قبل ثلاثة أعوام من الآن قام التلفزيون السوري بعمل لفتة مسؤولة للحد البعيد حينما اشترى كل المسلسلات السورية التي انتجت لرمضان وقتها ولم تجد حظها من التسويق في التلفزيونات العربية والخطوة تلك لم تكن فقط من أجل عرض هذه المسلسلات على شاشته ولكن دعماً وتحفيزاً وتشجيعاً لمنتجيها الذين خسروا عليها حتى لا يصيبهم اليأس بارتداد هذه الأعمال والخسارة المالية التي ستضربهم في مقتل باعتبار أنهم صرفوا دم قلبهم للإنتاج وللممثلين أو لكل ما له علاقة بإنتاج مسلسل تلفزيوني. ولو أن تلك الأعمال من مسلسلات (بارت) في ذاك الوقت لما تشجع احد على إنتاج دراما سورية وهو يتوجع من أثر الخسارة التي اصابته. اضع هذا الحدث أمام عيني والدهشة تلفني والحيرة تتجاذبني وأنا اقارنه بحديث الأخ الاستاذ ابرهيم الصديق مدير القناة القومية بالهيئة العامة للتلفزيون القومي وهو حديث في رأيي غير مسؤول ولا علاقة له بالمنطق ولا الواقع ولا حتى من يستمع له عند (قنبور) وأقول ليكم كيف بعد أن اخبركم أنه قال ومن خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده التلفزيون ليكشف من خلاله برامج وسهرات شهر رمضان الكريم قال إن ضعف التجهيزات الفنية حالت دون إنتاج مسلسل سوداني!! نعم هو حديث غير مسؤول ولا يعرف قيمة أن ينتج التلفزيون عملاً درامياً سودانياً ولو موسمياً والتلفزيون القومي بما له من إمكانيات مهولة تضعه تقنياً ربما ثاني فضائية على المستوى العربي لا اصدق أنه لا يملك (التجهيزات الفنية) وهذه تحتاج إلى توضيح فهل يقصد السيد الصديق انهم لا يملكون الاستديوهات الخاصة التي تصلح (لوكيشن) لعمل درامي؟ هذا كلام غير منطقي لان التسجيل الداخلي والديكورات ما عادت امراً صعباً مع مزجها بالتصوير الخارجي الذي هو ربما سبعون في المائة من العمل نفسه وبعدين إن كنتم كفضائية صاحبة إمكانات مهولة تقدرون الدور الذي تلعبه الدراما فهل رمضان جاكم قبل موعده؟ ولماذا لم يتم الفراغ من هذه التجهيزات الفنية من بدري بدري تشجيعاً لجموع (الدراميين) الذين اصبحوا عطالة اللهم إلا من اسكتشات درامية عابرة تعدي سريع زي كيس النايلون الشايله الهواء؟. وهل التجهيزات الفنية يقصد في جزئية منها الكادر البشري من مخرجين ومصورين وغيرهم؟ إن كانت الإجابة نعم فلماذا لم يبتعث التلفزيون شبابا لتلقي دورات تدريبية في بلاد لها سبق في الدراما التلفزيونية بدلاً عن البعثات (الفالصو) التي تغادر إلى ماليزيا التي ما سمعنا أنها نالت جائزة الأوسكار لاحد افلامها أو حتى برزت في (كان) ورشحت للسعفه الذهبية؟!! باختصار شديد أشعر أن التلفزيون (يستخسر) دفع اموال في أي عمل درامي سوداني وهو (تملص) من مسؤولية التلفزيون القومي معني بها بالدرجة الأولى فحرام أن تبذل اموال لاستديو المسابقات لان بعض (الحالمين) ممن يعتقد أنهم خبراء لبنانيون اشاروا بذلك وحرام أن ندفع بالدولار (الأصل) مصري لاعلاقة له بموروثنا الثقافي وليس لديه أدنى فكرة عن اذواقنا في الزينة والملبس بدليل أن واحدة من المذيعات اخبرتني أنه طلب منهم عدم التزين بالخضاب السوداني العادي مش (افرع اللبلاب) البتصل الكوع عند الظهور على الشاشة. أعتقد أن الدراما السودانية مجني عليها ممن يفترض أن يكونوا المشجعين الأوائل لها ربما يقول لي البعض هم وين الممثلين السودانيين الذين يستطيعون منافسة النجوم العرب؟ أقول لهؤلاء إن مقاييس النجومية قد تغيرت إلى حد كبير بدليل أن ايدي مورفي ينافس برادبيت وفيفتي سنت وقبله مايكل جاكسون وبوب مارلي غيرا مفاهيم النجومة ذات البشرة البيضاء. نعم بإمكاننا ان نخطو بدراماتنا خطوات كبيرة بسحنتنا السمراء وانوفنا الفطساء وشعورنا الخشنة قرقدية الملمس لان الفن الحقيقي تجاوز مخاطبة الغرائز والشهوات التي تعتمد على مقاييس النظر ووصفات الجمال المصنوعة. أعتقد أنه آن الأوان لأن نحرض الدراميين السودانيين كتابا وممثلين ومخرجين أن ينفضوا عن أنفسهم غبار الكسل ويطردوا عن سمائهم ما تلبد فيها من ابخرة الإحباط والتعجيز التي جعلتهم يتخلفون عن الركب والتاريخ الدرامي بدأ منذ زمن بعيد سبقنا فيه الناس بأشواط كما سبقناهم في كرة القدم لكننا للاسف نحتل المؤخرة السبب شنو أنا ماعارفه؟ في حدي عارف؟!! كلمة عزيزة أقدم إقتراحاً وجيهاً لشركات صناعة التلفزيون بإنتاج تلفزيون مخصوص للسودان يتكون من أربعة طوابق كل طابق به شاشة طالما أن فضائيتنا المختلفة مصرة بعد الإفطار مباشرة أن تعرض وتستعرض ما لا يستطيع المشاهد مقاومة عدم مشاهدته. كلمة أعز اجمل تعليق جاءني من القارئ نادوس علي معترضاً فيه وزعلان على وضع هذه الزاوية في صفحة الجريمة وانا اقول ليه ولا تزعل لان هذه الزاوية عند البعض (جريمة) ومشتاق يتخلص منها!!