فضل عبد العال فضل من ابناء المحس اغترب منذ السبعينيات لأكثر من ثلاثين عامًا قضاها متنقلاً في عدد من البلدان العربية وكانت المملكة العربية السعودية محطته الأخيرة ولكنه قرر اخيرًا أن تكون السعودية محطته الاولى الى بلاد اوربا وتحديدًا في بريطانيا والتي امضى فيها ثماني سنوات. كيف ومتى بدأت الهجرة؟ بدأت هجرتي أواسط السبعينات الى المملكة العربية السعودية ثم الى اوربا قضيت بها ثماني سنوات وعدت في أواخر الثمنينيات الى المملكة ومازلت بها.. درست في مدرسة امدرمان المهنية ثم ذهبت الى بريطانيا وتحولت الى دراسة الإدارة ثم التحقت بجامعة ليفربول بولي تكنك ثم ساينس كولج ثم عدت وعملت بالمملكة السعودية في مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية ومازلت اعمل به وكنت اذهب إلى السودان ثلاث مرات في العام. ما الذي دفعك إلى الهجرة؟ كعادة كل السودانيين الذين يطمحون لصنع مستقبل افضل لحياتهم وخلق فرص اكثر وكانت الهجرة من اجل الدراسة في البداية وتعاقبت الظروف واجبرتني ان اعمل لفترة وادرس فترة الى ان اتمكن من تحقيق ما اريده وانا الآن راضٍ عما حققته في مسرتي مع الغربة. ماذا اخذت منك الغربة؟ الغربة ثمنها غالٍ جدًا ولكن اذا استطاع الانسان ان يسخر هذه الغربة لشيء مفيد، وانا استفدت منها في عدة اشياء اولاً: تعلمت بعض اللغات والتحقت بمدارس وجامعات وهذه هي ثمرة حصادي وثانيًا كما نصحنا الرسول «ص» بالاسفار فإن فيها «5» فوائد فتحققت لي هذه الفوائد، لكن اذا اراد الإنسان ان يضيع نفسه في شيء غير مفيد بالطبع يمكن ذلك، والغربة خسارتها اكثر من فوائدها حسب وجهة نظري. هل كنت تنوي قطع هذه الغربة؟ الحقيقة أنا عدت الى السودان من المملكة العربية السعودية بعد غربتي الأولى سنة «1984» وتحولت لمجال الاعمال الحرة ثم دخلت السوق وعملت به لفترة عامين فخسرت كل ما املك فقررت الرجوع مرة اخرى الى السعودية ومازلت اعمل هنالك ولا يمكنني القول ان السودان اصبح جاذبًا في هذه الفترة بل اقول بكل اسف ان السودان مازال طاردًا للشباب وللكهول امثالنا، واعتقد ان الذين لا يعملون في السودان اكثر من الذين يعملون لأن فرص العمل ضعيفة وهذه هي الحقيقة المُرة. كيف هي الغربة الآن بنظرك؟ بامكان الغربة ان تحقق الكثير وفي زمننا كانت وسائل النقل والتأشيرات سهلة لكن الآن تعقدت هذه الامور والتأشيرات واي انسان يحمل جوازًا مكتوبًا من اليمين الى اليسار بالعربية غير مقبول ان يذهب الى اي بلد وحتى لو ذهب ينظر اليه الآخرون بنظرة غريبة، واظن ان السودانيين تغيرت ظروفهم المعيشية وغالبًا ما تكون هجرة السوداني من اجل المادة وليس طلبًا للعلم في معظم الأحيان، وهذه حقيقة الغربة، وانصح الشباب بالسفر من اجل التعليم وزيادة الخبرات وفتح العقول، ولهذا فإن الذي يغادر السودان دون هدف او وجهة محددة حتمًا سيعود خاوي الوفاض. اكثر المواقف التي اثرت فيك وانت في الغربة؟ المواقف كثيرة جدًا منها عندما قالوا لنا ان الهجرة مفتوحة الى المانيا وسافرنا انا وصديقي محمد محجوب من المملكة الى المانيا عن طريق الاردن ثم سوريا ثم لبنان ثم سوريا ثم تركيا ومنها الى اليونان.. خرجنا من السعودية عبر العربات التي كانت آنذاك تنقل الخضر والفواكه من سوريا الى السعودية وعندما وصلنا الى الحدود السورية اللبنانية ثم سافرنا الى لبنان برفقة مجموعة من السودانيين رجعنا ادراجنا الى سوريا ثم اخذنا قطارًا من حلب الى اسطنبول في تركيا، وعندما وصلنا الى اسطنبول كانت المفاجأة حيث رفضت السلطات دخولنا اليونان الا بعد دفع مبلغ الف دولار وهذا ما لم يكن باستطاعتنا واصبحنا ننام على الطرقات داخل تركيا حتى ارسل الله لنا رجلاً يتحدث العربية واخبرنا بأنه كان طالبًا في الازهر الشريف بمصر ثم بعد ذلك قال لنا انه وكيل سفريات الى اليونان وباستطاعته ان يدبر لنا السفر الى اليونان فتم ذلك حتى وصلنا محطة اثينا وفي اليوم التالي ذهبنا الى السفارةالالمانية ومنها الى المانيا فأتيحت لي فرصة العمل في أحد مصانع الصابون ومن تلك اللحظة بدأنا نغسل اجسادنا بالصابون والبودرة الحارقة حتى احترق شعري وفقدت «90%» منه في ذلك المصنع فعملت لفترة ثلاثة اشهر وبعدها تعاقبت الأشياء فقررت السفر الى بريطانيا وبدأت الدراسة وهكذا الحياة طويلة.