{ في خلال يومين وعلى التوالي كنت حضوراً لحفلين أحياهما اثنان من الفنانين الشباب ممن هم الآن ملء السمع والبصر أو لنقل وبلغة السوق أنهما الآن نجمي شباك من الدرجة الأولى. الحفلان كانا يخصان زواج ابن أحد الأسر الكريمة التي تربطني بهم قرابة ونسب لذلك كنت حضوراً للحفل الأول ومنذ بدايته الذي اعتلى خشبة مسرحه بأحد الأندية المشهورة الفنان الأول وأعذروني جداً إن لم أذكر الأسماء وهي طريقة لا أحبذها لأنني لست من الحزب الذي يطعن الفيل في ضله لكن فقط تقديراً للعلاقة الطيبة التي تربطني بأحد أطراف الحديث المهم أن الشاب الأول بدأ أول أغنياته بواحدة من تلك التي يُطلق عليها لقب شبابية وهي بالمناسبة أغنية ذائعة الصيت وسط الشباب يتبادلونها عبر وسائطهم من (بلوتُث) أو (أم. بي. ثري) أو غيرها وللأسف لم يتحرك أحد من مقعده ليقول له (أبشر) فالجميع كانوا جلوساً لأن معظم من كانوا في الحفل هم من أصحاب العمم الكبيرة من أعمامنا ربنا يديهم العافية أو من السيدات (ما عايزة أقول عجائز) لأني كدة ما حا أقدر أقطع شارع كترينا مرة ثانية. وسرعان ما حوّل الفنان الشاب خطه إلى اتجاه مغاير تماماً ليبدأ في فاصل طويل من أغنيات الحماسة وأغنيات الحقيبة ذات الإيقاع الراقص لتمتلئ حلقة الرقيص فجأة عن آخرها وكأن من فيها عاد من غيبوبة طويلة! فأدركت أن الشاب الذكي قرأ الحضور تماماً وأدرك أي نوع من الأغنيات يمكن أن تجد التجاوب والقبول، فغيّر من اتجاهه وامتلك الحفل وأبدع حتى قلنا كفى. { وفي اليوم الثاني كنا أيضاً موعودون بفنان شاب آخر ولأن الحضور هم ذات الحضور (لبدت) في مقعدي لأعرف كيف سيتجاوز هذا الفنان ذات المطب وبالفعل بدأ أغنيته الأولى بواحدة من الأغنيات الشبابية فكان كمن يغني في مالطا ثم أردفها بأخرى وثانية وثالثة وجميع من حولي أو لنقل معظمهم كان يتأفف ويتململ ويقول ده فنان شنو؟ رغم أني كنت واثقة لو أنه أدى هذا الفاصل في واحدة من الجامعات (كان شالو من الأرض شيل) لكنه للأسف تعامل مع الجمهور الذي يستمع له دون تقييم حقيقي لما يريد أن يستمع وكان بإمكانه وهو صاحب الصوت الجميل أن يغني ما يلائم ويواكب أعمار وأذواق وحتى المستوى الثقافي والتعليمي للحضور! وما في زول يقول لي يعني الفنان يعمل دراسة حالة اجتماعية لحضور الحفل؟ أقول ليه ممكن يا ظريف بنظرة ذكية للمكان والزمان والحضور وحتى مجريات الحفل نفسه يمكنها أن توجّه الفنان إلى الإتجاه الذي يغني فيه. { في كل الأحوال أقول إن الفنان الذكي يستطيع أن يفرض نفسه بأدوات أعتقد أنها ضرورية ليكون مواكباً وحاضراً في منافسة ما، لأن الفنان الذي يعتلي خشبة المسرح ولا يجد التجاوب ينخفض معدل أداؤه وتنخفض روحه المعنوية ويحس أنه غير مرغوب فيه وهو من جنى على نفسه لأنه ما معقولة تدخل حفل فيه زي العمم والعصايات ديك وتغني ليهم (........) أقولها؟ لا ده في المشمش!! { كلمة عزيزة أنا والله بضحك لما أسمع فنانة تقول لي ما نغني في نيجيريا ووردي ذهب من قبل إلى هناك! المقارنة هنا منعدمة تماماً إن كان في المناسبة أو الاسم أو التاريخ أو المكانة. ولن تصيبنا الدهشة إن جاءت الدعوة لوردي من سلطنة (بروناي) لنقول ديل سمعوا وردي وين؟ فالرجل عطاؤه وتاريخه ومكانته تجعله فوق الأسئلة وضد الاحتجاج. أما أمثال صويحباتنا ديل فالأفضل لهن أن يمتلكن رصيداً محترماً من الأغنيات يجعلنه حائط صد أمام أي هجمة مرتدة!! { كلمة أعز يا ناس الفضائية السودانية.. ليس كل من رفع المبتدأ وجر المضاف إليه يستطيع أن يقرأ الأخبار.. هذه الفترة تحتاج إلى صوت قوي وحضور وقراءة للأحداث وقدرة على الحوار المبني على تحليل سريع وفي الليلة الظلماء تفتقد هنادي سليمان!!