يُحكى أن أحد الواهمين كان يسير وهو سارح مع وهمه فاصطدم برجل مجنون ولم يكترث له، وبعد أن زال وهمه رجع يعتذر منه فرد عليه المجنون ولا يهمك كلنا بدينا كدة، فالواهمون الذين هم في بداية المرحلة ظنوا أنهم أفاقوا من سباتهم العميق وكأنهم لم يلبثوا فيه إلا يومًا أو بعض يوم بل هما عقدان ونيف من السنين، ثم بعثوا مناديًا ينادي في الشعب ويدعوهم للخروج عن الحكومة، وليكون الشعب هو براقهم الذي يوصلهم إلى باب القصر ثم يتركوا هذا الشعب خارجه يعاني شظف العيش بينما هم في داخله منشغلون بتقسيم الحقائب الوزارية ولم يكن همّ هذا الشعب حاضراً لديهم وكبيرهم يرمي بقلمه بأن تكون المالية والنفط من نصيب حزبه.. الواهمون الذين لم يتفقوا فيما بينهم على تسمية رئيس حكومة الوهم التي رآها كبيرهم الانتقالي في منامه وطلب منهم أن يفتوه في هذه الرؤية فقال الذي ليس لديه علم بكتاب الإنقاذ من الإنجاز أنها بداية ثورة الربيع العربي السوداني، وهو يدرك قبل غيره أن مناخ الشارع السوداني الذي يعول عليه حار جاف على المعارضة ودافئ ممطر على الحكومة.. ولا أدري هل ظن قادة معارضة اليوم وحكام الأمس أن ذاكرة التاريخ والشعب سوف تنسى خطاب كبيرهم الزينة أمام أعضاء الجمعية التأسيسية الذين احتشدوا ضحى أنه يريد تعويضات آل بيته التي قدرها حينها بخمسة وثلاثين مليونًا وهو أكثرالعارفين حينها بأن خزينة الدولة خاوية على عروشها ناسياً أو متناسياً المشكلات الكثيرة التي كانت البلاد غارقة فيها فأخذ ينقب عن حقوقه الخاصة في تجاهل تام لمطالب الغبش ومشكلاتهم وهم يمنون أنفسهم بمناقشتها وإيجاد الحلول لها، هذا هو حال قادة المعارضة عندما كانوا يحكمون هذا السودان، هم من جعل أهله يصطفون آنذاك لساعات طوال من أجل الحصول على بضع رغيفات لا يقمن صلب هذا الشعب بينما اليوم يزدحم السوق بعشرات الأصناف منه فمعارضة اليوم والتي اشتعل رأسها شيباً ووهن عظمها لا يُرجى منها وعد إن شاء الله سوف يشيع الشعب نعشها إلى مثواه الأخير وينتهي مأتمها بانتهاء مراسم دفنها، بعد أن اختاروا بأيديهم هذا المصير ببعدهم عن هموم الشارع والمواطن وضبابية موقفهم في القضايا الوطنية.