لدى حساسية مفرطة تجاه الكلاب، جُرُوِّها ويافعها وكبيرها خاصة أنني قد عضني كلب «ابن ستين كلب» في ساقي وخرجت منه بعلامة مميزة، مازالت آثارها باقية بالرغم من مرور أعوام طوال عليها جاءت سليمة ليست بائعة اللبن لأن الكلب لم يكن مسعوراً وقد قررت حينها لو ثبت أن الكلب «مسعور» إرتأيت أن أجهز قائمة بأسماء الذين لدى مواقف معهم لا أحسد عليها وقررت أن أقوم ب(عضهم) جميعاً وليس هناك استثناءات!! كلاب ذاك الزمان من سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين كانت سمينة و(أمينة) وتتميز بالشراسة ولا ترحب بالغرباء في الأحياء، أما الآن هانت الكلاب ما عادت تنبح حتى حينما تشاهد لصاً، وأعدادها تقلصت ليس بسبب تحديد النسل. كنا نشاهد في الأحياء السكينة الفقيرة والمتوسطة بين كل منزل ومنزل كلب.. كلب يشار اليه بالبنان «عريض المنكبين» كما يقول العم عادل إمام. أما الآن فقد أصيبت الكلاب بنحافة تفوق عارضات الأزياء، وظهرت ضلوعها حتى إن القراد هجرها. كان الكادحون زمان الناس هداوة بال والبسطاء والأسر متوسطة الحال يهتمون بتربية الكلاب والدجاج والحمام والغنم.. الآن ما عادت تلك الأسر تستطيع تربية أولادها!! ما جعلني أتعرض للكلاب إطلاعي على خبر مفاده إفتتاح نادٍ لرشاقة الكلاب في لندن، لأن الكلاب اللندنية أصيبت بالبدانة من الأطمعة التي تقدم لها معلبة وطازجة، ليت شاعرنا العربي الذي قال «الكلب كلب ولو ترك النباح» عاش في هذا الزمان مع كلابنا التي أصيبت ب(البكم) من جراء عدم الأكل، لتغيرت نظرته الى الكلاب ونباحها. مثل صيد الحمامة: شاهدت قبل أكثر من شهر فيلماً بإحدى القنوات العربية ولم يشد انتباهي كثيراً وانصرفت عن متابعة أحداثه، بيد أنني ندمت بعد ذلك.. لماذا؟ الفيلم يحكي عن شخص يسكن الريف في منطقة نائية عن أقرب مدينة اليه.. لدى الشخص عربة صندوقها في شكل قفص حديدي.. مساء كل يوم وقبل غروب الشمس يخرج مع مجموعة ويشنون هجوماً مكثفاً في غارات فجائية على الأزقة والحواري في كل مدينة ويصطادون منها فرائسهم حية ويحشرونها داخل قفص العربة الحديدي ويسرعون هاربين الى موقعهم في ذاك الخلاء الشاسع قبل أن يحس بهم أصحاب «الضحايا». والضحايا هم (كلاب) كلاب كالبة وكلاب متكالبة. والكلاب الكالبة هي التي لها أصحاب يهتمون بها أما المتكالبة فهي الكلاب المتشردة.. الشماسة، وتتعرض في هذه (الكشات) للصيد أكثر من الكالبة. في الفيلم نشاهد عائلة تطارد مختطفي كلبها متعقبة آثار عربتهم.. ويلحقون بالكلب في آخر لحظة وسكين جزار من تلك العصابة كادت تقصف رقبته وتلحقه (أمات الكلاب)!! تدور معركة بين صيادي الكلاب وأصحاب الكلب الذين «يحررون» كلبهم ويسرعون به الى منزلهم وهم في أوج السعادة. مسكينة كلابنا.. لا شحم لا لحم.. الحرامي ياكل غداها.. لا تحتاج الى عصابات لمطاردتها لأنهم سوف يجدونها متلبسة ب(النوم)!! { واحد ماشي في الشارع سأل مسطول: وين أقرب طريق أمشي بيهو للمستشفى؟ رد عليهو المسطول: غمِّض عيونك وعدي الشارع!