من أين يأتي الشعر يا خرطوم لا حاكم يدري ولا محكوم ضن القريض وأقصرت آلاؤه وتطاول المنظوم والمزعوم لا حبره لا بحره لا دره لا سحره لا سره المختوم * الشاعر هلال الفارع * مدخل ثان: ها نحن يا أمنا السودان ثانية إذا أشرت لنا أرواحنا تثب نسعى إليك كما الأطفال من فرح كأننا لم تباعد بيننا النوب ولا تكسّر نبل الدهر في دمنا ففاض يا أم حتى غاصت الركب كأن بغداد ما قامت قيامتها ولا مآذنها هيضت ولا القبب * الشاعر عبدالرازق عبد الواحد قال الشاعر العربي الكبير نزار قباني لإذاعة مونت كارلو الفرنسية وهو على فراش المرض بمدينة الضباب لندن قال إن الشعب السوداني استقبل شعره بصورة لم يسبق لها مثيل وذلك إبان زيارته للخرطوم بداية الثمانينيات، مما جعله في نهاية تلك الليلة يغلق عليه باب غرفته ثم يجهش بالبكاء كالطفل. * د. محمد عوض البارودي * مدخل ثالث: لقد حدثنا يوما الدكتور إسماعيل الحاج موسى رجل إعلام مايو الأشهر، بأن نزارا إبان زيارته تلك للخرطوم قال أيضا (في كل العواصم العربية أحس بأنني مجرد شاعر، إلا في الخرطوم أحس كما لو أنني قديس). * إسماعيل الحاج موسى * متن أول: بالأمس وبقاعة الشعر الرئيسية بقاعة الصداقة بالخرطوم وفي مستهل النسخة الثانية الافتتاحية، والخضر حضوراً والمهدي الإمام والنيل والتاريخ والأمجاد قال عبد الرازق الشاعر العراقي (خجلت من نفسي ألا أكون في الخرطوم في مثل هذا التوقيت). وشاعر آخر قال: (حرصت أكثر على الحضور لما علمت أن السودان يتعرض إلى محنة هذه الأيام). * متن ثان: الدكتور عبد الرحمن الخضر نسخة الأمس، ليس هو حاكم الأمس الذي يتحدث بكثافة عن (التمويل الأصغر) فبلغة مترعة متدفقة جزلة طفق يغزل ملامح خطط (التمويل الأكبر) فلئن كانت البنوك والمؤسسات التمويلية هي التي توفر التمويل لإنتاج المشروعات الصغيرة ففي المقابل فإن صناعة الشعر توفر التمويل الأكبر لصناعة الإرادة. فتوفر الإرادة في أمة هو بمثابة (رأس المال) المدفوع الذي لا ينفد. كان الخضر والخرطوم والجماهير يمارسون حياتهم الطبيعية لدرجة إرباك الذين يسعون لإرباك المشهد وشد المسرح.. فذهبت الخرطوم لتنام ملء عيونها.. فالشعر متوفر في أماسيه والوقود ينام بمحطاته والنفط والخبز والجماهير. * متن ثالث: ليس غريباً أن تعتلي (روضة) الشعر السودانية الغنّاء منبر القصيد أمس عقب العراقي عبد الرازق مباشرة فلقد كبرت أسهم روضة في شركة الشعر العربية، فهي الأولى ولا غرو على المنطقة والمنطق الأدبي، فلقد أنفقنا في ليلة نيلين شعر الأمس، (روضة) وهي أجمل وأثمن ما نكتنز في مستودعنا الشعري.. وربنا يقول: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ). *مخرج اول: كان البارودي رائعاً محتشداً (بالهدوء الصاخب) مزدانا (باستعلاء التواضع) ورفعته، فمن تواضع لله رفعه، كان هو رجل الليلة وبطل الحفل والنيلين والحضور بلا منازع وأذكر في هذا السياق (صديقي الكتيابي) ابن أخت التجاني (وحامل ورثته وتركته الشعرية المثقلة). الكتيابي يحتاج متن المقال بحاله وكان إبراهيم عالم وحده اغلبية (وعالم جميل) هو صاحب التوقيع والإيقاع في ليلة النيلين الشعرية الافتتاحية والصديق الجزلي والخواض وعابد سيد أحمد وآخرون لم تستوعبهم المساحة سنعود إليهم لا محالة. *مخرج أخير.. وكانت الأميرة داليا إلياس إحدى أميرات مملكة الشعر النسائية السودانية.. كانت حاضرة كما النيل والليل والقصيد.. داليا قطعت مشوارا طويلاً مرهقاً على البساط الأحمر نحوي لتقدم «ولاء المستشارية» لدرجة الهتاف، لم أر قبلي من مشى البحر نحوه والليل والشعر وداليا..