{ تعرفت عليه في عام 1982م وكنت لحظتها أستمع إليه وألتقط عبارات يلقي بها في تلقائية مميزة لا تحمل بذرة تكلّف، حاضرني عدداً من المحاضرات حوت أفكاراً، واستسهلت الطريق الذي رسمه لنا لنفهم الدين والحياة معاً ونتلمس عتبات الإبداع منذ وقت مبكر. تنبأ لي باللعب في منتخب منطقتنا في عام 1990م رغم قلة حيلته في كرة القدم، وقد حدث ذلك قبل ثلاث سنوات من التاريخ الذي ضربه لي (1987م). { منذ ذلك التاريخ انقطعت صلتي به، ولكن أخباره ترد إلينا من حين لآخر، حتى طرق الرجل بقوة، من خلال المبادرة الثقافية للحركة الإسلامية نمارق للآداب والفنون في نهايات الثمانينيات مع نخبة من المبدعين داخل تيار الحركة الإسلامية، ومن ثم اتصلت مبادراته الثقافية التي حملت عناوين عدة أبرزها بيت الثقافة، وأروقة، بالإضافة إلى نشاطه الثقافي الرسمي الكثيف ومشاركاته الواسعة مع كافة المنابر التي انبرت لخدمة الثقافة السودانية، وتواصله الاجتماعي مع كافة المبدعين داخل خريطة الثقافة السودانية، وقد حدثني عنه الشاعر الكبير سيف الدين الدسوقي وقال في حقه كلاماً جميلاً، وقال لي لم أكتب قصيدة في رجل غيره وقد ضمنتها ديواني واخترت اسمه عنوانا لها. { هو من القلائل الذين خدموا الثقافة السودانية بشهادة الأوساط الثقافية ولذلك قابلت هذه الأوساط تعيينه وزيراً للثقافة بارتياح كبير واحتفت به في منتدى الخرطومجنوب واحتفى به العشرات، مثلي، بفرح غامر. { تجربة السموأل خلف الله مع الوزارة هي تجربة فريدة وخطيرة، هي تجربة رجل يعرف كل شيء عن الثقافة السودانية ويدرك أسرارها وقوة تأثيرها في بلاد أكاد أجزم أن معركتها هي في الأساس معركة ثقافية تجاهلناها لعقود فغشيتنا المشاكل التي يعاني منها الوطن على كافة الأصعدة، ويحمل السموأل أحلامها وآمالها، ولهذا تجدني أشفق على السموأل لأنه لن يقبل مشروعاً ثقافياً هتافياً كما كان يحدث في السابق، مجرد تظاهرة تنتهي بدعاية سياسية لا تحقق هدفاً ثقافياً أصيلاً. { التحدي أمام السموأل أن يحول الأحلام إلى واقع وإلا استقال كما استقال من هيئة تلفزيون ولاية الخرطوم، نريد انطلاقة حقيقية لمشروعنا الثقافي الذي لم يبدأ بعد، وقد ظل ساكناً منذ الاستقلال تحركه بعض المبادرات التي ما تلبث أن تخبو، نريد قيام البنية التحتية للثقافة السودانية في كافة أنحاء الوطن، نريد حراكاً ثقافياً يسهم في حل مشاكل بلادنا قبل نشوئها بتثقيف الشعب وتعريفه بدوره فتمضي الممارسة عند كل فرد من الشعب مثلما رسمتها له ثقافة السموأل الجديدة، ثقافة تبني وعياً، هكذا هي الحياة حين تصنعها ثقافة أصيلة، يخرج منها السياسي والعامل والعالم والتاجر واللاعب والطالب والحاكم والمعارض وحتى المتمرد نجده يتمرد علينا بوعي.