارجية، وتوجد فرصة كبيرة الآن تتمثل في وجود رغبة كبيرة في الاستثمارات الخارجية والداخلية، فلا بد من تشجيعها بكل الأساليب المطلوبة من إعفاءات ضريبية، وإعفاءات رسوم وإعطاء أراضٍ بالمجان ولمدة طويلة جداً وقانون الاستثمار الحالي يقول ذلك، لكننا لا ننفذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.