وزير المالية والاقتصاد الوطني الأستاذ علي محمود، يبلغ من العمر (52) عاماً، درس الاقتصاد وعمل لفترة (15) عاماً في القطاع المصرفي، ويعتبر من كوادر المؤتمر الوطني التي تولت عدة مناصب دستورية وتشريعية في المركز والولايات، حيث عمل الرجل وزيراً للمالية بولاية جنوب دارفور، ومن بعدها وزيراً للمالية بولاية البحر الاحمر ومن ثم وزير دولة بوزارة المالية الاتحادية، قبل أن يتم اختياره والياً لولاية جنوب دارفور، فكانت خاتمة محطات العمل العام على مقعد وزير المالية والاقتصاد الوطني. (الأهرام اليوم) جلست إليه في مكتبه المتواضع بمباني الوزارة العتيقة بعد أن رفض مغادرتها إلى عمارة فخيمة شيدت خصيصاً لتكون مكاتب الوزارة الجديدة، ويبدو أن الوزير الجديد يسعى لإنفاذ سياسة تقشف وربط أحزمة استعداداً للمرحلة القادمة، وهي بداية موفقة. طرحنا على الوزير جملة من الأسئلة، منها ما يتصل بكيفية تعيينه وآخرين من أبناء دارفور في الحكومة الجديدة، وإمكانية إسهامهم عبر تواجدهم في (الديسك) المركزي لحل مشكلة دارفور، وتساؤلات أخرى حول طريق الإنقاذ الغربي والطرق القومية مثل طريق مدني الخرطوم، إضافة إلى المبالغ التي خصصت للسلطة الانتقالية لولايات دارفور لمشاريع التنمية، علاوة على ارتفاع سعر الدولار وأسبابه، وحديث حول الميزانية المقبلة باعتبارها ميزانية استفتاء، وخطة الوزارة لدعم مشروع الجزيرة، فضلاً عن الجدل الدائر حول شركة (سودانير) بعد أن تردد أن ملاكها الجدد (مجموعة عارف) يخططون لبيعها، ودار الحديث حول أزمة السكر الأخيرة والدولار وقضايا أخرى. استمع الرجل إلينا، فكانت حصيلة ردوده هذا الحوار: { ثمة سؤال مركب في ما يتعلق بالميزانية التي ستكون هذه المرة ميزانية استفتاء، ما هوالتأثير في ظل الحديث عن خروج 70% من عائدات البترول منها؟ وهل هذا الرقم صحيح على الرغم مما ذكره محافظ بنك السودان بأن 50% منها أصلاً كانت تذهب لحكومة الجنوب؟ وما هو تأثير العجز في الميزانية في حالة الانفصال؟ وماهي خطتكم لتغطية العجز في حالة خروج هذه النسبة من الميزانية؟ - نحن كالتزام سياسي حتى الآن لا نتحدث عن الانفصال وما يترتب عليه، ونحن حقيقة نعمل من أجل الوحدة وقمنا بزيارة لأويل وجوبا وهكذا، وهذه جميعها برامج تصب في اتجاه الوحدة، قطعاً أي انسان يخطط لدولة لا يمكن أن ينتظر الي أن يأتي يوم 9 يناير، هنالك تدابير يمكن أن نسد بها العجز في الموازنة الداخلية، لكن يبقى هنالك إشكال في الموازنة الخارجية وهي ميزان المدفوعات، والموازنة دائما بها شيئان: موازنة داخلية؛ (إيرادات ومصروفات)، وموازنة خارجية؛ (صادرات وواردات)، وهذا يعطيك ميزان المدفوعات والمالية العامة، والأثر الكبير يكون في ميزان المدفوعات، هنالك ترتيبات تتمثل في زيادة الصادرات غير البترولية وتخفيض بعض المصروفات.. ولكننا دائماً نتحسب لأسوأ الاحتمالات. { هل هنالك إشكالات حالية بهذا الخصوص؟ - حالياً هنالك مشكلة، لكن في النهاية سيتم حلها، عموماً أعتقد أنه بأي حال من الأحوال أوضاعنا من حيث توفر العملات الصعبة ليست أسوأ من عام 1994م، 1995م والأعوام الماضية. { قيمة المواد الغذائية المستوردة في العام 2008-2009م بلغت أكثر مليار دولار.. هل هذا صحيح؟! - نعم هذا صحيح.. المبلغ قريب من هذا، وأنا راجعت الفاتورة ووجدت أن السلع المصنعة 74% في الخمسة شهور الأولى هذه، ومدخلات الإنتاج أظنها بلغت مليون دولار، وهي بسيطة جداً، وأنت يجب أن تزن مسألة التجارة الخارجية بطريقة سليمة، لو وجد المواطنون الخبز وزيت الطعام وكل الأشياء الضرورية، فإن الزيادة في ضرائب العربات لاتؤثر، وفي فترة الخرطوم كان عدد عرباتها حوالي (100) ألف عربة، الآن أي منزل به عربتان، مصافينا لا تكفي الاستهلاك من المواد البترولية، أنا أقوم بهيكلة الاقتصاد السوداني بحيث أننا في ظل موارد نقد أجنبي شحيحة نقوم بموازنة المسألة، والآن نحن نضع تصورات وبرامج كاملة لذلك، ولهذا أنا متحفظ جداً في مسألة ادارة الاقتصاد في ما بعد الانفصال حتى لانتحدث عن الانفصال، فنحن حقيقة نحن نعمل من أجل الوحدة. { ما هي خطط الوزارة لدعم المشاريع الزراعية وخصوصا مشروع الجزيرة؟ - مشروع الجزيرة جميع خططه بطرف وزارة الزراعة، لكن أعتقد اننا يجب أن نقوم بإدخال شركاء استراتيجيين بدلاً من أن تصبح الحكومة لوحدها وتعمل بطريقة الإدارة التقليدية بتوفير المرتبات وغيرها، هنالك شركاء استراتيجيون، تدخل الحكومة بالبنيات التحتية ونحن سنظل نقوم بنظافة القنوات والري وغيرها ونأتي بالسماد ونعمل أشياء من هذا القبيل، لكن العمليات الزراعية ونظافة الأرض والعمل الفني يكون شراكة بين المزارعين وبين شركات محددة، الآن نحن بدأنا بشركة كنانة.. { هل هنالك فكرة لاستجلاب شركاء أجانب؟ - نعم هنالك فكرة شركاء أجانب، لكن نحن لن ننتظر الى أن يأتونا، ونحن الآن نعمل مع وزارة الزراعة بحيث تنشأ شركة وهي عبارة عن شراكة بين المزارعين وبين الشركاء الاستراتيجيين، مثل ما تم في كنانة، حجم العمل الذي رأيناه في الرهد ممتاز جداً، دخلت شركة كنانة باعتبارها شركة قطاع خاص مع المزارعين وتمت تصفية العاملين، جاءوا وعملوا على إصلاح قنوات الري، ونحن أتينا ووجدنا الري منساباً، وأدخلوا آليات جديدة قامت بحرث الأرض وجاءوا بمعدات جديدة وتركوا الآلات القديمة، الأمر تم بدعم ونحن ارتأينا نقل النموذج لمشروع الجزيرة، لكن في الجزيرة لأنه مشروع كبير - مليونا فدان .. والرهد (350)ألف فدان - فأنت تحتاج من ثلاثة إلى أربعة أضعاف الآليات المتواجدة في مشروع الرهد، وأيضا تحتاج أن تجلس مع الشركاء وهم المزارعون الذين يجب أن يتفهموا هذا المسألة وبعد ذلك تقوم بالشراكة بين الشركة والمزارعين، وينحصر دورنا في القيام بتقوية هذه الشراكة ودعمها بالأموال، والأمر يحتاج الى عمل وتفاوض مع المزارعين حتى يتفهموا المسألة، صحيح سنبدأ بحجم صغير وفي أماكن محددة وأقسام معينة من المشروع، ولسلع محددة لأن مسألة السلع هذه أيضا فيها فهم، هي شراكة كل طرف يحقق عبرها مصلحته والحكومة دورها أن ترعى هذه المسألة، وإذا وجدنا شركاء أجانب آخرين يريدون أن يأتوا ويدخلوا معنا فيها يكون جيداً، فالشريك الذي يأتي من الخارج يأتي برأس مال. { هل هنالك تصورات لهذه المسألة، لأن المستثمرين هؤلاء قد لا يأتون برغبتهم؟ - هذا العمل الآن تعمل فيه وزارة الزراعة، ويعملون فيه بشكل جيد مع اتحادات المزارعين، وتم فيه نقاش، في البداية لم يتفهمه المزارعون، وأنا حضرت اجتماعاً مع المزارعين في مشروع الرهد وقد تشكلت قناعتهم بالتنفيذ تماما وقالوا إن هذه العمل جيد وممتاز، وقالوا نحن نريد أن تتواصل هذه المسألة وتأتي الحكومة بمزيد من الشركات، بل وأتى المزارعون بامتدادت للمشروع يريدون تمويلها، وأنا أعتقد ان برنامج الشراكات الاستراتيجية هذا هوالمخرج لنا من استغلال المساحة على الأقل في المشاريع المروية، وبعد ذلك يمكن أن تتوسع في مشاريع الزراعة الآلية والقطاع المطري التقليدي. { في ظل الجدل حول ما تردد عن بيع شركتي عارف والفيحاء لأسهمهما في شركة سودانير كم تحتاج الحكومة السودانية من المبالغ لاسترداد هذه الأسهم؟ - حقيقة شركة عارف لها علاقة بالحكومة الكويتية، الحكومة الكويتية وشركاء آخرين، والحكومة الكويتية من الحكومات التي علاقاتنا بها جيدة ولدينا فيها مصالح وهكذا، وحدثت أخطاء حقيقة في مسألة دخول شركة عارف في سودانير، والأخطاء هذه أصبحت محل جدل، مثلاً هنالك مسألة الحظر.. الحكومة الآن كي تشتري طائرات وتأتي بها وتقوم بتسجيلها كي تصبح طائرات سودانية، بالطبع هذا لا يمكن في ظل الحظر الأمريكي، الآن هنالك أخطاء ونحن حتى الآن بصراحة لم نجلس مع شركة عارف، لكن تكونت لجنة من قبل الوزير السابق د.عوض الجاز بها ثلاثة من طرف الحكومة، أو من طرف وزارة المالية برئاسة ياسين الحاج عابدين وحافظ عطا المنان والأخ عوض الله موسى، وثلاثة آخرين من جانب شركة عارف كي يجلسوا ويناقشوا الخلافات والاختلافات؛ هل شركة عارف نفسها دفعت هذا المبلغ؟ وإن لم يقوموا بدفعه طرف الحكومة يعتقد أن شركة عارف دفعت مبلغاً محدداً وشركة عارف تعتقد أنها دفعت مبلغاً محدداً وحتى النسب هذه بها اختلاف وحتى الآن هنالك خلاف! ووزارة المالية تعتقد أن شركة عارف لم تقم بدفع 70% وشركة عارف تقول إنها قامت بدفع 70%، ولذلك نحن قلنا كي نساوي هذه الخلافات من الأفضل أن يجلس الطرفان ويسعيان للحل ويأتيان بالمستندات.. ولذلك نحن الآن في انتظارمندوبي الشركة، وهم عقدوا اجتماعاً واحداً واختلفوا مع مندوبي الحكومة والمالية وطلبوا مقابلة الوزير، وفي تلك الفترة تم حل الحكومة وتشكلت الحكومة الجديدة، وأنا أتيت ووجدت أن هنالك خطاب من شركة عارف، ونحن الآن في انتظارهم كي يأتوا إلينا وسوف نجلس معهم ونستمع اليهم. { هنالك حديث رشح في الصحف الكويتية أن شركة عارف لديها خسارات كبيرة جداً وبدأت تبيع ممتلكاتها.. ما مدى صحة هذا الحديث؟ - هذا الحديث أنا أقرأه، ولكن علي اي حال سنحافظ على حقوق السودان تماماً. الحل الآن يكمن في الجلوس ومراجعة الشراكة هذه وكل إنسان يأخذ نصيبه الحقيقي، وإذا كانت شركة عارف جادة نحن على استعداد لأن نمضي معها الى الأمام لكن بالحق، وكل إنسان حسب نصيبه، ولكن هذا وضع نحن وجدناه هكذا وسنقوم بمعالجته بهذه الطريقة ونأخذ في اعتبارنا أن هذه المسائل شائكة لدرجة اننا لم نستطع أن نأخذ فيها قراراً واحداً، وهنالك أخطاء من قبل طرف الحكومة، ونحن كذلك للمصلحة العامة أيضاً لم نستطع في فترة سابقة أن نقول إن هذا خطأ. { لكن هنالك حديث من الكويت عن ان شركة عارف نفسها أصبحت متعسرة وبدأت تبيع في ممتلكاتها ومطالبات البنوك عليها كبيرة وعليها ديون ضخمة؟ - والله أنا لا أعرف معلومات عن الحديث الذي قلته، وأنا قمت بمقابلة رئيس مجلس إدارة شركة عارف، وهو كان رئيس الغرفة التجارية، قد تكون هناك خسارات في صرف في أماكن أخرى وفي الكويت نفسها، لكن نحن الآن نسير في محور محدد.. أنا قمت بعقداجتماع مع مناديب اللجنة وأعطوني كل الورق والمستندات المتعلقة بهذا الموضوع، لذلك نحن لن نجلس بدون فهم، ولكن سودانير قبل مجيء شركة عارف كانت قد تدهورت ونحن كحكومة مسؤولين عن تدهورها قبل أن تأتي شركة عارف.