دكتور عوض إبراهيم عوض أديب وإعلامي مميز استطاع خلال سنوات وجوده في عالم الأدب والفكر والثقافة والإعلام أن يخط لنفسه طريقاً واضحاً أثرى به الساحة الثقافية في السودان وخارج السودان من خلال ما قدّمه بعلمه الغزير وثقافته الناضجة وإجادته لثلاث لغات غير العربية هى الإنجليزية والفرنسية والملاوية.. هذا غير إطلالته المريحة التي جعلت له حظاً وافراً من الإعجاب وسط الجمهور.. التقتة «تقاسيم» للتعرف على الكثير من جوانب حياته عبر هذا الحوار.. حدِّثنا عن بدايات د. عوض مع الإذاعة؟ كانت بداياتي مع العمل الإذاعي بإذاعة السودان في الثامن من شهر مايو عام 1975م، وبعدها بأعوامٍ قليلة تم الالتحاق بتلفزيون السودان كقارئ للأخبار ومقدم للبرامج. هل كانت هناك مساعدات قُدِّمت لك من قبل الإعلاميين فى بداياتك؟ - نعم وجدت كل الاحتضان والترحيب حيث بدأت أستاذتي ليلى المغربي رحمها الله بتعليمي أبجديات العمل الإذاعي وأشركتني معها في برنامجها «أصداء» الذي وهبته لي في نهاية المطاف، وكان ذلك مع أستاذ الأجيال الدكتور صلاح الدين الفاضل الذي علمني الكثير هو الآخر. أما أستاذنا حمدي بدر الدين فقد أفرد لي مساحة عريضة للشهرة والتعلم عندما وضعني كأحد العاملين معه في فريق سهرة فرسان في الميدان التي كانت مدرسة حقيقية تعلمت منها أسس تقديم السهرات التلفزيونية. الغربة الطويلة ماذا أخذت منك وماذا أعطتك؟ الغربة سلاح ذو حدين إن لم تقطعه قطعك. وأنا استفدت منها الكثير حيث كتبت كثيراً من المؤلفات في بلاد المهجر منها ما هو باللغة العربية وبعضها باللغة الإنجليزية، وأخذت الغربة مني فصاحة أبنائي حيث إنهم لم يتمكنوا من الحديث بطلاقة باللغة العربية، وهذا سبّب لي هاجساً كبيراً طوال الوقت. على ذكر التوثيق والكتابة فإن الأوساط الإعلامية السودانية سعدت بكتابك «الإذاعة السودانية في نصف قرن» الذي كان أول كتاب توثيقي يصدر عن تاريخ إذاعة أم درمان فما هي الدوافع التي أملت عليك تأليف هذا الكتاب؟ - في الواقع كتبت هذا الكتاب بغرض التوثيق لإذاعة أم درمان لأنَّ عطاء هذه الإذاعة المتدفق لم يجد من يخلده في المكتبة السودانية، وقطعاً إنَّ توالي الأحداث والوقائع على الإذاعة يكفي أن يجعل منها كتاباً متفرداً لجمهرة القراء. وكان من ضمن الدوافع التي جعلتني أفكر في وضع هذا الكتاب أيضاً أن نتمكن من سبر أغوار الحقائق عن دور وسائل الاتصال في بناء الإنسان والتغيير الاجتماعي للأمم. وإذاعة أم درمان بالمناسبة هي الإذاعة الوحيدة بين مثيلاتها من الإذاعات الإفريقية والعربية التي تفردت في نشأتها ومسارها التاريخي ودورها الاجتماعي والسياسي والثقافي بحكم أنها نشأت في زمانٍ لم تعرف فيه معظم الدول الإفريقية والعربية والإسلامية شيئاً يُسمى الإذاعة. إذن من خلال هذا الكتاب وغيره من مؤلفاتك هل واجهتك أي مصاعب في أمر التوثيق؟ - في واقع الأمر أنَّ هذا النوع من الكتابة يستدعي ذاكرة ثاقبة وطاقة على تجميع المعلومات. وأحسب أن طبيعة عمل أي صحفي أو إذاعي تتيح الكثير من الفرص لتجميع الذكريات وتوثيق الأحداث. وفضلاً عن ذلك فإنني ظللتُ طوال عمري أكتب المذكرات يوماً بعد يوم، حتى ملأت هذه المذكرات عدداً من المفكرات الصغيرة التي كان يهديها لي جدي «الحاج أحمد نور» طوال سنوات الدراسة مع مطلع كل عام جديد. ولما كبرتُ وكبرت الأيام والأحداث أصبحت صفحات المفكرات أصغر من أن تحمل الأحداث اليومية فتحولت إلى دفاتر وكراسات كبيرة ظلت تلازمني أينما حَلَّ بي المقام. ولعلها قد أصبحت الآن واحدة من أهم المراجع التي أستعين بها في كتابة المذكرات. وعلى بساطة تلك المذكرات إلا أنها قد حافظت قطعاً على مبدأ التوثيق حتى كبرت أحجامها ومضامينها مع الأيام.. إذن ماذا أعطيت للمكتبة السودانية من شعرك الغنائي؟ - أعطيتها الكثير حيث كتبت العديد من الأغنيات التي غناها عدد من المطربين الكبار ومنها على سبيل المثال أغنية سيف الجامعة «بكرة جاييك استعدي» وأغنيتين لحمد الريح «في عيونك يا أميرة» و«وطن السلام» وأغنية عصام محمد نور «واصل أنا واصل» وأغنية لمحجوب كبوشية «جوابك لي وصل يا يمة عز الليل» وأغنية محمود عبد العزيز «ما لاقيت متل ضيك» وأغنية عبد القادر سالم «يا أحاجينا القديمة» وثلاث أغنيات لصديق عباس هي: «بنات كردفان» و«وصوني بيك» و«مالك علي يا عيني» وست عشرة أغنية للفنان الشاب محمد الفاتح أولها «تسمحي أستريح» وهي التي حملت اسم ألبومه الثاني الذي نفد من الأسواق بسرعة البرق وثنائي النغم أغنية «راجعين»، وعمر إحساس أغنية «عربي وإفريقي» ومعز الشاطئ أغنيتين «البنفسج» و«الحمالة علي». من أين نبعت فكرة قناة الأمل؟ ولماذا توقفت؟ - نبعت من إحساسي بأهمية القنوات الفضائية في هذا العصر. وقد وجدت قبولاً منقطع النظير من المشاهدين الذين تعلقوا بها كثيراً.. توقفنا عاماً بأكمله لإعادة بناء ما دمره الحريق اللئيم الذي شب بقناة الأمل في عامها الأول وقد كلفنا الكثير ولكننا صمدنا وصبرنا، والآن بحمد الله نعد العدة لإعادة البث والانطلاق قريباً إن شاء الله. كلمة أخيرة ماذا تقول فيها؟ أقول فيها ألف شكر لصحيفة «الإنتباهة» على إجرائها هذا الحوار معي وهي الصحيفة التي دخلت قلوب كل السودانيين حتى أصبحت الصحيفة الأولى خلال فترة وجيزة وتمكنت من التغلغل في لباب القراء حتى أصبح لا يستغني عنها أي بيت سوداني.