أصحيح أن المُرشّحين لرئاسة الجمهورة المنافسين للمشير عمر حسن أحمد البشير جادون في هذا الترشيح؟! أصحيح أن لديهم برنامجاً للفوز؟! أصحيح أنهم أعدوا العُدة لهذه الانتخابات؟! أصحيح أن لهم تاريخاً يمكّنهم من الفوز بأصوات الناخبين؟ أصحيح أنهم واثقون من التنافس؟ أصحيح أنهم قادرون على الفوز؟ أصحيح أنهم فائزون وأنهم لذلك عاملون؟ أسئلة هي من صميم أُس العملية الانتخابية في ظل الديمقراطية.. المشاهد والمتابع للحملة الانتخابية يظهر له جلياً أن المؤتمر الوطني ومُرشّحه لرئاسة الجمهورية لديهم برنامج مطروح لما بعد الانتخابات في حالة فوزهم بها، إن شاء الله، وهذا الوضع طبيعي حيث أن المؤتمر الوطني هو الشريك الأول في حكومة الوحدة الوطنية، وبالتالي لديه في السابق من المشروعات لقيام دولة السودان العصرية ومشروعات تكميلية لما بدأه من مشروعات والقطار ماشي.. المتابع داخلياً وخارجياً لنشاط المؤتمر الوطني ورئيسه يوقن ألاّ منافس للبشير. إذن ماذا يريد المتنافسون وماذا يعدون؟! الإجابة على هذا السؤال تقتضي قراءة برامج هؤلاء المتنافسين وإجراء عملية تحليل بدءاً من الشخصية نفسها وتاريخها دورها ومساهمتها في الشأن العام. سوف نحاول من خلال هذا التحليل غير المتطاول وغير الشمولي أن نشير للمؤشرات الرئيسة والعامة لدى هؤلاء المُرشّحين لرئاسة الجمهورية. نبدأ بمُرشّح الحركة الشعبية ياسر عرمان وتاريخه المختصر بدرجة العدم، لا يُعلم لياسر عرمان من جهود وطنية ودور في المشاركة العامة، غير أنه طالب في ثمانينات القرن الماضي هذا العهد بجامعة القاهرة فرع الخرطوم «سابقاً» وجامعة النيلين حاضراً، وكطالب ناشط في الحزب الشيوعي متهم بقتل طالبين أثناء النشاط الطلابي، هذه أولى محطاته. أما المحطة الثانية التي يمكن أن تضاف لتاريخه «النضالي» فهي انضمامه للحركة الشعبية لجب ما قد سبق، كما يفعل الكثيرون من أصحاب السوابق، المطاردون بالقانون. غير ذلك لا يُعلم له دور إلا بعد اتفاقية السلام التي سمحت وجبَّت ما قد سبق نحسب أنها «مدروسة» فمن هو عرمان بعدئذ. من المعلوم أنه يمثل دور الحزب العقائدي العجوز من خلال منصبه في الحركة الشعبية «قطاع الشمال». فماذا جنت الحركة الشعبية منه مكسباً.. الواقع يقول إنه لم يضف لرصيد الحركة الشعبية في قطاع الشمال إلا مزيداً من المشكلات والتفلتات داخل جسم الحركة الشعبية بتمكينه للكادر الشيوعي في إدارة هذا القطاع المعني به أصلاً دعماً لفكر الحركة الشعبية وليس دعماً الحزب العقائدي العجوز. فهل هذا الرصيد يمكن المُرشّح لرئاسة الجمهورية ياسر عرمان للفوز برئاسة الجمهورية؟!. إن اهتماماته اهتمام اتحاد طلاب إذا ارتقت وإلا فإنها كلمات تدغدغ مشاعر قطاع ليس ذا وزن في العملية الانتخابية «صويحبات لبنى». أما الحديث عن الحريات فهو حديث ممجوج ففاقد الشيء لا يعطيه. قد يكون المُرشّح ياسر عرمان يعتمد على ولاء قطاع الجنوب في الحركة الشعبية بدعمه في الانتخابات، فهذا أمر طبيعي إذا كان ياسر عرمان يمثل قضايا وهموم الوطن في جنوب السودان، فهل هذا أمر حتمي وحقيقي يبني عليه ياسر عرمان برنامجه لخوض الانتخابات الرئاسية؟! يبدو للمتابع أن فرضيات ياسر عرمان في هذا الأمر تحتاج لقراءة وإعادة قراءة. هل شاهد المُرشّح ياسر عرمان الحشود من مواطني جنوب السودان خلال زيارة البشير مُرشّح الوطني لرئاسة الجمهورية؟ هل مازال ياسر عرمان يظن أن جنوبيي السودان معه؟ ويعتمد عليهم في الفوز؟ وأين هو في شمال السودان ووسط السودان وغرب السودان وشرق السودان؟ لو كنت «ولن أكون» ياسر عرمان لكسرت «المقاديف». مبتدئو علوم السياسة يستخدمون المؤشرات لقراءة المستقبل والنتائج المتوقعة بيد أن سياسيي الصدفة لا يقرأون ولا يتعلمون. تأكدت أن مُرشّح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية غير منافس أبداً ولينتظر فإنِّا لمنتظرون، وغداً لناظره قريب. ثانياً السيد الإمام الصادق المهدي، فهو رجل غني عن التعريف، وله وزنه السياسي والتاريخي في السودان ورقم لا يمكن تجاوزه، إلا أنه صاحب تاريخ سياسي متأرجح متعارض معقّد. يجد القارئ صعوبة في استنتاج النهايات بين الإيجاب والسلب، وهذا يرجع في أُس الأمر لعدم ثبات السيد الإمام الصادق على موقف معين، فقد تجده اليوم على موقف والغد على موقف آخر. الأمور عنده متشابكة يحاول أن يرضي الأضداد وهذا مستحيل، وأن يرضي الجميع وهذا أكثر استحالة. لذلك لا يسهل قراءة أفكاره وبرنامجه. لقد أثبتت التجارب التي خاضها السيد الإمام عبر سنينه الطويلة في هذا المعترك «أكتوبر 1964م حتى الآن» أن حصاده «صفراً كبيراً» على كل الأصعدة فلا شاهد يشهد له، لا مدرسة، لا مستشفى، لا جامعة، لا مسجداً، لا طريقاً، لا مشروعاً تنموياً واحداً ولا آخر خدمياً، يمكن أن يرتبط باسمه، رغم انه ظل الرقم المشترك في كل الحكومات الديمقراطية، تحل الحكومات ويظل هو الرئيس المقيم. هذا كله يرجع لتكوينه الذاتي فيما علمنا وقد شهد بذلك د. حسن الترابي بأن السيد الإمام كان ذا ميول اشتراكية أقرب الى الشيوعية، فهذا بالطبع يتعارض تماماً مع أصوله المهدية الجهادية الإسلامية. يركز السيد الصادق الآن على إبراز معائب الإنقاذ الوطني في الحكم الشمولي وعدم الحريات وهي قضايا تجاوزها الزمان ولم يعد لها مكان، فالمواطن ينتظر برنامجه في البناء وليس اجترار الماضي، فهل له برنامج لبناء هذه الأمة؟ وما هي محاوره وآلياته، نحن كمواطنين لسنا معنيين بالحريات والديمقراطيات بقدر ما يعنينا وطننا الذي ظل أكثر من (5) عقود يبحث عن هوية أضاعها السياسيون. فهل السيد الصادق مقتنع بمنافسة المشير البشير في رئاسة الجمهورية؟ ومطمئن على تحقيق نتيجة إيجابية في الانتخابات، ونذكره بقراءة له في آخر التجارب «الديمقراطية الثالثة»، فكانت إجابته عن سؤال وُجّه له في الإعداد لدوائر الخريجين قوله «إن هيئة الخريجين في حزب الأمة تعدل الجبهة القومية الإسلامية طولاً وعرضاً» فهل تذكر السيد الإمام أن حزبه لم يفز بدائرة واحدة من دوائر الخريجين. لقد كنا مشاركين في حملة الجبهة الإسلامية في إحدى ولايات السودان وكان حزبه أحد الأحزاب التي تنافس وكنا على يقين في الجبهة الإسلامية من الفوز بدوائر الخريجين لأن الجبهة لها مصادرها ومعلوماتها وتصنيفاتها لكل الخريجين. نقول ذلك وهو في هذا العمر المتقدم جداً نربأ به أن يختتم حياته السياسية بهزيمة ديمقراطية. وعليه أن يراجع السيد الإمام موقفه تماماً ولا يظن أن حالة ما قبل 1989م هي الحالة الآن. إن عودة السيد مبارك الفاضل هي ليست دعماً له «صدقني» إنها خصماً عليه، وأن الشعب لا ينسى تصريحات السيد مبارك الفاضل وهو يتحدث للقنوات العالمية بعد ضرب مصنع الشفاء بأنه مصنع ينتج الأسلحة المدمرة وعلى أمريكا أن تواصل في ضرب مواقع أخرى. عجبي أن يكون السيد مبارك الفاضل مواطن سوداني يدعو لضرب وطنه ولا حاجة للحديث عن هذا الافتراء. الذي شهده «السيد مبارك الفاضل مساعد رئيس الجمهورية» بأم عينه «إن كانت ترى» فلا أسلحة دمار إنما هي أدوية ضرورية لحياة الإنسان والحيوان. في النهاية نسدي السيد الإمام نصيحة أخيرة حتى إذا كتب الله له الفوز: (تأكد أنكم سوف تواجهون مجتمعاً ليس كالذي حكمتم من قبل فنحن أبناء الأمس آباء اليوم والأمر جد مختلف!!.. راجع). { مخرج: هذه مقتطفات من مقالة «طويلة رصينة» بعث بها لنا المهندس محمد أحمد محمد نور، رجل الطرق والجسور، رسم ملامحها من وحي زيارات السيد الرئيس البشير لولايات الجنوب.