لا أريد أن أقول لكم إننا في الأوضاع الراهنة خصوصاً في هذا الصراع العالمي الذي نخوضه ضد عقائد دولية معادية للقيم الأمريكية سوف نواجه أزمات صغيرة وكبيرة لكن أريد أن أحذر من غواية التوصل إلى حلول متسرعة واستعراضية للقوة فتلك غواية مكلفة لأنه ببساطة لا يوجد حل سحري لأية مشكلة من المشاكل.. جانب من خطبة الوداع التي ألقاها الرئيس الأمريكي ايزنهاور للشعب في خطاب وداعه بعد انتهاء مدة رئاسته، وليت خلف الرئيس ايزنهاور اطلعوا على هذا التحذير الذي ذكره رئيس ليس ككل الرؤساء بل رئيس جاء من المؤسسة العسكرية وكان قائداً لأكبر تجمع عسكري شهدته البشرية في القرن الماضي؛ إذ قاد قوات الحلفاء من شمال أفريقيا ثم عبر المتوسط بقضه وقضيضه لهزيمة النازية والفاشية في عقر دارها وبعد أن ترك الجنرال الجيش رشح للرئاسة وجاء خبيراً بالحرب وأكسبته فترة الرئاسة دراية سياسية فأدرك حجم التركة لكن الذين يسيطرون على مقاليد الأمور في واشنطن هم الذين يرسمون السياسات سيما المؤسسة العسكرية والمجمع الصناعي ورجال المال وشركات البترول وقوى اليمين التوراتي الذي يرى في سيطرة الولاياتالمتحدة على كثير من مصائر الشعوب والتدخل في شؤونها هو أكبر مكسب لأمن الولاياتالمتحدة القومي وحلفائها سيما وهناك رأي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي يرى أنه من الأهمية والضرورة أن يكون القرن ال21 قرناً أمريكياً كامل الدسم خاصة قادة الحزب الجمهوري الأمريكي الذين لم يكتفوا بهذا الشعار فحسب بل جعلوا لفواجع ومآسي شعوب هذا الكوكب عقيدة متتالية أصبحت لوحاً يتلى في كل صلوات الساسة وهو ما يعرف بعقيدة «كولن باول» وهذا الرجل أي باول ذاع صيته في تجربة فيتنام وظهر كعسكري ذي نظر سياسي وساعده على هذا عمله مساعداً للدكتور هنري كيسنجر ثم عين أي باول رئيساً لهيئة أركان الحرب المشتركة وكان قادة الحزب الجمهوري يراهنون عليه وعلى مستقبله وهو متأثر بالجنرال ايزنهاور فكلاهما جمهوري النزعة والتوجه وكلاهما على علاقة بالمؤسسة العسكرية والسياسية وتوابعها وكلاهما قاد جيوشاً مشتركة وكان باول قائد قوات معركة تحرير الكويت أي تأمين ينابيع النفط الذي يغذي عروق جسد الامبراطورية الأمريكية بالحيوية والسيطرة وكما وضع ايزنهاور مشروع الولاياتالمتحدة بعد الحرب الكونية الثانية والصراع مع الاتحاد السوفيتي وتوابعه وضع باول أفكاره بعد حرب الخليج التي تزامنت مع سقوط الاتحاد السوفيتي وسيطرة الولاياتالمتحدة على مقاليد العالم وكان باول يرى أن قوة الولاياتالمتحدة أكبر وأسمى وأنبل وأجل من أن تكون مسخرة لمطاردة مهربي المخدرات وغاسلي الأموال فيرى أن هذا العمل لا يليق بعظمة امبراطورية فقدم عقيدته للسيطرة على بؤر النزاع ذات المصالح الحيوية لواشنطن وقال بالآتي: 1 - تحديد الهدف بمنتهى الوضوح والدقة. 2 - حشد أكبر قوة عسكرية لضمان تحقيق الهدف بنسبة لا تقل عن 100% لأن هيبة الجيش الأمريكي سر قوته. كذلك ينادي الجنرال باول بتحقيق الهدف بأقصى سرعة ممكنة بحيث يكون النصر صاعقاً وحاملاً رسائل إلى آخرين مفاد الرسالة أن تحدي الولاياتالمتحدة لا يصح أن يطرأ على بال أي طرف من أطراف النزاع الآن أو في المستقبل وتناسى الجنرال أن هناك إله يعبده الناس ويتوسلون بنبيه من أجل إحقاق الحق وينشدون الدار الآخرة أو النصر لكن يبدو أن عقيدة الجنرال بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبحت منارة يهتدي بهديها كل ساسة واشنطن ديمقراطيين أو جمهوريين فالسياسة الخارجية غير قابلة للتجاوز وفات على أولئك الساسة وأهل العقيدة العسكرية للسيطرة على مقاليد العالم ومصائر الشعوب أن هناك شعوباً لها خصائص وشحنات إيمان لا تبالي بأساطيل أو حشد جيوش وحينما أسكرت بريطانيا قوتها في القرن قبل الماضي وأن جيشها لا يقهر ومربعها لا يكسر حطمه جند الأنصار بشرق السودان بقيادة الأمير دقنة وكسر مربع هكس ومزق في شيكان أمام ذهول القادة جنرالات وسياسيين فلكل شعب مصدر إلهام وتجييش يشحذ همم الشعوب ويجعل من تلك الجموع كواسر لا تلتفت إلى عدو أو بأس سلاح رغم كل هذا نرى ونسمع اجتهاد واشنطن من أجل السيطرة والهيمنة بصورة مباشرة أو بطرق أخرى عبر آخرين يمهدون لها الطريق ويوفرون لها الحجج عبر مشاريع قرارات أو مؤتمرات أو استدعاء تلك القوات عبر مؤسسات الأممالمتحدة أو بعض المؤسسات الإقليمية أو عبر بعض دول الجوار التي يأتمر قادتها وساستها بأوامر مستشاري واشنطن ودبلوماسيها من داخل تلك الحواضر أو عبر رسائل من حاضرة الامبراطورية واشنطن أو توجيه من أي أسطول من أساطيل واشنطن التي تجوب بحار ومحيطات العالم لكن أحداث التاريخ وعبره أكدت أن إرادة الشعوب التي تأبى الضيم والهوان ولديها محاريب إيمان تهوى إليها تتزود منها بسلاح اليقين والتضحية وبذل النفس من أجل العيش بكرامة هذه الإرادة الغلابة لا يفل بأسها سلاح أو تهديد ولنا عبر في التاريخ، فبريطانيا كانت في يوم من الأيام امبراطورية لا تغرب الشمس عن مستعمراتها أي إذ غابت الشمس عن منطقة فهي تشرق في مكان آخر بحكم قوانين الفلك أي تمددت في مساحات شاسعة وقارات لكن أمام إرادة الشعوب غادرت بريطانيا مدحورة واعتصمت بجزيرتها فما أكثر العبر وأقل الاعتبار