على ضفاف النيل الأبيض جلس إلينا بأريحيته وابتسامته التي لا تفارق وجهه الاعلامي طه يوسف الصحفي المعتمد لدى الأممالمتحدة ومدير عام منظمة جنيف اقلوبل ميديا.. رغم انشغاله إلا أن الرجل لم يبخل علينا مشكورًا بمساحة من زمنه.. جلس إلينا فيها وتجاذبنا معه أطراف الحديث عن الإعلام والسودان محليًا وعالميًا... حوار: هناء عز الدين كيف وصلت للأمم المتحدة؟ عملتُ في الصحافة منذ أن كنت طالبًا.. كتبتُ لعدة صحف منها «آخر لحظة» و«السوداني» وصحيفة «دارفور جديدة» وبعدها غادرت السودان إلى سويسرا في عام 1995 وعملت في مهن بعيدة عن الإعلام ولكن حبي للإعلام دفعني للالتحاق مرة أخرى بالعمل الصحفي وبدأت أفكر في الانضمام للأمم المتحدة عبر فرقة الصحفيين الدوليين وبعد عامين من التعب والعمل المستمر انتسبت صحفيًا بالأممالمتحدة. حدثنا عن المتاعب التي واجهتك قبل اعتمادك لدى الأممالمتحدة؟ تمثلت معاناتي عندما تقدمت بطلب اعتماد لدى الأممالمتحدة سألوني عن الوكالات والإذاعات والصحف التي عملت بها وهل كنت أعمل في صحيفة معروفة، معروفة ليس بالضرورة أنها تكون صحفًا غربية ولكن معروفة يقصدون بها إن كانت الصحيفة لها اهتمامات بالقضايا الدولية والأممالمتحدة تعلم تمامًا أن كثيرًا من الصحف السودانية منغلقة أو تهتم بالقضايا المحلية والشيء الآخر عندما ذهبت إلى سويسرا كنت أتعامل بالعقلية السودانية البسيطة وليس العقلية المنفتحة وهذه كانت من المتاعب التي واجهتني وكانت السبب في أن أتعثر في بداياتي ولكن بحمد الله تم اعتمادي كصحفي لدى الأممالمتحدة وبدأت الانطلاقة للتعاون مع وسائل الإعلام السودانية بحكم وظيفتي كصحفي معتمد لدى الأممالمتحدة بل وتجاوز الأمر إلى التعاون مع وسائل إعلام عربية مثل تلفزيون الكويت وشبكة وقنوات الحياة وشبكة قنوات النيل المصرية وأيضًا أعمل كمراسل للجزيرة نت وقناة الجزيرة مباشر وأتعاون مع الجزيرة بشكل جيد. كيف تعاملت مع نظرة الإعلام الغربي للسودان؟ بحكم وجودي في المكتب الصحفي بالأممالمتحدة حاولت ولو بمجهودي الشخصي أن أغير ما تفعله الميديا الغربية فكنت أتحدث دائمًا عن الوجه الآخر للسودان والحضارة السودانية أكتب في المنتديات عن الحضارة النوبية والآثار السودانية مما دفع أحد الصحفيين لزيارة السودان وكتابة سلسلة عن حضارات كرمة والنوبة كما ساهمت في تنظيم عدد من الرحلات للصحفيين الأوربيين حتى يغيروا وجهة نظرهم عن السودان، وبالفعل عكسوا التباين الثقافي والعادات وخرجوا بأروع المواد والمنوعات. بوصفك أول مدير سوداني لمنظمة عالمية... حدِّثنا عن ذلك؟ تم اختياري لرئاسة منظمة جنيف اقلوبل ميديا كأول سوداني يدير منظمة سويسرية وهي منظمة دولية غير حكومية تعنى بتأهيل الصحفيين وبناء قدراتهم على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط سعيًا لإخراج الصحفي من المحلية إلى العالمية من خلال تدريبه على كيفية تناول القضايا العالمية المتمثلة في التغيير المناخي والكوارث الطبيعية والقضايا الإنسانية المشتركة فضلا عن الصراعات الموجودة في العالم والتي تحدث حتى في الدول المستقرة ولا بد للصحفي أن يكتب لكي يساعد المنظمات بالمعلومات والتي بدورها تساعد الناس المحتاجين. ما هي خارطة الطريق للصحفي السوداني للخروج به للعالمية؟ القضايا العالمية المطروحة الآن كفيلة بأن تخرج الصحفي من الهموم المحلية الى العالمية لأن القضايا المحلية صارت مرتبطة بالعالمية فالتغيير المناخي الذي يشهده العالم مثلاً يتأثر به شخص في رفاعة وشخص آخر في اوسلو النوريجية، ولكن الصحافة السودانية لا تهتم إلا بقضايا السياسة المحلية فقط و«تلوكها» ك«علوق ناقة سيدنا صالح». هل الطريق ممهد للصحف السودانية للانطلاق للعالمية؟ الأمر متاح فالصحفي السوداني لديه الكثير من الإمكانات التي تؤهله للعالمية فقط عليه أن يكتب عن قضايا السودان لأنها أصبحت دولية وتناقش في الأممالمتحدة وكثير من المنتديات الدولية فالصحفي السوداني إذا فعل ذلك سيصبح مرجعًا للذين يكتبون عن السودان بجهل ولكنه للأسف يكتب بمحلية وكتاباته غير مرجعية حتى على المستوى الإقليمي، ومن العيب أن يكون الصحفي المصري المسؤول من الشؤون الإفريقية والسودانية «هاني رسلان» هو المرجع لقضايا السودان، الإعلاميين الغربيين ليس لديهم معرفة ودراية بقضايا السودان وكما أنه لا يوجد صحافيين سودانيين يتابعون كتاباتهم وبالتالي تصوبيها أو الرد عليها وهم مدركون تمام لهذا الواقع الذي يساعدهم في تحقيق أهدافهم. ما هو السلاح لبلوغ العالمية؟ الحياد في الآراء وهو شيء صعب على كثير من الصحفيين وهناك المصداقية فضلاً عن عدم الانتماء سواء لجهة ما أو عرق ما أو لونية بعينها هذه الشروط هي سلاح الصحفي للوصول للعالمية. كاتب يأسرك وتحب كتابته؟ علي المستوى الشخصي أحب كتابات الصحفي السر سيد أحمد لأنه يكتب بأبعاد دولية وهذا ما أدعو له، لابد للصحفي السوداني أن يكتب ببُعد دولي حتى نحل قضايا السودان.