فريق مشترك من المفوضية السامية لشئون اللأجئين ومعتمدية اللاجئين ينفذان ترحيل الفوج رقم (25) من اللأجئين خلال العام الجاري    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    الشباب المناقل يمتسك بالصدارة بعد فوزه على إتحاد مدني    قرارات لجنة الانضباط في أحداث مباراة المويساب شندي والجلاء بربر    القوز ابوحمد يكلف اللجنة القانونية لإستئناف قرار لجنة المسابقات    السودان..وفد عسكري رفيع في الدمازين    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    تعادل الإمارات والعراق يؤجل حسم بطاقة المونديال إلى موقعة البصرة    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    روبيو يدعو إلى وقف إمدادات الأسلحة لقوات الدعم السريع السودانية    السودان يعلّق على تصريحات أمريكيا حول الحرب    نجم ريال مدريد يدافع عن لامين يامال: يعاملونه مثل فينيسيوس    والي الخرطوم :يقدم تنويرا حوا أبعاد إستهداف السودان والدعم الذي توفره حكومات الدول للمليشيا لارتكاب جرائم التطهير العرقي    شاهد بالفيديو.. حسناء مغربية فائقة الجمال تتحدث اللهجة السودانية بطلاقة وتعلن دعمها الكامل للشعب السوداني وتؤكد (لا فرق عندي بين المغرب والسودان)    الي مرتزقة الحركات المسلحة    الدفاعات الأرضية بمروي تسقط مسيرات انتحارية أطلقتها المليشيا الإرهابية    المنتخب الوطني يتدرب بمجمع السلطان قابوس والسفير السوداني يشّرف المران    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    خطوة أمريكية تربك ميليشيا الدعم السريع    شاهد بالفيديو.. حسناء مغربية فائقة الجمال تتحدث اللهجة السودانية بطلاقة وتعلن دعمها الكامل للشعب السوداني وتؤكد (لا فرق عندي بين المغرب والسودان)    شاهد بالفيديو.. ناشطة الدعم السريع "أم قرون" تهدد بفضح قيادات المليشيا بكشف ما حدث في 15 أبريل بعد أن رفضوا منحها حقوقها المالية: (أنا طالبة من الدولة ما من جيب أبو واحد فيكم وحميدتي ما بقدر يحميني حقي)    شاهد بالفيديو.. "بدران" الدعم السريع يتعرض لأقوى "زنقة" ويحاول التخلص بتحريف منها أحاديث نبوية    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.الشفيع خضر سعيد : الأيديولوجيا وعلاقات السودان الخارجية
نشر في رماة الحدق يوم 11 - 11 - 2019

من طبيعة الأشياء، أن تتبنى الأحزاب السياسية، في نشاطها اليومي وعلى مستوى الفعل التكتيكي والفعل الاستراتيجي، مواقف عملية تتوافق مع طبيعة الحزب ورؤاه الفكرية ومنطلقاته الأيديولوجية. ومن طبيعة الأشياء أيضا، أن تسعى هذه الأحزاب لتجسيد مواقفها ورؤاها تلك على أرض الواقع، مستخدمة آليات العملية الديمقراطية السلمية في النظام الديمقراطي. لكن، هذه المسألة ليست مطلقة، وتختلف في بلدان حكم القانون والمؤسسة الديمقراطية الراسخة، بلدان الدولة الوطنية الحداثية، عنها في بلداننا النامية والتي لم تنجز بعد مشروعها الوطني لبناء دولة ما بعد الاستقلال الوطنية. ففي بلدان المؤسسة الديمقراطية وحكم القانون، وعبر آلية التداول السلمي الديمقراطي للسلطة، تتناوب الأحزاب المنتخبة في إدارة شؤون الدولة، كل حسب رؤاها وبرامجها، دون أن تتأثر مؤسسات الدولة التي تظل ثابتة كأرضية صلبة ترعى تنافس اللاعبين السياسيين. قد يحاجج البعض بأن الاختلافات الأيديولوجية والفكرية بين هؤلاء اللاعبين السياسيين ليست كبيرة، فكلهم آتون من ذات الرحم الرأسمالي، مع بعض الفروقات الطفيفة. ولكن لا أعتقد أن وصول الأحزاب الأكثر راديكالية إلى السلطة، مثلما فعل تحالف الاشتراكيين والشيوعيين في فرنسا، أو أحزاب الخضر أو الاشتراكيين الديمقراطيين في عدة بلدان، وخاصة في البلدان الاسكندنافية، لا أعتقد أن وصول هذه الأحزاب إلى السلطة سيهز من بنيان دولة حكم القانون والمؤسسة الديمقراطية، التي رسخت وتوطدت عبر قرنين من الزمان تقريبا.
