في التدشينات الإنتخابية الرئاسية استوقف بعض الناس تدشينان هما تدشين ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية لإنتخابات رئاسة الجمهورية الذي انطلق من بيت البطل الملازم على عبد اللطيف بأم درمان وتدشين الدكتورة فاطمة عبد المحمود مرشحة الإتحاد الإشتراكي الذي انطلق من سرايا الزبير باشا بالجيلي. لقد كتبنا عن على عبد اللطيف كثيراً وغنى له المطربون ومنهم وردي وأطلقنا اسمه على شارع مهم في قلب الخرطوم.. وهو يستحق. فقد ناضل وكافح ضد الإستعمار البريطاني وأسس وقاد مع زملائه جمعية اللواء الأبيض عشرينيات القرن الماضي.. وكان ملماً بحقائق القوة في السودان ولذلك فإنه لم يُعادِ مصر فقد كان يعرف أنها مغلوبة على أمرها وأنها شريك اسمي في الحكم أما الحاكم الحقيقي فهو الإستعمار البريطاني. ولم يكتفِ بذلك وإنما ذهب أبعد وأبعد هاتفاً وداعياً لوحدة وادي النيل وكان يعرف أن أهله في الجنوب يعانون لكنه لم يرفع راية الإنفصال.. وظل وحدوياً حتى النهاية وكانت وحدويته تشمل الوادي الخالد العظيم ولم تقتصر على السودان.. ولذلك فإن علي عبد اللطيف هو الأب الشرعي للحركة الإتحادية التي كانت هي حزب الحركة الوطنية أيام الكفاح ضد الإستعمار. ولو كانت هذه الحركة الآن في كامل لياقتها السياسية كما كانت في الماضي لكان مرشحها في الإنتخابات الرئاسية هو الذي يدشن حملته من بيت على عبد اللطيف الذي لم يطالب بتقرير مصير الجنوب ولم يدعُ لإنفصاله ولم يشترط أن تكون الوحدة جاذبة.. نعم.. كان علي عبد اللطيف جنوبياً لكن أفكاره وتوجهاته أقرب إلى الحركة الإتحادية منها إلى الحركة الشعبية. وكانت هذه الأفكار والتوجهات أقرب إلى أفكار وتوجهات النظام المايوي خاصة فيما يتعلق بالصلة أو العلاقة السودانية المصرية، فقد شهدت العلاقات السودانية المصرية فترة حكم المايويين إستقراراً وازدهاراً لم يتحققا في الفترة التي حكمها الإتحاديون منفردين أو مؤتلفين. وكان متوقعاً ومناسباً أن تدشّن الدكتورة فاطمة عبد المحمود حملتها الإنتخابية من بيت جعفر نميري بودنوباوي فهو رئيس النظام المايوي وهو الذي جعلها وزيرة وهو...الخ، لكنها دشنتها من سرايا الزبير بالجيلي. ويبقى السؤال قائماً، ما العلاقة بين الزبير باشا والفترة المايوية الممتدة من مايو 69 إلى أبريل 1985م؟.. قال صاحبي ضاحكاً كان الأنسب، إن كان لابد من سرايا وعز قدم أن تدشِّن الدكتورة حملتها من قصر ود نميري بالشمالية؟!.