من أكبر المشكلات التي تؤرق مضاجع المغتربين هي كيفية استثمار أموالهم في مشروعات تؤمن لهم ولأسرهم مصدر دخل يكفيهم شر العنت والمشقة ويؤمن لهم مستوى معيشة محترمة عند عودتهم. وكثير من المغتربين لُدغوا من جحر هذه الاستثمارات حيث ذهبت جهودهم أدراج الرياح في مشروعات ضاعت بفعل غياب المعلومة الصحيحة عن اتجاهات السوق والاستثمارات. لذلك لجأ الكثير منهم إلى دفن أموالهم في الأراضي وهي كما يقولون أكثر الاستثمارات المضمونة في ظل الوضع القائم الآن حيث لا تحتاج إلى من يتابعها وعائدها مضمون وإن كان مؤجلاً ولكنه في النهاية استثمار لا توجد فيه مخاطر ولا عقبات.. والمغتربون هنا يتداولون الحديث عن فشل الاستثمارات في كثير من المجالات سواء كانت استثمار في مشروعات زراعية أو صناعية أو نقل أو غيرها لأن مثل هذه المشروعات تحتاج إلى المتابعة اللصيقة ولشخص متفرغ لها وهذا ما لا يضمنه المغترب من أحد حيث في السودان الجميع مشغولون والظروف الصعبة شغلت الناس وجعلتهم يهرولون في طريق الرزق.. لذلك لجأ جلهم إلى الاستثمار في مجال شراء المنازل وتأجيرها أو شراء أراضٍ وتركها للزمن.. ومثل هذه الاستثمارات بلا شك لا تفيد الحكومة والوطن بالكثير ولكن يرجع السبب الرئيس في هذا للدولة نفسها التي تغالي في فرض الرسوم والجبايات من زكاة وضرائب ورسوم خدمات وغيرها على أي مشروع حتى وإن كان خدميًا ويصب في مصلحة المواطن وتغرس فيه إسفين الفشل ليموت وتترك المغترب يتجرع غصة الألم، كما أن بعد المغترب من بلده سبب أساس في فشل هذه المشروعات خاصة في زمن أصبحت فيه الأمانة مثل العنقاء والغول والخل الوفي.. وكان يمكن للحكومة أن تشجع المغترب على الاستثمار في مشروعات تسهم في دفع عجلة التنمية إلى الأمام بإعفاء مشروعاتهم من الضرائب والرسوم لإيجاد الأرضية الصالحة لنمو مثل هذه المشروعات.. وللأسف فإن الحكومة لم تستطع الاستفادة القصوى من مدخرات المغتربين بالرغم من أنها تعاني نقصًا حادًا في العملة الصعبة، وقد قلنا من قبل إن الحكومة يمكن لها أن تغري المغترب لتحويل عملته الصعبة عبر الصرافات الحكومية بدلاً عن تجار السوق الأسود الذين ينتشرون في كل بلاد العالم، وذلك بإغرائه بإعفاء سيارته أو عفشه أو مواد بنائه من الجمارك إذا حول مثلاً في العام عشرة آلاف دولار أو أقل وبهذا تستطيع أن تستقطب هذه الأموال الضخمة إلى خزينتها.