بالمقابل، وفي بلداننا النامية، السودان نموذجا، وقبل الإجابة على الأسئلة المصيرية التأسيسية لدولة ما بعد الاستقلال، فإن أي محاولة من أي حزب أو قوة سياسية للانفراد بالإجابة على هذه الأسئلة، وإسقاط رؤاه الفكرية والأيديولوجية على هذه الإجابة، ستأتي خصما على المشروع الوطني لبناء دولتنا الوطنية المستقلة، وستهزم مشروع دولة المؤسسة الديمقراطية. وفي فترات الإنتقال الحرجة، كالفترة التي يعيشها السودان اليوم، لا بديل أمام كل مكونات البلد السياسية والاجتماعية سوى التوافق على المشروع الوطني، وعلى إجابات الأسئلة المصيرية التأسيسية، أسئلة نظام الحكم ونوع الممارسة الديمقراطية، بما يحقق المشاركة العادلة في السلطة وإقتسام الموارد والثورة، أسئلة الهوية وعلاقة الدين بالدولة…، وغير ذلك من الأسئلة المتعلقة ببناء دولة أحكم القانون والمؤسسة الديمقراطية في السودان، وبعد ذلك فليتنافس المتنافسون من اللاعبين السياسيين مادامت الأرضية التي سيجري فيها هذا التنافس، الدولة ومؤسساتها، صلبة وراسخة ولن تتأثر كثيرا بمجريات الصراع السياسي الذي يحتدم فوقها. ولقد تفتقت عبقرية الشعب السوداني عن المؤتمر الدستوري والآليات المختصة المساعدة له، كوعاء ملائم لبناء هذه الأرضية.
أما أن يحاول أحدهم الانقضاض علينا، ليفرض رؤاه الأيديولوجية الخاصة به في إعادة هيكلة وبناء السودان، فيكفي أن نذكره بما حاق بالبلاد من دمار أحدثته ثلاثة عقود من حكم تفرد الرؤى الخاصة وإقصاء الآخرين وإلغاء المشروع الوطني، أو النظر إليه بمنظار أيديولوجي ضيق يتناقض وجوهر الفكرة.
وفي ذات السياق تأتي علاقات السودان الخارجية. لقد تضرر السودان كثيرا، حد العزلة، من سياسات أدلجة علاقاته الخارجية، وسياسات الوقوع في فخاخ صراعات المحاور المتناقضة، ثم السياسات الانتهازية الأشبه بالسمسرة، وكذلك سياسات المصلحة الخاصة، والتي تبناها النظام البائد وهو يواجه فشل سياسات الأدلجة والمحاور. إن العلاقات بين الدول في عالم اليوم تقوم على مبادئ مراعاة التوازن في العلاقات مع كل الدول بعيدا عن أي اعتبارات إيديولوجية أو عقائدية، وبعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن تراعي المصالح المشتركة للشعوب مع عدم التفريط في المصالح الوطنية. هكذا نريد لسياسة السودان الخارجية أن تكون، مع التأكيد على خصوصية العلاقات التاريخية بين الشعب السوداني في شمال وجنوب السودان، ومع دول الجوار، وخاصة مصر وإثيوبيا وإريتريا وتشاد، ودول حوض النيل، مع ضرورة إيجاد إطار مؤسسي متفق عليه لتطوير هذه العلاقات. وعليه، يصبح من غير الموفق أن ينبري هذا الحزب أو ذاك ليناقش علاقات السودان الخارجية من منطلق أن تلك الدولة رجعية وهذه تقدمية، وأن تلك تقدم لنا مساعدات لأغراض إخضاعنا لسياساتها. نقول هذا دون أن نغمط حق أي حزب أو كيان سياسي في تبني ما يحلو له من سياسة خارجية خاصة به وفق رؤاه الأيديولوجية. فقط الذي نرفضه هي محاولة إسقاط رؤاه هذه على سياسة السودان الخارجية. وشخصيا، لا إعتراض لدي على سعي البلدان الأخرى لضمان مصالحها في السودان ما دامت هذه المصالح لا تتم على حساب مصالحنا الوطنية. لكن، ضبط مسألة مصالحهم ومصالحنا هذه، ليست بسيطة وسهلة كالجملة التي كُتبت بها، وإنما هي معادلة صعبة يحتاج التعامل معها إلى قيادات وطنية حصيفة تعرف كيف تضع حدا بين اللحم والدم، وكيف تتمترس في الدفاع عن مصالح الوطن، دون أي إنحناءة أمام هجمة الآخر، مهما كان الثمن المدفوع.
نحن اليوم، نعيش في عالم لا يقبل العزلة والانعزال. عالم تحكمه قوانين العولمة التي لا فكاك منها، والتي توفر تربة خصبة لتجلي ظاهرة التفاعلات والتداخلات بين مكونات هذا العالم، كظاهرة موضوعية وحتمية. ونحن، كقوى سياسية واجتماعية في السودان، أعتقد علينا التفاعل الإيجابي مع مكونات العالم الأخرى، وتسخير هذا التفاعل لمصلحة الوطن، بعيدا عن التهويمات والشطحات التي تخطاها الزمن. وبالمناسبة، نحن عندما ندعو إلى التفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي، لا نقصد فقط التفاعل مع الحكومات، في الشرق أو الغرب، وإنما أيضا مع منظمات المجتمع المدني والكيانات المدافعة عن حقوق الإنسان والمعادية للحرب في الغرب، والتي تعمل لها حكومات البلدان الغربية ألف حساب، ومع غير ذلك من الفضاءات الشاسعة في مختلف البلدان، والتي يمكننا اقتحامها وإرغام الحكومات ودوائر اتخاذ القرار فيها على الضغط في الاتجاه الصحيح الذي يراعي مصالح وحقوق الشعب السوداني، غض النظر عن طبيعة الأنظمة في هذه البلدان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.