لنبتدر هذا الموضوع بهذا السؤال.. كيف ولماذا دخلت الى هذا الملف؟، أعني ملف الدائرة 26 التي انقسمت فيها قبيلة البطاحين على نفسها، حيث احتدم فيها التنافس بين الناظر خالد محمد صديق طلحة، وعمه «أبو الخليفة»، التي أفضت نتائج انتخاباتها إلى فوز الناظر خالد طلحة بعشرين ألف صوت، مقابل أربعة عشر ألف صوت نالها منافسه أبو الخليفة؟، أولاً أنشط ذاكرة السادة المهتمين بهذا الملف بأن «مؤسسة الملاذات» لم تدخل الى هذه الدائرة قبل الانتخابات حتى لتتهم بأنها تعمل لصالح طرف دون آخر، بل أننا قد دخلنا الى هذا الملف بعد الانتخابات وأننا نقف على مسافة واحدة بين الفريقين، وأما بخصوص النظارة فهذا شأن يخص أفراد القبيلة ولا أحد غير أفراد القبيلة، فالجمعية العمومية لأية نظارة عشائرية تتشكل من عضوية القبيلة، وأنا لست عضواً، ثم ليس هنالك سبب واحد يجعلني أناصر طرفاً على طرف، فأحدهم قد وصمني «بالعمالة»، ولا زلت اتساءل، أنا عميل لمن؟ وكيف؟ ولماذا؟، لكني أدرك ثمن أن تمتلك قلماً ناصعاً، إذن أننا قد دخلنا إلى هذه الدائرة بعد الانتخابات لتتساقط كل المسوغات كتساقط أوراق الخريف، ولكن ليبقى السؤال الآخر، لماذا دخلت بعد الانتخابات؟. وأصدقكم القول إننا قد دخلنا الى هذا المأزق من منظور قومي، حيث جاءني نفر من هذه القبيلة ومن المحايدين وأحسبهم من المخلصين الصادقين، وقالوا لي أن هنالك إحتقانا بين الفريقين يعتمل في الصدور، فنرجو أن تخاطب المسؤولين في الدولة ليسارعوا في نزع فتيل هذه الأزمة، التي زادت من تأجيجها «الاحتفالات الصارخة» التي أقامها الفائزون بمعاونة حزب المؤتمر الوطني، وذلك برأي وتقدير هؤلاء الاخوان، ثم ذهبت لأكتب مناشدتي «للرئيس المنتخب» المشير البشير ليتدارك هذه الأزمة، ثم في مرحلة متقدمة، المؤتمر الوطني نفسه ينظم لي لقاءً مع أحد المتنافسين، لقاء مع السيد أبو الخليفة لأجل استجلاء المزيد من المعلومات وتوظيفها لصالح التهدئة، فجلست الى الرجل لما يقارب الثلاث ساعات وكتبت بدقة «وجهة نظره» في هذه القضية، وإن كان يرى البعض أن ما قاله الرجل كفرٌ، فعلى الأقل، إن ناقل الكفر ليس بكافر! وحاشا لله أن يكفر «أبو الحسن» بالمسلمات والإرث والتاريخ. ثم مسعى آخر، أحسبه صادقاً، يقوم به الأخ علي محمد علي بابكر لأجل الالتقاء بالسيد الناظر «الطرف الآخر» في القضية وذلك حتى تستقيم المعادلة، ثم لمرتين متتاليتين يضرب موعد لهذا اللقاء ثم يؤجل، لأعلم في المرة الأخيرة، بأن هذا اللقاء يعطل من قبل فريق المستشارين الذي هو حول السيد الناظر، ولقد نصحوا السيد الناظر بأن لا يتم هذا اللقاء بحجة أن «صاحب الملاذات» قد «فقد قيمة الحيادية» في هذا الملف، لكن مجهودات الأخ علي محمد علي لا تتوقف، وهو يفترض علينا لقاءً «فوق العادة» مع الدكتور حيدر قدور المقرب من السيد الناظر، بل ربما الذي يمسك بملف إعلامه، والرجل يومئذ سليل «دوحة اتحادية عريقة»، لنتعامل مع هذا اللقاء «كلقاء تمهيدي» للقاء السيد الناظر المعطّل، وأعتقد أن الاستاذ الكبير الأمين العطايا يمتلك من الحكمة والعقلانية والخبرات التراكمية ما يجعل لقاء الناظر ممكنا، ويفترض أن «مؤسسة النظارة» أحرص منّا على إبراز وجهة نظرها فيما يدور، على أية حال أنا لم أعد حريصاً على هذا اللقاء بعد «تجريدي بغير حق من حيادي»، وليتنا جميعاً نرتقي للطف وعقلانية دكتور حيدر قدور، ولو كان الجميع يمتلك نفس السيد قدور الهادئ الطويل، لأمكن تجاوز هذا الملف، فتدفق في هذا المساء كثير من الود والعرفان والمعلومات «وخرائط الطريق» التي ترسم معالم الخروج من هذا الملف، فأنا لا أود بتكرارها أن أعيد إنتاج هذه الأزمة أو تنشيطها. مخرج: ونعتبر أنفسنا في «مؤسسة الأهرام الصحفية» قد اجتهدنا في الاضطلاع بدورنا، التنبيه للمخاطر المحتملة في مهدها، فكل أزماتنا قد استفحلت لعدم التعامل معها في أطوار التشكيل والتكوين الأولى، وأتصور أن قبيلة البطاحين تمتلك من الحكمة والتاريخ والأدب والتراث والقيم ما يؤهلها لتجاوز هذه الأزمة.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.